بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 مايو 2010

حكم عدم التصويت في الانتخابات

هل الإدلاء بالتصويت في الانتخابات أمرٌ ضروريٌّ أو أن قيام البعض به ينوب عن الآخرين؟!
* يجيب عن السؤال: فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الرحمن البرّ- أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين بالمنصورة جامعة الأزهر الشريف:
إن الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
من واجب المسلم الذي يعيش في أي مجتمع أن يُسهم إيجابيًّا في حل قضايا هذا المجتمع بحسب وجهة نظره الإسلامية، وبالتالي إذا أُتيح له الفرصة في انتخاب النواب الذين ينوبون عن الأمة في المسائل التشريعية واختيار الحكومة وإعطاء الثقة لها أو نزعها منها وفي درء المفاسد عن الأمة وغير هذا من المصالح المترتبة عن دخول النواب؛ فإن وجهة النظر الشرعية بأنها فرصة لا يجب تضييعها.

وإذا تخلَّف المسلم عن المشاركة في هذا الأمر فقد قصَّر في أداء واجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ الذي أوجبه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "من رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده؛ فإن لم يستطِع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه".

وإن من أهم وسائل إنكار المنكر أن ينكره النائب عن الأمة الذي يتلقَّى الناس عادةً وتتلقَّى الحكومات وذوو الرأي كلامه بالقبول، وتنشره وسائل الإعلام على كل صعيد.

ومن ثم كانت المشاركة في الانتخابات إدلاءً للصوت نوعًا من الجهاد الأكبر؛ لأن فيها جهدًا كبيرًا يُبذل لخدمة لإسلام والوطن وسائر الناس أجمعين، وفيها كذلك رفعٌ لبعض الضرر عن الأمة، وكذلك إزالة بعض المنكرات من حياتها ضمن الحدود التي يستطيعها النائب الذي يتقدم إلى ذلك المجلس التشريعي.

والمشاركة في الانتخابات جهاد أكبر؛ لأنها فريضة الوقت، فقضية الإسلام اليوم هي انحراف كثير من الحكومات عن دين الله تعالى، وعن شريعة الحق، وشيوع الفساد في كثير من جوانب الحياة في مجالات الدولة، والجهاد الأكبر هو في إصلاحهم والاستبدال بهم، والمشاركة في الانتخابات هي الوسيلة المعاصرة الآمنة التي تدخل في حدود الاستطاعة، والذي لا يشارك في الانتخابات يفوته القيام بهذا الواجب، وإن كان يقوم بواجبات أخرى لكنها ليست بديلةً فيما نرى عن المشاركة في الانتخابات، وأية أنشطة أخرى لا تزيل عن المتخلِّف إثمَ التخلُّف عن هذه المشاركة، فالقائم بهذا الأمر له أجرُه والمتخلِّف عليه إثمه، والله يقول تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)﴾ (الأنبياء).

الجمعة، 28 مايو 2010

باب الاستخارة والمشاورة

قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}.. (سورة آل عمران الآية 159).
وقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}.. (سورة الشورى من الآية 38).
الاستخارة أي سؤال خير الأمرين والتوفيق له، أما المشاورة فهي للغير عند إرادة شيء ما.
عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به قال: ويسمي حاجته رواه البخاري.
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة) أي طلب الخيرة: أي يعلمهم كيفيته من صلاة ودعاء.
(في الأمور كلها) التي يريد الإقدام عليها بشرط أن تكون مباحة.
(كالسورة من القرآن) أي تعليمها كتعليم السورة، وهذا فيه بيان إتقانه للذكر وعدم اشتباهه عليه.
(يقول:إذا هم أحدكم بالأمر) الجائز فعلاً أو تركًا.
(فليركع) ندبًا.
(ركعتين) بيان لأقل ما تحصل به.
(من غير الفريضة) بيان للأكمل وإلا فيحصل فضلها بما إذا صلى فريضة أو راتبة ونوى بها الاستخارة.
(ثم ليقل) أي عقب فراغه من الصلاة مستقبل القبلة رافعًا يديه بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ هما سنتان في كل دعاء.
(اللهم إني أستخيرك بعلمك) أي أسألك أن تشرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك بكيفيات الأمور وجزئياتها.
(وأستقدرك بقدرتك) أي أسأل منك أن تقدرني على خير الأمرين.
(وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر) على كل ممكن تعلقت به إرادتك.
(ولا أقدر وتعلم) كل شيء كلي وجزئي وممكن وغيره.
(ولا أعلم) أي شيء من ذلك إلا ما علمتني.
(وأنت علام الغيوب) لا يشذ عن علمك منها شيء ولا يحيط أحد من خلقك منها بشيء إلا ما علمته باطلاع على جزئياتها.
(اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر) أي الذي عزمت عليه.
(خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري) بأن لا يترتب عليه نقص ديني ولا دنيوي.
(أو) شك من الراوي.
(قال:عاجل أمري وآجله) هذا إطناب لشمول ديني ومعاشي لذلك.
(فاقدره لي) أي اقض به وهيئه لي.
(ويسره لي) عطف تفسير أو أخص؛ إذ الإقدار قد يكون نوع مشقة.
(ثم) إذا حصل لي.
(بارك لي فيه) بنموه ونمو آثاره وسلامتها من جميع القواطع.
(وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه) صرح به للمبالغة والتأكيد لأنه يلزم من صرفه عنك صرفك عنه وعكسه، ويصح كونه تأسيسًا بأن يراد بإصرفه عني: لا تقدرني عليه، وبإصرفني عنه: لا تبق في باطني اشتغالاً به. (واقدر لي الخير) أي ما فيه ثواب ورضا منك على فاعله.
(حيث كان) أي قدرني على فعله في أي مكان وأي زمان حصل.
(ثم أرضني به) حتى لا أزدري شيئًا من نعمك ولا أحسد أحدًا من خلقك، وحتى أندرج في سلك الراضين الممدوحين بقولك {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}.
(ويسمي حاجته) عطف على فليقل، أي فليقل ذلك مسميًا حاجته فيقول: اللهم إن كنت تعلم أن حجي هذا العام مثلاً.
المصدر

الأحد، 23 مايو 2010

المرشد العام يكتب: الإسلام هو الحل.. فما الإسلام؟ وكيف يكون الحل؟[23/05/2010][13:19 مكة المكرمة]


شعارٌ وفَّقنا الله لحمل أمانته، وهي ثقيلة كرمز جامع مانع أثناء الحملة الانتخابية، وهو يعبِّر عن مشروعنا أدق تعبير؛ ولكنه يحتاج إلى تفصيل لما أجمله وشروح لما تضمنه..وابتداءً.. يجب تحرير المصطلح كما يقول العلماء؛ فما الإسلام الذي هو الحل؟

سؤال قد يبدو غريبًا حتى على المسلمين أنفسهم، ولكن اعذرونا، فقد هُوجمنا بأسئلة أبسط ما يُقال عنها إنها عدم فهم لهذا الدين الرباني الشامل؛ لذلك احتاج النهار إلى دليل.

الإسلام: ليس منهجًا بشريًّا، ولكنه منهج رباني أنزله مَنْ خلق النفس البشرية، ويعلم ما يصلح لها وما يصلحها ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)﴾ (الملك).. وأستدرك فأقول: إن المقدس فيه هو العقيدة وأصول الشريعة والأخلاق والمعاملات.. أما الفروع فهي تسمح بتعدد الآراء والاجتهادات، بل والنيات حسب الظروف والأحوال الخاصة والعامة، وترحب بالصالح النافع من كل مصدر إسلامي أو غير إسلامي "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها" كما قال صلى الله عليه وسلم، كذلك لا توجد قداسة أو عصمة لبشر مهما بلغت درجته في المسئولية الدينية أو الحكومية أو الرئاسية، وليس معنى الإسلام هو الحل أن نخلط الفروع بالأصول والثوابت بالمتغيرات "نثبت المتغير فيحدث الجمود " أو "تغير الثابت فيحدث التحلل من القواعد والقيم"، وهذا أكثر ما وقع فيه بعض الجماعات قديمًا وكثير من الإعلاميين والصحفيين حديثًا.

وقد أوجزها وأجملها- وما أجملها- كلمة قالها الصحابي الجليل الحباب بن المنذر رضي الله عنه لمن هو خير مني ومنك ومن كل الرؤساء والزعماء والقادة (أهو منزل أنزلكه الله؟!) أي ثابت من الثوابت ليس مجالاً للرأي؟ (أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟) أي متغير من المتغيرات يسمح فيه بالاجتهاد والاقتراح حسب ضوابط الأصول؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة"، أي شجعه على إبداء الرأي الذي هو فعلاً قد جهَّزه وجاء به- وهذه إيجابية ذاتية رائعة- وأذن ووافق على التعديل والتغيير ليكتمل التشريع بالتطبيق، وأمر بتنفيذه فورًا، وكان بفضل الله أحد أسباب النصر في غزوة بدر الكبرى.

والذين يدَّعون بأن حكمَ الإسلام حكمُ حكومة دينية، كلام وزرائها مقدس، لا يقبلون نصيحة، ويرفعون في وجه كل مخالف لهم في الرأي سيفًا معنويًّا بأن كلامنا بالآية والحديث أي لا نقبل نصيحة ولا توجيهًا.. هؤلاء مخطئون أو متعمدون لا يخوِّفون غير المسلمين بل المسلمين أنفسهم؛ عن التحاكم لشرع الله الذي قال عنه رب العزة: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)﴾ (النساء).

هؤلاء قال الله عز وجل عنهم: ﴿أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50)﴾ (النور)، أما الاجتهاد البشري فصوابٌ يحتمل الخطأ، أو حتى خطأ يحتمل الصواب.

زاوية عدم الفهم الثانية عن الإسلام، فهي أنه كلما ذكر الحكم بالإسلام كمنهاج حياة يشمل مظاهر الحياة جميعًا؛ تبادر إلى الذهن من كثرة التشويه المتعمد والتطبيق الخاطئ أنه دين الحدود وقطع يد السارق ورجم الزاني.. أليس هذا هو فهم الشريعة الإسلامية؟! ويعلم الله إنه لفهم قاصر ظالم لدين أنزله الله رحمة للعالمين، أي لكل الكائنات للإنس مؤمنهم وغير مؤمنهم، وللجن مؤمنهم وغير مؤمنهم؛ رحمةً للحيوانات وللطيور والنبات بل والجماد.

فإن الشريعة الغراء السمحة هي التي تقضي أول ما تقضي بتربية الإنسان على قيم وفضائل ثابتة، لا تخضع للأهواء ولا للأزمنة ولا للأمكنة.. وعندما يوجد الإنسان الصالح توجد معه كل أسباب النجاح، وأول قيم بناء الإنسان عبوديته لله (ولله وحده)، وتحريره من كل عبودية لغير الله، فلا يخاف إلا الله فينطلق في الكون يعمِّره ولا يخربه، يصلحه ولا يفسده.

ويكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سياجَ المجتمع كله؛ لحماية هذا الإنسان من نفسه وشيطانه، ومن هنا يبدأ الانتماء للمجتمع الذي يحرص على أبنائه ويحرص أبناؤه عليه.

اسمع قول الله عز وجل: ﴿وَاللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)﴾ (النساء).

أليست هي الشرعية التي خاطبت الأسرى من الكفار ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ اللَّـهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (70)﴾ (الأنفال)؟

أليست هي الشريعة التي تفرض على ثلاثة رأوا رجلاً وامرأة يزنيان رأي العين أن يستروا عليهما، وإذا تحدثوا بذلك عُوقبوا هم؟!!

أليست هي الشريعة التي قررت حرمة النفس البشرية وحرمة المال وحرمة العقل وحرمة العرض، وانظروا إلى أهمية الحرمة، أي إن هذا تحريم إلهي، ليس قرارًا بشريًّا بحماية أو بصيانة هذه الحقوق للغير، وهذا المناخ الإسلامي الطاهر سيعيش فيه، ويتمتع به كل من يستظل بظله، كما حدث بشهادة حتى غير المسلمين.

لقد عاش المسلمون والنصارى بل واليهود (الذين نعاني ويعاني إخواننا المسلمون منهم كل هذه المعاناة)، عاشوا في كنف عدل ورحمة الإسلام، وما زالت إحدى عشرة آية في القرآن تبرِّئ يهوديًّا مظلومًا، وتتهم مسلمًا ظالمًا؛ نتعبد بها إلى يوم القيامة.

وبعد ذلك تأتي الحدود التي وضعها تشريع الله لنا لعلاج حالات الانحراف الفردية؛ لأن البشر ليسوا ملائكة، ولقد حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه ما يستوجب إقامة الحدود، ولكن من نفوس لوامة رجاعة إذا أخطأت اعترفت، فما احتاجت لكل هذه الرقابة الأمنية التي لا تجدي، بل إلى رقابة الضمير وتأنيبه؛ فجاءت هي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتطلب التطهير، وانظروا إلى قول السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان أول ما نزل من القرآن أن ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى ربهم نزلت آيات الحلال والحرام، ولو كان أول ما نزل من القرآن لا تقربوا الزنا لقال الناس لا ندع الزنا أبدًا".

وقضية ثالثة: أَعْتبرُها أمَّ المشكلات التي يعاني منها المجتمع وحلها هو الحل الجذري الناجع بإذن الله؛ ألا وهي اختيار القيادات، فهي ليست عملاً سياسيًّا ولا سياديًّا، ولكنها عبادة نتدرب عليها في المسجد عندما نتعلم صلاة الجماعة لاختيار الإمام وأولي الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا تدريب المجتمع كله على اختيار القيادات الصالحة؛ لأننا باختيارنا لها نستجلب رحمات الله علينا وعليها ونضيف صلاحها إلى صلاحنا.. أما إذا حدث العكس كما حدث ويحدث فستجلب هذه العناصر الفاسدة من هم على شاكلتها، فالطيور على أشكالها تقع، ويصبح الفساد ليس ظاهرة أخلاقية فردية، بل عملاً منظمًا تقوم به هياكل من أصحاب المصالح تحرص على بقاء الفساد؛ لأنها منتفعة به، وتحرص على انتشاره ورواجه ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ (النور: من الآية 19)؛ حتى لا يكونوا هم وحدهم الشواذ الغريبين في المجتمع، وهذا أسوأ صور الفساد من لوبي الفساد المنظم من أصحاب المصالح، وفي هذا الصدد حديث جامع شديد التحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم "من استعمل على قوم رجلاً وهو يعلم أن فيهم من هو أرضى لله منه؛ فقد خان الله ورسوله وأمانة المسلمين"، وهذه تعتبر خيانة عظمى بمفهوم العصر الحديث.

وقد قال الخليفة الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي وضع قواعد الإدارة العامة والمتابعة، كما لم تُوضع من قبل ولا من بعد أسس لها: "أرأيتم لو أني عمدت إلى خيركم فوليته عليكم أكنت قد أديت ما عليّ؟ قالوا نعم يا أمير المؤمنين.. قال لا والله حتى أنظر ماذا يصنع..."!!!.

ويكفي أن نعلم أن واحدًا فقط من هؤلاء المفسدين المحميين بلوبي الفساد هرب بعد أن سرق مليارًا من الجنيهات بضمانات شفهية، وتمَّ التستر عليه بعد هروبه وحتى الآن من هذا اللوبي صاحب المصلحة، فكم يعالج هذا المليار من المشكلات ويحل من الأزمات؟ وأيضًا بدلاً من أن ننفق المليارات على علاج الفشلَيْن- الذين انضموا إلى مجموعات الفشل- الكبدي والكلوي والسرطانات المستعصية على العلاج، ألم يكن الأولى والأجدى أن نمنع وصول هذا المفسد الذي تولى وسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد؟! لأن درهم وقاية خير من قنطار علاج، وقد تمت عشرات الإنذارات وبحت آلاف الأصوات المحذرة من ذلك "فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد"، وهذا الدرس المؤلم يجعلنا ننتبه ونقف صفًّا واحدًا لإبعاد باقي الفاسدين المفسدين "فنحن وهم في سفينة واحدة يريدون أن يغرقوها"، وإلا فسنظل ننفق المليارات على علاج آثار فسادهم وإفسادهم بلا جدوى.

وفي المقابل ألم يُمنع أهل الصلاح من تولي المسئوليات التربوية، وتم إحالة عشرات الآلاف منهم إلى أعمال إدارية، وأصدرت المحاكم آلاف الأحكام لبطلان قرارات إحالتهم هذه، وحرمان أبنائنا من تربية أهل الصلاح.. ألم يُحبس شباب الجماعات الإسلامية ظلمًا وعدوانًا بلا جريرة، وصدرت لهم عشرات بل مئات أحكام الإفراج ولم تُنفذ، ولم تحترم أحكام القضاء؟! ولعن الله قومًا ضاع الحق بينهم، بل مات منهم العشرات في السجون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل نفس مؤمنة"؛ مصداقًا لقول الله عز وجل: ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (المائدة: من الآية 32).

ألم تُصدر مشروعات اجتماعية واقتصادية كانت تساهم في حل الكثير من مشكلات البطالة وأمراض المجتمع بجهود ذاتية تطوعية ابتغاء مرضاة الله، بحجة أن أصحابها من الإخوان المسلمين؛ ما دفع الكثيرين من أهل الخير والصلاح أن يحجموا عن إنشاء مثل هذه المشروعات الخيرية فتفاقمت المشاكل.. افتحوا أبواب الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، حسب ضوابط ثوابتنا الأصيلة، يحمل الناس معك هموم ومشاكل الوطن والمواطن.

بقيت نقطة أخيرة تساءل بها الكثيرون بحسن نية أو بغيرها، وهي نقطة الخلافات الفقهية وأي إسلام تريدون تطبيقه، وقد تعددت الأشكال والفتاوى، واختار الناس أين الصواب وأين الخطأ، بل أين الحق وأين الباطل؟!

والحل سهل إذا خلصت النيات، ولزم كل واحد حدوده، وسألنا أهل الذكر إن كنا لا نعلم، إن عودة أوقاف الأزهر بل والأوقاف الإسلامية عامة حلٌّ جذريٌّ لتحرير الأزهر وعلمائه، وعدم تبديل وصية المسلمين الذين أوقفوا هذه الأوقاف ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)﴾ (البقرة)، يتحرر علماء الأزهر، خاصة المسئولين منهم؛ من سلطان الدولة والوظيفة والراتب، وتُختار قيادته بالانتخاب من أهل العلم والورع والتقوى، وهم بفضل الله في مصر كثيرون، ويضم إليهم لجنة من إخوانهم المشهود لهم في باقي الدول الإسلامية، وتُعرض عليهم القضايا الخلافية والمستجدات التي تحتاج إلى اجتهاد، ويجعلون أمرهم وأمر أمتهم شورى بينهم، ويتفقون على الاختيار الفقهي الأصوب، أو يفتحون باب الاختيار لتعدد الصواب؛ عندها نسمع قول الله عز وجل ودعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تلاوة الآية يتردَّد في أسماع الدنيا ﴿قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)﴾ (الزمر)، (اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)...

أما قضية عالمية الإسلام، وكونها حلاًّ لهوان الأمة العربية والإسلامية، فكما أعزها الله به قديمًا فلن يعزها حديثًا إلا به ولهذا لقاء آخر.. جعلنا الله وإياكم هداة مهديين، وولَّى أمورنا خيارنا، وفتح بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين... آمين.

الخميس، 20 مايو 2010

د.بديع في ذكرى التلمساني

أليس الصبح بقريب؟

أليس الصبح بقريب؟

رسالة من: د. محمد بديع- المرشد العام للإخوان المسلمين
فلسطين قلب الأمة:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد..
فقد كانت فلسطين ولا تزال محورَ الصراع العالمي منذ أن فتح الله القدسَ وتسلم مفاتيحَها عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، منذ ذلك الوقت وأعداء الأمة يديرون الصراع من وقت لآخر، همُّهم وهدفُهم أن يُخرجوا أهل فلسطين مرَّةً أخرى من الأرض التي بارك الله حولها.

حاول الصليبيون في حروب صليبية استمرت قرابة قرنين من الزمان، ذهبوا بعدها كما ذهب غيرهم من الظالمين، ثم جاءت العصابات الصهيونية التي غرسها الغربُ الاستعماريُّ في قلب الأمة في فلسطين، وعملوا على تفريغها من أهلها، والاستيلاء على ممتلكاتهم مسلمينَ ومسيحيينَ وتهديد مقدساتهم.

الكيان الصهيوني لا يمكنه البقاء إلا بحبل من الناس:
الحقيقةُ أن الصهاينةَ أذلُّ وأضعف من أن يكونوا قوةً لا تُقهر، كما يحاولون أن يروِّجوا لأنفسهم ويروِّج لهم المنهزمون نفسيًّا من بني جلدتنا، وقد وصف القرآن الكريم جُبْنَهم وصفًا واضحًا ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ﴾ (آل عمران: من الآية 112).

ولولا هذا الحبل من الناس المذكور في القرآن لكان للأمة مع هذا الكيان اللقيط شأنٌ آخر، فما هذا الحبل من الناس؟ إنه اسم جنس يأخذ صورًا متعددةً:
1- أول ذلك: حبل أعداء الإسلام قاطبة، فالدولة الصهيونية لا تملك مقومات الدولة المستقرة الآمنة، وإنما تعتمد على الدعم المعنوي، والسياسي، والإعلامي، والاقتصادي، والعسكري من الغرب والشرق، والأموال تُصبُّ على الكيان الصهيوني صبًّا، والمواقف السياسية الظالمة المدافعة عنهم تُعلن علنًا، وهذا سببٌ عظيمٌ من أسباب قوتهم وبقائهم، رغم ضعف بنيانهم، وجُبْن نفوسهم، ورغم كثير من مشكلاتهم.

لقد رأينا وعد "بلفور" الذي أعطاه من لا يملك لمن لا يستحق، ورأينا تدريبهم في كتائب جيوش الحلفاء في الحرب الثانية، ورأينا المسارعة الأمريكية والسوفيتية بالاعتراف بدولتهم قبل مرور ثلاث دقائق على إعلانها، إلى غير ذلك من صور الدعم العسكري والسياسي اللا محدود.

ولكن مهما بدا حبل أمريكا وأوروبا لهم ممدودًا طويلاً فإنه لا يلبث أن ينقطع ليرجعوا إلى ما كتبه الله عليهم من الذلة والمسكنة والعجز بإذن الله؛ بسبب ما يرتكبون من مظالم ومخازٍ يندى لها جبين الإنسانية.

2- أما الحبل الثاني- للأسف- فهو حبل الضعف والخور والذل والخنوع وزعزعة اليقين والإيمان في نفوس العرب والمسلمين، ثم ما نشأ عنه من ممالأة ومداهنة بعض أنظمة الحكم لهم، بل المعاونة والاشتراك معهم في بعض جرائمهم، بل الأخطر من ذلك تسويق التصور الخاطئ بأن الصهاينة المغتصبين يمكن أن يتم التعايش معهم فعلاً، في الوقت الذي يكشف لنا القرآن العظيم ما يؤكده الواقع المشاهد- فضلاً عن التاريخ البعيد والقريب- عن طبيعتهم وحقيقة مشاعرهم تجاهنا ﴿هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)﴾ (آل عمران).

فضلاً عن دأبهم في تبادل الأدوار في نقض العهود ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (100)﴾ (البقرة)، ولكن بعض العرب لا يتعظون ولا يتعلمون ولا يعقلون.

الكيان الصهيوني إلى زوال:
إن هذا العلو الصهيوني مؤقت، وهو استثناء من القاعدة، ولو تُركوا لأنفسهم دون حبل من الناس لعادوا إلى طبيعتهم من الذلة والمسكنة, والضعف والعجز، فهم لم يظهروا على أمتنا بقوة ذاتية فيهم، بل ما انتصروا إلا بضعفنا وخورنا، وقد قيل: إذا وضعت يدك على جدار متصدع فسقط فليس ذلك دليلاً على قوة اليد، بل هو من تصدع الجدار.

لقد كشف القرآن عن جُبنهم في وضوح فاضح ﴿لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنْ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13) لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ (الحشر).

وكلما أتيح للمجاهدين من أبناء الأمة أن يدخلوا حربًا حقيقيةً معهم لم يثبتوا أمام جنود الحق ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111)﴾ (آل عمران)، وما فعله ويفعله أحفاد البنا والقسّام وأبناء ياسين والرنتيسي وكل قوى المعارضة الأطهار الأبرار مع العدو الصهيوني من أقوى البراهين المعاصرة على نهاية هذا العلو، وتعرية المزاعم بقوة الكيان الصهيوني التي لا تُقهر!.

الطريق إلى إنقاذ القدس وفلسطين:
لا شك أن صبحَ النصر قريبٌ، وساعة الخلاص من هذا الجسد الغريب المغروس ظلمًا في قلب أمتنا آتيةٌ لا ريب فيها، بعد أن بدأت الأمة تستعيد وعيها، وصارت جماهير الأمة في كلِّ مكان قادرةً على تمييز الطيب من الخبيث، ولن يكون من السهل على الأنظمة المتخاذلة أن تستمر كثيرًا في تضليل الجماهير، بعد أن انكشف في جنوب لبنان وغزة أن النمر الصهيوني هو نمر من ورق، لكن علينا:
1- البدء بعملية التغيير في نفوسنا أولاً, ببناء إنسان العقيدة المسلم, الذي يُحقق العبودية لله تعالى في نفسه، ويثق بوعد الله، فترتبط الأمة بالله تعالى ارتباطًا إيمانيًّا قويًّا ثابتًا، تستمدّ من قوته قوةً تزيل ضعفها، ومن عزَّته عزةً تَذهب بذلَّتها، ومن إرادته إرادةً تقوِّي بها عزيمتها وتتغلَّب بها على عجزها، وتواجه الطابور الخامس من المثبطين والمخذلين، وبهذا الأساس الصلب يستطيع جيل النصر إنقاذ بيت المقدس, وذلك هو الوصف الذي وصف به النبي صلى الله عليه وسلم جيل النصر حين قال: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ" (مسلم).

يا مسلم.. يا عبد الله.. فلا يحقق وعدَ الله إلا مسلمٌ استحق وصف العبودية الخالصة لله، وسبيل ذلك: التربية المتوازنة على العقيدة الصافية التي لا تكدرها شائبة, وعلى الإسلام الشامل، دون تجزئة, أو نسيان حظ مما ذُكِّرْنا به.

2- السعي الدءوب لوحدة الأمة على كلمة سواء ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: من الآية 103)، وقد أثبت الإسلام صلاحيته لتوحيد شعوب مترامية المسكن, مختلفة الأجناس, صَهَرَهم في بوتقة واحدة, وأبدع بهم حضارة أسعدت الشرق والغرب، ونشرت الخير في الدنيا، وحفظت الحقوق العربية والإسلامية.

ولنا في تاريخنا الوسيط العبرة والدرس عندما قام صلاح الدين الأيوبي بتحرير القدس وتطهير البلاد من الوجود الصليبي الذي استمر نحو مائتي سنة.

3- دعم ما يقوم به شباب الجهاد في فلسطين من عمليات فدائية، أفزعت الصهاينة، وأقضّت مضاجعهم، حتى أبلغت قلوبهم حناجرهم، وها هم الصهاينة في تراجع، والحق في تقدُّم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ، على عَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ نَاوَأهُم" (لا يضرهم أن إخوانهم يخذلونهم، والدول القريبة منهم تخذلهم، بل تقف ضدهم وتناوئهم)، وهذه بشارة للمجاهدين في أرض الرباط "حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ" (أحمد)، إن دعم أهل القدس بالمال والعتاد وكل صور الدعم واجبٌ مقدسٌ، وليس بالتطبيع مع العدو الصهيوني والسعي إلى ممالأته.

4- السعي إلى كسب رأي عام عالمي شعبي لصالح القضية الفلسطينية، عَبْر شرح أبعاد القضية لشعوب العالم، والعمل مع كافة منظَّمات المجتمع المدني في سائر الدول، والعمل على بناء قاعدة إعلامية قادرة على مواجهة الإعلام الصهيوني المضاد، وهو أمر صار يؤتي أُكُله، وفي هذا الصدد فإننا نحيي الأحرار في أوروبا وفي العالم الذين يقودون حملات شريان الحياة، ويصرُّون على الوصول إلى غزة هاشم، وإعلان الوقوف إلى جوار الفلسطينيين أصحاب الحق.

إن التضحيات العزيزة والدماء الزكية الطاهرة التي قدَّمها شباب فلسطين هي ضريبة النصر القريب بإذن الله ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51)﴾ (الإسراء).
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... والله أكبر ولله الحمد.

الأربعاء، 19 مايو 2010

أخبار الانتخابات

قام رئيس الوحدة المحلية بتكليف حملة لمسح اليفط المكتوبة على الجدران للاستاذ/ حمدى رضوان يوم الثلاثاء الموافق 18/5/2010م
قمنا بتعليق يفطة قماش على مدخل البلد وفام بعضهم بتقطيعها باليل فى نفس اليوم الثلاثاء 18/5/2010م

الثلاثاء، 18 مايو 2010

إلى الأحباب.. مع الإنسان وجهًا لوجه

الإسلام وحرية الإنسان
يتغنى البعض في هذا الزمان ويقول إننا نعيش في عصر حرية الإنسان ورعايته وكرامته، وأنه يعيش في عصر الحصول على الحقوق، ويحظى بالكرامة، وها هي هيئة الأمم المتحدة تضع حقوق الإنسان، وترفع من قدره، وتحفظ له حريته وكرامته.

تسمع هذه الدعاوى الباطلة وغيرها ثم تنظر حولك تبحث عن أثر لهذا الضجيج، وعن واقع يقع عليه بصرك، فلا تجد إلا النقيض وإلا العكس من ذلك تمامًا.

تنظر مثلاً إلى منطقة الشرق الأوسط التي تزعم أنها بلاد الحريات، ومكان كرامة الإنسان التي يتفيؤ الجميع ظلالها، فلا تجد إلا الخيال وإلا الضياع، فالإنسان هنا لا يعرف الأمان ولا يعرف الأمن ولا يعرف الاستقرار من كثرة ما يحيط به من متابعات لا يدري لها معنى، ولا يدرك لها نهاية.

لقد عرفت البشرية الكرامة والحرية الحقيقية، وعاشت في أمان يوم أن وقف سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فوق عرفات يعلن حقوق الناس: فقال: "أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".

وجاء القرآن ليقول في صراحة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾ (الحجرات)، ويقول: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70)﴾ (الإسراء).

ما بال الإنسان وقد كرمه خالقه وأثنى عليه يعيش مطاردًا لا حق له ولا وجود له؟! كأن الله عز وجل يعلن تكريم الإنسان وإعزازه ثم يطلع مخلوق تافه مستبد، فيضطهد من كرمه الله، ويسلب حريته التي خلقها الله معه، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!".

يقول المفسرون في معنى هذه الآية: لقد كرَّم الله هذا المخلوق البشري على كثيرٍ من خلقه، كرَّمه بخلقته على تلك الهيئة بهذه الفطرة التي تجمع بين الطين والنفخة فتجمع بين الأرض والسماء في ذلك الكيان، وكرمه بالاستعدادات التي أودعها فطرته، والتي استأهل بها الخلافة في الأرض.. وكرمه بتسخير القوى الكونية له في الأرض.. وكرَّمه بذلك الاستقبال الفخم الذي استقبله به الوجود، وبذلك الموكب الذي تجمعت فيه الملائكة ويعلن فيه الخالق جل شأنه تكريم هذا الإنسان.

وكرَّمه بإعلان هذا التكريم كله في كتابه المنزل من الملأ الأعلى الباقي في الأرض.. القرآن الكريم، ولقد أقام الإسلام الرسالة الخاتمة للبشرية كلها العلاقات بين أبناء مجتمعه على دعامتين أصليتين:
أولاهما: رعاية الأخوة التي هي الرباط الوثيق بين بعضهم مع بعض.
والثانية: صيانة الحقوق والحرمات التي حماها الإسلام لكل فردٍ منهم من دم وعرض ومال.وكل قول أو عمل أو سلوك فيه عدوان أو ترويع أو نقص من هاتين الدعامتين فالإسلام يحرمه تحريمًا باتًا إلى يوم القيامة.

ولذلك حرَّم الإسلام التجسس والغيبة وتتبع عورات الناس جاء في الحديث: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تتبعوا عورات الناس، فإن مَن تتبع عورات الناس تتبع الله عورته، ومَن تتبع الله عورته فضحه ولو في قاع بيته".

يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)﴾ (الحجرات).

هذه الآية تقيم سياجًا آخر وسورًا مانعًا لكل مَن تسول له نفسه تحت أي اسم أن يتتبع الناس وأن يؤذيهم، تُقيم سياجًا حول حرمات الناس وكراماتهم وحرياتهم، وهي تُعلِّم الناسَ جميعًا وعلى كافة المستويات كيف يطهرون مشاعرهم وضمائرهم.

وليس كل ما يهجس في ضمير إنسان- أيًّا كان- نحو الآخرين مطلوب منه أن يتابع غيره بناءً على هذا الهاجس أو الظن؛ لأنهم لو فعلوا ذلك سيتركون أنفسهم نهبًا لكل ما يهجس فيها حول الآخرين من ظنون وشبهات وشكوك.

والتجسس من الأمور الوضيعة التي لا يأتيها الإنسان إلا وقد هبط عن مستوى البشرية وارتكس وانتكس وخاب وضاع، وهذا العمل الدنيء يقاومه القرآن بعنف، بل يطهر القلوب من هذه الدناءات ومن هذا التدني إلى عالم الحيوان، ومن هذا السقوط والضياع.

أيها العرب.. أيها المسلمون.. أيها الناس أجمعون:
إن للبشرية التي خلقها الله وكرَّمها حريات وكرامات وحرمات لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال أن تُنتهك بأي صورةٍ من الصور إلا في عالم الحيوان الذي سقط في هوة الضلال.

إن طبيعة المجتمع الإسلامي وخصائصه الأساسية أن يعيش الناس آمنين مطمئنين على أنفسهم وأرواحهم وبيوتهم وأعراضهم وكراماتهم وأسرارهم فلا تنتهك أبدًا.

وأمر مهم يجب أن يُعلم وهو: أن دعوى البعض بأنه إنما يفعل ذلك ليتتبع الجريمة وتحقيقها.. وهذا لا يصلح في النظام الإنساني والإسلامي ذريعة أو مبرر للتجسس على الناس؛ فالناس على ظواهرهم وليس لمخلوق كائنًا مَن كان تحت أي مسمى أن يتعقَّب بواطنهم أو يتابعهم أو يرهبهم، وليس لأحد كائنًا من كان أن يأخذهم إلا بما ظهر منهم.

وها هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في مرض الموت يخرج إلى المسجد متكئًا على عمه العباس من شدة المرض ويجلس فوق المنبر ليعلن هذه الحقائق بأعلى صوته.. تسمعه البشرية كلها ويسمعه الحكام قبل البشرية.. وليقف الجميع عند حدودهم يقول صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس من كنت جلدتُ له ظهرًا فهذا ظهري فليجلده، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضي فليشتمه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذه، ولا يخشى الشحناء فإنها ليست من قبلي، ولا يقل أحدكم فضوح الدنيا فإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة"، ويظل على ذلك صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ينادي في المسلمين جميعًا ويعلمهم ويربيهم على احترام حقوق الآخرين.. صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله.. تُقيم دولةً وتنشئ أمةً وتخوض معارك، والناس آمنون على دمائهم وأموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكراماتهم.. ماذا تقول لو كنت بيننا اليوم وأنت ترى عالم الثعابين والحيات والعقارب التي ينهش بعضها بعضًا.. ماذا تقول لنا عن إخواننا في فلسطين كيف تركناهم؟ وحيل بيننا وبينهم، وانفردت بهم الكلاب المسعورة؟ والعجيب أن العالم كله يقف مع المعتدي ويعين الظالم.

لا بأس فالعاقبة للمتقين.. والنصر للمؤمنين ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47).

ما يقع اليوم على الشعوب المغلوبة على أمرها خطير وكبير وعار على الإنسانية- ما الذي جناه المسلمون في أفغانستان، ما الذي ارتكبوه حتى تصادر حرياتهم، وتُباح دماؤهم وأعراضهم إلا أنهم قالوا ربنا الله.. هل الذي يقول: ربي الله يعتبر متطرفًا وخارجًا على القانون؟! تُباح بلدة ويعذب في وطنه، ويقتل جهارًا نهارًا!!

ما الذي جناه المسلمون في كثيرٍ من الدول العربية والإسلامية حتى ينزل بهم ما نزل؟! أين هيئات حقوق الإنسان؟ وأين ذهبت؟ ما معنى أن يتسلط القوى على الضعيف ثم لا يجد مَن يرده.. عفاء على الرجولة في هذا العالم الذي فقد الطريق وضلَّ السبيل، فإذا به يتخبط.

أين حرية المسلمين في أوروبا وأمريكا؟ ما الذي اقترفه النقاب أو الحجاب سوى أنه علامة على حسن الخلق، وعلى أن صاحبته تُحيي مجموعةً من الأخلاق الطيبة التي جاء بها الإسلام؟! هل هذه المحجبة أو المنتقبة تستحق كل هذا التضييق في أمريكا وأوروبا؟ وتصبح خائفةً في بلاد تزعم حرية الإنسان وكرامة الإنسان ثم يتكشف الأمر عن وجوه قبيحة ونفوس دنيئة، وضلال كبير، وفجور زاد على كل الحدود، ما الذي فعلته شهيدة ألمانيا المحجبة؟ وهي ترتدي ملابسها البيضاء التي تدل على نقائها وصفائها وطهارتها؟ هذه مبررات للاحترام والتقدير.. إنما في العالم المريض الساقط المادي المخمور المتعفن تصبح الأخلاق الطاهرة الزكية موضع كراهية وحقد لأن الإنسان المريض يشعر بطعم العسل مرًّا.

والعجيب الذي لا ينتهي منه العجب أنهم في بلادهم يحاربون الحجاب ويحاربون العفة، ويحاربون الطهارة، ويحاربون الرقي الحقيقي للإنسان، ثم يأتون إلى بلادنا عرايا باسم السياحة ولا يقال لهم كتنبيه: أنتم في بلد إسلامي له أخلاقه وله طباعه وله حرماته.

إن المسلم ليصاب بالحيرة وهو يرى هذه المتناقضات وهذه العجائب وتلك الغرائب في كل شيء.

أيها المسلمون.. إن لنا سلاحًا لا يفل أبدًا ولا تنال منه الأيام ولا الليالي؛ سلاحنا هو الحق، والحق باقٍ خالد إلى قيام الساعة.

وفي النهاية ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)﴾ (الأنبياء: 18).

إن من سلاحنا أن نبين للناس جميعًا هذا الدين، ونكشف لهم عن فضائله، ونبلغهم كلمة الله، ورسالة السماء، والحق باق غلاّب، والباطل ذاهب لا بقاء له.

إن من واجب هذا الإسلام علينا جميعًا أن نكون أهلاً لحمل رسالته، وصورة طيبة لأسلافنا رضوان الله عليهم، والذين قال الله فيهم: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)﴾ (الأحزاب).

الخميس، 13 مايو 2010

رسالة إلى العمال في عيدهم.. مايو 2010م


رسالة من د. محمد بديع- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فالعمل في الإسلام سنة الحياة، وقانون الوجود، وطريق السعادة في الدنيا والآخرة، وقد حثَّ الإسلام على العمل والسعي والنشاط والحركة حتى تمضيَ سنة استخلاف الإنسان في الأرض وتعميره لها في يسرٍ وسهولةٍ وفي وضوحٍ وجلاءٍ.

ولقد رفع الإسلام العمل إلى منزلة رفيعة سامية؛ حيث جعل العمل الصالح في المرتبة الثانية بعد الإيمان بالله فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30)﴾ (الكهف).

ولم يفرِّق الإسلام بين العمل الفكري والعمل اليدوي؛ بل اعتبر الأخير أساسًا للحياة وأفضل أنواع الرزق، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، ومما أشارت إليه السنة أن الأنبياء عليهم السلام- مع علوِّ درجتهم- كان العمل طريقهم، فآدم احترف الزراعة، ونوح احترف النجارة، وداود احترف الحدادة، وموسى احترف الكتابة، فكان يكتب التوراة بيده، وكلٌّ منهم قد رعى الغنم، وكان زكريا عليه السلام نجَّارًا، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ حياته راعيًا للغنم وفي شبابه عمل في التجارة.

وقد تأصَّل حب العمل عند المسلمين حتى لنرى قادة الفكر منهم يلجئون إلى العمل اليدوي ولا يجدون غضاضةً في ذلك، فكان الفقيه القُدُّوري يشتغل بصناعة القُدُور، وكان الفقيه الخصاف (الذي ألَّف كتاب الخَرَاج) يعيش من خصف النعال، ونسب الثعالبي- رأس المؤلفين في زمانه- إلى الثعالب لأنه كان فرَّاء، والزّجّاج عالم اللغة كان يعمل خراطًا للزجاج.

وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم: "من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفورًا له"، وأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عامل خشنة وهو يقول: "هذه يد يحبها الله ورسوله".

ولقد كانت ساحة العمل والعمال من الساحات التي أولاها الإخوان المسلمون- ولا يزالون- اهتمامًا كبيرًا وعنايةً عظيمةً، انطلاقًا من تأكيد الإسلام أهمية العمل والعطاء، والبذل والتضحية ومن منطق تكريمه الأيدي العاملة ودفعه الناس للسعي في الأرض يبنون ويشيدون وينشرون الخير والنور ويبذلون العرق والجهد، وصولاً إلى العيش الكريم الحلال، ويعطون البشرية المثال والقدوة ويجمعونها على البر والتقوى.

ولقد ربَّى الإخوان المسلمون أجيالاً على كل الساحات، ومنها ساحة العمل والعمال، وتركوا البصمات على صفحات تاريخ هذا البلد خاليةً من الشوائب أروع وأنقى ما تكون؛ فكان من العمال الذين تربَّوا وترعرعوا في مدرسة الإخوان المسلمين مجاهدون ضحَّوا بالأرواح دفاعًا عن الأرض والعرض، كما كان منهم النماذج الرائعة في النهوض برسالة ودور العامل في العطاء والإنتاج والحرص على المال العام وإيثار المصلحة العامة وإنكار الذات.

وقد كتب الإمام البنا رسالةً خاصةً، تحضُّ على العمل عنوانها: "نحن قوم عمليون؟!" أي نعتمد على الأعمال لا على الأقوال، كما وجَّه البنا الإخوان إلى العمل والإتقان فيه، فقال فـي رسالة "التعاليم":
- أن تزاول عملاً اقتصاديًّا مهما كنت غنيًّا.
- وأن تقوم على العمل الحر مهما كان ضئيلاً، وأن تزج نفسك فيه مهما كانت مواهبك العلمية.
- وأن تحرص كل الحرص على أداء مهمتك من حيث الإجادة والإتقان وعدم الغش وضبط المواعيد.

إن الإتقان والأمانة والوفاء بالوعد وتجنُّب الكذب والخداع والغش.. كلُّ ذلك من القيم التي سادت مجتمعات العمال في القديم، والتي يعمل الإخوان على نشرها وترسيخها؛ حتى تصبح سمة المجتمع العمالي على الساحة العالمية.

وإذا كان العالم كله يحتفل في هذا الشهر (مايو) بعيد العمال ويكرِّم العامل ويعتبره أساس الحضارة وباني الأمم؛ فإننا نتألم حينما تنقلب الأوضاع في أوطاننا الإسلامية، وخصوصًا في مصر، فتتبدل القيم الخاصة بالعمال وينقلب الهرم الاجتماعي والطبقي؛ حتى أصبح العمال في الدرجة الأدنى من السلَّم الاجتماعي؛ يعانون الفقر، وضعف الأجور، والخروج إلى المعاش المبكر، وتحكُّم أصحاب المال والثروة في أقواتهم وأرزاقهم؛ حتى أصبحت مصر طاردةً للعمالة الفنية المتميزة، والتي سافرت أو هاجرت وعانت الويلات من سوء المعاملة في البلاد التي نزحوا إليها.

ورغم أن النقابات العمالية هي المنوطة بالدفاع عن حقوق العمال فإنها تخلَّت عن مصالح العمال، بل أصبحت سيفًا مصلتًا على رقابهم.

لقد طالبنا الإسلام العظيم بأن نعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، وتناولت المواثيق الحقوقية- سواء الصادرة عن الأمم المتحدة أو منظمة العمل الدولية- حقوق العمال في العمل دون تمييز، مع إعطائهم الأجر الكافي لتوفير الاحتياجات الأساسية لهم من مأكل وملبس ومشرب، وحمايتهم من البطالة، ورعايتهم وتدريبهم لإكسابهم المهارات اللازمة لمواجهة التطور، ولكنَّ العمال في وطننا الإسلامي افتقدوا كل ذلك، خصوصًا في الأقطار التي تمت خصخصة الشركات فيها وبيعها للأجانب بأبخس الأثمان.

لقد أمرنا الإسلام بتوفير الأمن الاقتصادي والمعنوي للعمال، وجعل الله تعالى من مننه على قريش ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾ (قريش).

وإذا كان الجوع لا يزال شبحًا مرعبًا للطبقة العاملة في عالمنا الإسلامي فإن غياب الأمن أشدّ وقعًا على نفوس العاملين، سواءٌ في أوطانهم الأصلية أو في العمالة الوافدة إلى الأقطار التي منَّ الله عليها بالثروة البترولية.

فاستمرار حالة الطوارئ في مصر- والتي تجاوزت الثلاثين عامًا- هو انتهاكٌ خطيرٌ لحقوق الإنسان والعمال؛ حيث مُنعوا في ظلها من الحصول على حقوقهم المسلوبة أو التعبير السلمي بالتظاهر أو الإضراب، فضلاً عن الترشيح لعضوية النقابات، بل تمَّ اعتقال الآلاف والزجُّ بهم في السجون والمعتقلات.

وأخيرًا، أوجِّه ندائي إلى العمال في عيدهم بالحفاظ على قيم الإسلام في العمل، والعمل بمقتضاها، فإن المطالبة بالحقوق لا بد معها من الحفاظ على ما تبقَّى من منشآتنا ومصانعنا، والتي هي سبيل الدفاع عن الوطن وأمنه القومي والتصدِّي لمحاولات إهدار المال العام وإيثار المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، مع السعي للحفاظ على حقوق العمال وحمايتهم من الاضطهاد والتعسف.
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.

ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد..

فقد أصبح ضروريًّا أن يُفكِّر كل إنسانٍ عاقل- فضلاً عمن يحمل هَمَّ الإصلاح في زماننا هذا في أي مكان في العالم- تفكيرًا جديًّا حول مستقبل كوكب الأرض الذي نعيش على سطحه، وكيف أنه تحيط به الكوارث من كل حدب وصوب، سواءٌ كنا مسئولين عنها بسبب مباشر أو غير مباشر.. تهدِّدنا وتهدِّد كل مقدَّرات البشرية، فمن تلوث بيئي إلى احتباس حراري، إلى خطر نووي، إلى استعمار حديث خبيث بكل صوره العدوانية والاستغلالية؛ يستهدف الطوائف الضعيفة والدول المتخلفة ليمتصَّ دماءها ويستولي على مقدراتها ويحتكر القرار في مصيرها.

فإذا ما أضيف إلى ذلك مناخ قيمي مادي شهواني أدَّى إلى انهيارٍ في الخلق وانتهاك للحرمات وطغيان على الحقوق وغفلة تامة عن يوم الحساب الذي كان الخوف منه شيئًا فطريًّا يحدُّ من ظلم البشر بعضهم ويقلل من تغول السلطات.

ألا يستدعي هذا من كل الحكماء والعقلاء، من كل جنس ولون ودين، أن يتنادوا بأية وسيلةٍ من وسائل الاتصال الحديثة ليقفوا وقفةً واحدةً، وينادوا بصوتٍ واحدٍ ليقفوا في وجه الظلم والاستبداد والفساد والإفساد؟!

وها نحن نناديهم: يا حكماء العالم.. يا عقلاء العالم.. يا أمناء على حقوق الإنسان.. كل الإنسان.. اتحدوا وتعاونوا ولتتضافر جهودكم في كل منظمات المجتمع البشري المدنية لإنقاذها مما هي فيه وما هي منحدرة إليه إذا استمرَّ الحال على ما هو عليه.. ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ (الروم: من الآية 41).

ولو ألقينا نظرةً شاملةً لأهمِّ أسباب هذه الحالة المعقَّدة المتشابكة الأسباب لتدهور البشرية؛ نجد أن الله عزَّ وجلَّ قد خَلَقَ الكون صالحًا منذ نشأته، وأعدَّه للإنسان قبل أن يوجده من آدم وحواء، وأصبحوا كلهم أبناء أب وأم، وأمدَّ الإنسان بكل مقوِّمات حياته ليكون خليفةً في الأرض مسئولاً عنها ليعمرها.. ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ (هود: من الآية 61)، ومن كرم الله وفضله على كل جنس البشر أنه خلق الأرض في يومين، وقدَّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين؛ أي أن الناس شركاء في كل مقومات الحياة الضرورية، فهل هناك رعايةٌ للإنسان كل الإنسان بني آدم من ربهم الرحمن.. أكثر من هذا؟!

إنه سبحانه ادَّخر للجنس البشري بل لكل الكائنات مقومات حياتها ورزقها.. ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)﴾ (هود)، فعلى سبيل المثال ادخار البترول بما احتاجه ذلك من إعداد رباني معجز على مدى مئات الملايين من السنين في باطن الأرض حتى إذا نضج العقل البشري وتطوَّر في اختراعاته حتى وصل إلى آلات الاحتراق الداخلي هداه الله إلى استخراج هذا الكنز لينتفع به، وغيره من الكنوز كثير، كان وما زال وسيبقى مدخرًا إلى قيام الساعة ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ (الحجر: 21)، فماذا كان دور الإنسان بعد كل هذا الفضل الرباني عليه، وبعد كل هذا النداء المنبه له: ﴿يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)﴾ (الانفطار)؟!

لقد حوَّل هذه النعمة إلى وسيلة للصراع، ونشر الظلم والحرب والطغيان، محاولاً السيطرة على منابع البترول، وأوقد نيران حروب تهلك الحرث والنسل؛ من أجل هذا الاحتكار البغيض لهذه الثروة وغيرها من الثروات وتقاسموها- للأسف- بقوانين واتفاقيات جائرة، كما توزع العصابات مناطق النفوذ، فكانت اتفاقيات "سايكس بيكو" والانتدابات التي أعقبتها وعود كوعد "بلفور" لاحتلال فلسطين، ورأينا كونغو فرنسيًّا وآخر بلجيكيًّا، وثالثًا برتغاليًّا، وسمعنا عن صومال إيطالي وصومال بريطاني وصومال فرنسي ورابع أمريكي.

وما زالت هذه الحروب الساخنة والباردة من أجل فرض السيطرة والاحتلال لتوسيع مناطق النفوذ؛ فإذا لم نوقف هذه المطامع، ونطالبْ بتحريم كل صور الاستغلال والاستعمار فسيلتَهِمُ هذا الوحش الجشع كلَّ المقدَّرات، وليقف الإنسان العاقل الحكيم ضد الإنسان المستغل لينقذ السفينة التي نركبها جميعًا في هذا الكون؛ لأن الغاية من خلقنا أن نتعاون لا أن نتصارع.. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: من الآية 13)، ومهمتنا أن نصلح ولا نفسد ولا نترك المفسدين؛ لأن فسادهم خطر على الجميع.

ومن زاوية أخرى، نجد أن المتأمل في خلق الله يجد بكل وضوحٍ لكل عين منصفة وعقل راجح أنَّ الله قد خلق توازنًا في كل دورات الحياة، فمن دورة للأكسجين وللنيتروجين ولثاني أكسيد الكربون يتبادل فيها النبات والحيوان مع الإنسان المنافع كما يتبادلون الاستفادة من بعضهم، وكذلك دورة متوازنة للمياه من بحار ومحيطات وتبخر وسحُب وأمطار وأنهار ثم إلى البحار والمحيطات مرةً أخرى، ودورة كذلك للمعادن والأملاح من التربة وإلى التربة ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ (الحجر: من الآية 19).

فماذا كان دور الإنسان الجاهل الذي لم يفهم سنن الله في الكون فاصطدم بها وأفسدها وعطَّل كثيرًا من دورات الحياة وبعدها جلس يشكو مما صنعت يداه؟!

ها هي تلوثات البيئة ناتجة من نواتج أخطبوط الصناعات ومافيا رءوس الأموال، يجامل بعضها بعضًا في دنيا المصالح والمنافع على حساب صحة الإنسان وحقوق الإنسان؛ الذي تمَّ طحنه وسحقه بلا رحمة.

ونموذج آخر لتلويث كل مقومات الحياة، من هواء وماء ونبات وحيوان والإنسان في نهاية كل هذا؛ باستخدام المبيدات الحشرية، وكثير منها مسرطن، وكذلك المخصبات غير المأمونة، وهي كثيرة، ثم بعد انتشار هذا الاستخدام الخاطئ المبني على فهم خاطئ للسنن الكونية كانت الكوارث السرطانية؛ مما جنى الإنسان على الإنسان، وتعتبر مصر من أعلى دول العالم إصابةً بهذه السرطانات.

بعد كل هذا يعود الإنسان إلى الزراعة العضوية (الأوجانيك) وإلى المقاومة (الحيوية)، بعد أن دفع ثمنًا باهظًا في التجربة الأولى من خسائر بشرية ومالية، وثمنًا آخر أبهظ في التجربة الثانية، والإنسان هو الضحية في الحالتين.

والنموذج الأخطر هو التلوث النووي؛ الذي عُقد المؤتمر الخاص به في نيويورك الولايات المتحدة (رغم أنها الدولة الوحيدة التي استخدمت هذا السلاح في التاريخ)، وكنا نأمل أن تكون هذه بدايةً لترشيد هذه الطاقة الخطيرة كسلاحٍ ذي حدَّين، فيتم تأمين البشرية من خطرها المحدق، فإذا بالضغوط الصهيونية الخبيثة تعيق ذلك، فلا هم حضروا ولا التزموا بل تحوَّل الموضوع إلى أمان المواد النووية فقط، وتبقى البشرية كل البشرية رهن خطر في يد قوى غاشمة فاسدة مفسدة، تبغي الفساد في الأرض، والله لا يحب الفساد، ولا يحب المفسدين.

وهناك خطر آخر يُحذِّر منه كل العقلاء؛ إذ إنه في مراحله الأولى، ولن تدرك البشرية جرمه إلا بعد فوات الأوان؛ ألا وهو التلاعب بالخريطة الجينية واستخدام الهندسة الوراثية الضارَّة بعيدًا عن الأخرى النافعة؛ حيث إن علمنا في هذه الدائرة ما زال محدودًا، وقد يترتب على هذا العلم المحدود الذي يقترب من الجهل كوارث لا يعلم مداها إلا الله، فليتَّحِدْ كل العقلاء في هذا التخصص ليوقفوا هذا العبث، وننتظر حتى يكتمل علمنا فننطلق بعد ذلك على علم وبينة ونور من الله.

أما عن التلوث القيمي الذي هو من صنع الإنسان أولاً وأخيرًا فحدِّث ولا حرج؛ لأن هذا هو أُسُّ الفساد والإفساد؛ (فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا).

ومن أوجه الخلل في التفكير الإنساني إذا ما جرى وراء شهواته بلا ضوابط من قيم الرسالات السماوية التي أجمعت عليها وسجّلت في التوراة والإنجيل والقرآن وحتى بلا تحكيم عقل ناضج.. فالله عز وجل قد خلق الجنس البشري من ذكر وأنثى، وبثَّ منهما رجالاً كثيرًا ونساء، بل خلق من كل شيء زوجين ليستمر النوع بالتناسل للبقاء، فكيف تدخَّل الإنسان بجهله واتباعه لشهواته المنحرفة، وقلَّد الارتكاسة الأولى للفطرة في هذا المجال في قوم لوط.. ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف: من الآية 80)، ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ (الأعراف: من الآية 81).

ورغم ما جلبوه على البشرية من ارتكاس للفطرة وانتشار لأمراض ما كانت في أسلافنا من البشر بجريمتهم هذه التي توقف سنن التناسل البشري كما خلق الله، فإنهم ما زالوا لا يستحون، بل نجد مَن يطالب لهم بحقهم؛ فأي عقل هذا؟ وأي حرية هذه؟!

وها هم الإخوان المسلمون يحملون قبسًا من نور الله بحمل رسالة الإسلام الشاملة؛ هم وكل المسلمين في كل بقاع الدنيا، بل وكل المصلحين المدركين لخطر ترك مقدرات البشرية تتلاعب بها المصالح والأهواء، وهم واثقون أن الله سيعين كل المصلحين؛ لأنه يحب الصالحين والمصلحين ويبغض الفاسدين والمفسدين.. ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (البقرة: من الآية 251)، ولكن الله ذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.

ولنكن جميعًا على ثقةٍ من أن ظلام الدنيا كلها لا يقوى على إطفاء ضوء شمعة، بل تبدِّد هذه الشمعة البسيطة هذا الظلام الدامس.

وأيضًا لا نستقل أي مجهود مخلص تتضافر معه كل الجهود الصادقة؛ لأن أنهار الدنيا هي مجموع قطرات المطر.

وفي الختام.. ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ (الطلاق: من الآية 3).

الأربعاء، 12 مايو 2010

هنـاك ناس يدخـلون النـار..علـى الرغـم انهـا تمطـر؟

فى كل يوم جمعه كان الامام وابنه البالغ عشر سنوات من شانه ان يخرج فى بلدتهم فى احدى ضواحى " امستردام " 0 ويوزع على الناس كتيب صغير بعنوان " طريـــق الجنـــة "0 وغيرها من المطبوعات وفى احدى الايام اراد الابن ان ينزل لتوزيع الكتيبات كان الجو باردا فضلا عن هطول الامطار فارتدى الصبى ملابس كثيرة حتى لايشعر بالبرد ! وقال ياابى انا مستعد !0 فساله والده مستعد لماذا ؟ قال الابن لتوزيع الكتيبات .........0 اجابه ابوه الطقس شديد البرودة ، وانها تمطر بغزاره، ادهش الصبى ابوه بالاجابة وقال : " هنــاك نـــاس يذهبـــون الـى النـــار علــى الرغـــم انهـــا تمطــــر "0 تردد والده ثم قال له يمكنك الذهاب واعطاه بعض الكتيبات ورغم برودة الطقس والمطر اخذ يوزع الكتيبات على كل من يقابله، ويتردد من باب الى باب وبعد ساعتين من المشى تبقى آخر كتيب وكانت الشوارع مهجوره تماما فذهب الى اول منزل قابله حتى يعطيهم الكتاب !!!0 ودق جرس الباب ، لكن لااحد يجيب ، وظل يدق الجرس مرارا وتكرارا، ولا احد يجيب لكن شيئا ما يمنعه ، ان يرحل فاخذ يدق الجرس ، واخذ يطرق على الباب بقوة وهو لايعلم ماالذى جعله ينتظر كل هذا الوقت ، وفى هذه المرة فتـــح البــــاب ببطــــىء ؟؟؟ كانت تقف عند الباب امراة كبيرة فى السن ويبدو عليها الحزن فقالت له ماذا استطيع ان افعل لك
قال الصبى بعينان متالقتان ، وعلى وجهه ابتسامه اضاءت لها العالم سيدتى انا آسف اذا ازعجتك ولكن فقط اريد ان اقول لك " ان الله يحبك ، ويعتنى بك "0 وجئت كى اعطيك آخر كتيب معى ، يخبرك كل شىء عن الله واعطاها الكتيب وانصرف!0 فى الجمعة التالية بعد انتهاء الخطيب من محاضرته سال : هل لدى اى شخص استفسار ؟ تقدمت من بين السيدات وببطىء كانت سيدة عجوز يكاد يسمع صوتها تقول :0000 لااحد يعرفنى ، وانا لم اكن مسلمة ، ولم افكر ان اكون كذلك ؟؟؟ فقد توفى زوجى من اشهر وتركنى وحيدة فى هذا العالم ويوم الجمعة الماضى كان الجو باردا وقد قررت ان انتحر ، فاحضرت حبلا وكرسى وصعدت فى الغرفة العلوية ، وثبتت الحبل ثم وضعت طرف الحبل الاخر حول عنقى ، وكنت على وشك ان اقفز ................!0 وفجاة سمعت صوت جرس الباب ، فقلت انتظر حتى ينصرف ، لكن كان صوت الجرس والطرق على الباب يرتفع ويزداد ، فقلت لنفسى من على وجه الارض يمكن ان يكون هذا ؟؟؟ لا احد على الاطلاق يدق بابى ، ولاياتى احد ليرانى ، فرفعت الحبل من حول رقبتى وقلت اذهب لارى من يدق الباب بكل هذا الاصرار .................!!!0 عندما فتحت الباب لم اصدق عينى شاهدت صبى عيناه تتالقان ، وعلى وجهه ابتسامة ملائكية لم ار مثلها من قبل ، ولايمكن ان اصفها لكم ، الكلمات التى جاءت من فمه مست قلبى الذى كان ميتا ، وقال الصبى لى بصوت ملائكى : سيدتى ان الله يحبك ويعتنى بك ثم اعطانى ذلك الكتيب " الطريق الى الجنــــة " ثم اختفى فجاة ذلك الملاك !!!0 اغلقت بابى وقمت بقراءة كل كلمة فى هذا الكتاب ، ثم ذهبت الى الاعلى وازلت الحبل والكرسى لاننى لن احتاج الي اى منهم بعد الان ؟الان انا سعيدة لاننى تعرفت على الله الواحد الحقيقى ؟ ولان عنوان المركز الاسلامى مطبوع على الكتيب ، جئت لاشكركم على هذا الملاك الصغير الذى جاءنى فى الوقت المناسب تماما ، والذى انقذ روحى من الخلود فى الجحيم !!!0 لم تكن هناك عين فى المسجد الاوقد دمعت ، وتعالت صيحات التكبير ... الله اكبر ، الله اكبر
نزل الامام من على المنبر ، واحتضن ابنه بين ذراعيه واجهش فى البكاء ربما لم يكن بين هذا الجمع الغفير اب فخور بابنه مثل هذا الاب .....................0

لايكـن آخـر عهدك من الدنيـا ... الاغانى والموسيقى؟

فى احدى الايام ، كان الوقت بعد صلاة الفجر، وكنت اقود سيارتى وبينما انا مارا بالطريق وجدت شابا فى العشرين من عمره، وقد انقلبت سيارته !!!0 حفظنا الله واياكم ، والجميع من الغفلة ، وموت الفجأة نزلت فوجدته قد توفى ، وماذا كان يسمع ............................0
كان يسمع اغنية وموسيقى من راديو السيارة او من المسجل ؟؟؟ من منا يريد ان يموت ويكون آخر عهده من الدنيا سماع الاغانى او مشاهدة تلك الفتيات الاتى يكشفن عن مفاتنهن ، ومغازلتهن !!!0 او فعل المعاصى من الغش والسرقة والكذب وعدم طاعة الله الموت ياتى فجاة ، وكل منا يريد ان يموت وهو يذكر الله او يسبحه او وهو يستمع الى القران الكريم ، وان يكون آخر عهده منها هو لا اله الا الله واذا قال الانسان انه حريص فى القيادة او متمكن من نفسه فمن الممكن يحدث مالايتوقعه الانسان من خطا الغير ، وسوء قيادتهم تذكر دائما عندما تفعل المعصية ، او مايغضب الله ان الموت قريب دائما منا !!!0

فقـــدت عملــــى ...لكننـــى وجــــدت الله ؟؟؟

الله اكبــــر ...الله اكبــــر ايقظه هذا النداء مرة ، مع الفجر فجلس فزعا وهو ، وهو ينصت بكل حواسه؟راح يصيح بالانجليزية " جليل ايها الرب .. قدوس ايها الرب "0 نعم .. سمعت هذا النداء هناك اول مرة فى حياتى!0
هناك على سطح القمر.. وها انا ذا اسمعه وسط القاهرة على الارض مضى مع مجموعته السياحية ، وهو يتلهف الى اللحظة التى سيستمع فيها الى النداء مرة اخرى، قبـــل ان يعلن الى الملاء هذه المعلومة الخطيرة واثناء وجوده داخل المتحف ، سمع النداء...............0
يصدح من مزياع احد الموظفين ، فترك مجموعته واخذ يصغى بكل حواسه ثم نادى على رفاقه تعالوا اسمعوا هذا النداء...!!!0 فاستمع مرافقوه باستغراب وصمت ثم سالهم : هل تعلمون اين سمعت هذا قبل الان ؟ لقـــد سمعــــت هـــذا عــــلى سطــــح القمــــرعــــام 1969 م صاح احدهم : مستر " ارمســـترونج " هل اصبت بالجنون ؟؟؟ قال انا لست مجنونا ، واقسم بالرب ان هذا ماسمعته فوق سطح القمر؟؟؟ عادوا جميعا الى امريكا ، وعكف " ارمســتـرونج " على دراسة الدين الاسلامى ثم اعلن اسلامه فى حديث صحفى : انه سمع هذا النداء على سطح القمـــر....0 بعد ايام جاءته رسالة من وكالة الفضاء تحمل قرار فصله من وظيفته لانه باح بسر سماعه الاذان هناك فوق القمر ...!!!0
وعندما ساله صحفى عن جوابه لقرار فصله رد عليه فقــــدت عمـــلى ... لكننـــى وجــــدت اللــــه 0

أيها الأحباب.. ضرورة الإيمان والوعي الكامل الصحيح

ما الخطوات العملية لإنقاذ فلسطين؟
على الرغم من أن كارثة فلسطين هي قضية الإسلام الكبرى، وهي محنة المسلمين العظمى في هذا الزمان، وهي لا تقل خطرًا عن غارات التتار والصليبيين بل تفوقهم جميعًا؛ لكن رغم ذلك كله فنحن نؤمن بل نوقن بأن الأمة الإسلامية لن تموت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك".

فلو كان يُراد لهذه الأمة أن تموت لماتت يوم أن حوصر صلى الله عليه وسلم في غار ثور، وقبل الحصار حوصر في بيته بشباب المشركين المدججين بالسيوف؛ لكن الله لم يرد ذلك، ولو كان يُراد للإسلام أن يموت لمات بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وارتداد العرب، فما أن قال أبو بكر بعزم وصدق: (والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، والله لأقاتلن من فرَّق بين الزكاة والصلاة)، فما إن عزم وصدق حتى استجاب الله له بعد أن سيَّر جيوش المسلمين تقاتل المرتدين؛ لكن الله تبارك وتعالى لم يرد للإسلام أن يموت، ولو كان يُراد للإسلام أن يموت لمات يوم أن جاء التتار من المشرق كالجراد المنتشر لا يبقون على شيء، ودمروا دار الخلافة وقتلوا كل من صادفهم من المسلمين، وفعلوا الأعاجيب بأمة الإسلام، لكن الله لم يرد ذلك... بل أراد سبحانه أن يدخل التتار أنفسهم في الإسلام وأن يعودوا إلى بلادهم يفتحونها باسم الإسلام.

أليست هذه معجزة؟! ولو كان الله يريد للإسلام أن يموت لمات يوم أن جاء الصليبيون من الغرب يحملون أحقادهم وأضغانهم وخستهم، وهجموا على بيت المقدس، وصنعوا ما صنعوا بالمسلمين الأبرياء، لكنهم بعد ذلك خرجوا خزايا ندامى يحوطهم العار، على يد المجاهد العظيم البطل صلاح الدين الأيوبي، لكن الله لم يرد للإسلام أن يموت؛ لأن الله تكفل بحفظ هذا الدين سبحانه وتعالى وهو قاهر الجبارين ومذل المستكبرين، ونحن نصدق ونجزم بل نوقن بكل كلمة وكل حرف قاله الحق تبارك وتعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47)، وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ (173)﴾ (الصافات).

وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها"، وقال صلى الله عليه وسلم: "والله ليتمنّ الله هذا الأمر حتى ما يبقى بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله في هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل".

وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55)﴾ (النور).

هذه الانتصارات التي شهد بها التاريخ وأكدها القرآن وبشّر بها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وأعداء الله الذين يكيدون للإسلام اليوم يعرفونها ويتهربون منها؛ لكنهم لن يفلتوا من قبضة الله وإن دماء المسلمين الزكية التي أُريقت وتُراق اليوم علنًا، ويستهتر اليهود بكل القيم بل بكل الأعراف سيذوقون أضعاف ما أنزلوه بالأبرياء الذين استعمروا أرضهم ويتَّموا أطفالهم ودمروا بيوتهم، وهذه الدماء الزكية هي التي تنزلق فيهم أقدام الظالمين والبغاة والمجرمين على مدار التاريخ فتهوي بهم إلى القاع وبئس المصير.

ويأتي بعد الوعي الكامل وضرورة الإيمان ليتحقق النصر الموعود ضرورة وجود الخطة المكافئة للعدو التي تقوم وترتكز على الجهاد في سبيل الله وحده "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

يحمل هذه الخطة المكافئة للعدو الرجال الذين قال الله فيهم: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)﴾ (التوبة).

فهم قد وَزَنوا بهذا الميزان الدقيق الذي وضع كل شيء على ظهر الأرض في كفة الميزان ووضع حب الله ورسوله وجهاد في سبيله في الكفة الأخرى، وأمر بأن ترجح كفة الهَ ورسوله على كل شيء إن من الخطة المكافئة للعدو: العودة بهذه الأمة إلى الإسلام الصحيح؛ الإسلام المجاهد العامل العزيز الذي يصنع الرجال والأبطال، يقول الشاعر في صفة هؤلاء الرجال:
الله يعرفهم عبَّاد مسجده والناس تعرفهم للحق أعوانا
لم يشربوا الدين أورادًا ومسبحةً بل أشربوا الدين محرابًا وميدانا

- ضرورة وجود القائد المؤمن:
ومن أسباب النصر أن يوجد القائد المؤمن الشجاع، وتبرز أمامنا سيرة صلاح الدين الأيوبي الشخصية المؤمنة الذي اتصلت سيرته بتحرير الأرض المقدسة (فلسطين)، وصفات صلاح الدين كثيرة؛ لكننا نذكر هنا الصفات الأساسية للقائد المسلم وهو الإيمان بأن الإعداد للمعركة والوصول إلى النصر لا يكون بالكلام وحده، كما لا يكون باللجوء إلى الله من غير عمل جاد، بل لا بد من الإعداد النفسي والبدني للأمة المجاهدة أو إعداد القوة المادية، ثم منازلة العدو في أثنائها وقبلها وبعدها يكون الدعاء واللجوء إلى الله والوقوف ببابه والتضرع إليه في إنجاز وعده بنصر المؤمنين، وهذا ما صنعه البطل صلاح الدين وما فعله من قبله أئمة وقادة هذا الدين؛ تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبخلفائه الراشدين رضوان الله عليهم.

لقد بلغ من إخلاص صلاح الدين القائد البطل أنه- كما يقول طبيبه الخاص- بقي من يوم الجمعة إلى يوم الأحد لم يتناول من الطعام إلا شيئًا يسيرًا لشدة اهتمامه.

وكان رحمه الله يطوف بين الأطلال وينادي بالإسلام!! وعيناه تذرفان بالدموع، وكلما نظر إلى عكا وما حل بها من البلاء اشتد في الزحف والحث على الجهاد والقتال ولم يطعم طعامًا أبدًا.

وكان حبه للجهاد في سبيل الله قد استولى على قلبه وسائر جوارحه استيلاءً عظيمًا؛ بحيث ما كان له حديث إلا فيه.

لقد قنع رحمه الله من الدنيا بالسكون فوق الجبل في خيمة تهب بها الرياح يمنةً ويسرةً.

- وحدة الأمة:
كما يجب أن نؤمن بأن كل بلد إسلامي جزء من الوطن الإسلامي الكبير، وما الشعب الفلسطيني إلا جزء عزيز غالٍ من الأمة، بل هو قلب لها بل هو روحها، فمن قعد عن نصرته فقد قعد عن الاستجابة لأمر الله ورسوله، ومن أعان هذا الشعب المظلوم والمعتدى عليه، وأمد إخوانه بكل ما يستطيع فقد انتصر لله ولرسوله ودافع عن الإسلام.

وعقيدة الإسلام التي يجب أن نوقن ونؤمن بها هي أن الله سبحانه وتعالى قد أورث محمدًا صلى لله عليه وسلم وأمته ميراث النبوة كلها، وأورثه كل بقعة فتحها المسلمون بدمائهم وجهادهم، وجعلها لهم وقفًا إلى يوم القيامة، وفرض على المسلمين أن يحافظوا عليها قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء).

فلا بد لطلب النصر من الأخذ بهذه الأسباب التي ذكرناها قال تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ (مريم: من الآية 12)، وقال تعالى في وصف هذه الأمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)﴾ (الحج).

الاثنين، 10 مايو 2010

الاخوان القوى العظمة و9مليار دولار


لمن لاحظ تهديدات الحكومة وتحزيرها من الاموال الخارجية وبكل بساطة المقصود من ذلك الاخوان المسلمين ولان الحكومة بغبائها المتوارث هى تعرف والعالم كله يعرف ان المبالغ المفرج عنها للسيد يوسف ندا هى اموال الاخوان مستثمرة خارج مصر لوجود عدم الثقة فى الحكومة المصرية كما لايثق فيها العالم كلة من الناحية المادية هناك 9 مليار دولار قادمة للاخوان ستكون عوننا لهم وتحريكا لهم فى الساحة السياسية سواء قبلت اورفضت الحكومة الذكية فهم حاليا امام تنظيم مستقر ماديا ومعنويا ولن تؤثر فيه عملية البلطجة التى اشتهرت بها الحكومة الحاليه من سب الدين وقطع اليد والرجل هذه تصريحات بعض الوزراء فهم الان ليس امام الاخوان المسلمين بل امام حوت الاخوان المسلمين ولك ان تتخيل الساحة كيف ستكون الوضع بسيط جدا الحكومة مثل الولد الصغير راح تولعها وتهرب لان فلوسها بسويسرى فى الحفظ والصون وتوقع فى راس المساكين الله يعينالمصدر: الصقر الجارح

مجد الاسلام

إني تذكرت والذكرى مؤرقة مجداً تليداً بأيدينا أضعناه أنى اتجهت إلى الإسلام في بلد تجده كالطير مقصوصاً جناحاه كم صرفتنا يد كنا نصرفها وبات يملكنا شعب ملكناه استرشد الغرب بالماضي فأرشده ونحن كان لنا ماض نسيناه إنا مشينا وراء الغرب نقبس من ضيائه فأصابتنا شظاياه بالله سل خلف بحر الروم عن عرب بالأمس كانوا هنا واليوم قد تاهوا وانزل دمشق وسائل صخر مسجدها عمن بناه لعل الصخر ينعاه هذي معالم خرس كل واحدة منهن قامت خطيباً فاغراً فاه الله يعلم ما قلبت سيرتهم يوماً وأخطأ دمع العين مجراه لا در امرئ يطري أوائله فخراً ويطرق إن ساءلته ماه يا من يرى عمراً تكسوه بردته والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقا من خوفه وملوك الروم تخشاه يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً يشيدون لنا مجداً أضعناهإن العقيدة في قلوب رجالها من ذرة أقوى و ألف مهند فاعرف يا بن أمي في العقيدة يا أخا الإسلام في الأرض المديدة ما حياة المرء من غير عقيدة وجهاد وصراعات عنيدة فهي طوبى واختبارات مجيدة فانطلق وامض بإيمان وثيق وإذا ما مسك الضر صديقي فلأنَّا قد مشينا في الطريق

المعجزة الالهية في ماء زمزم

سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم قال أحد الأطباء في عام 1971م إن ماء زمزم غير صالح للشرب استناداً إلى أن موقع الكعبة المشرفة منخفض عن سطح البحر ويوجد في منتصف مكةلمكة المكرمة ، فلا بد أن مياه الصرف الصحي تتجمع في بئر زم ما أن وصل ذلك إلى علم الملك فيصل رحمه الله حتى أصدر أوامره بالتحقيق في هذا الموضوع وتقرر إرسال عينات من ماء زمزم إلى معامل أوروبية لإثبات مدى صلاحيته للشرب ويقول المهندس الكيميائي معين الدين أحمد الذي كان يعمل لدى وزارة الزراعة والموارد المائية السعودية في ذلك الحين أنه تم اختياره لجمع تلك العينات وكانت تلك أول مرة تقع فيها عيناه على البئر التي تنبع منها تلك المياه وعندما رآها لم يكن من السهل عليه أي يصدق أن بركة مياه صغيرة لا يتجاوز طولها 18 قدما وعرضها 14 قدماً توفر ملايين الجالونات من المياه كل سنة للحجاج منذ حفرت في عهد إبراهيم عليه السلام وبدأ معين الدين عمله بقياس أبعاد البئر ثم طلب من أن يريه عمق المياه فبادر رجل بالاغتسال ، ثم نزل إلى البركة ليصل ارتفاع المياه إلى كتفيه وأخذ يتنقل من ناحية لأخرى في البركة بحثاً عن أي مدخل تأتي منه المياه إلى البركة غير أنه لم يجد شيئاً وهنا خطرت لمعين الدين فكرة يمكن أن تساعد في معرفة مصدر المياه وهي شفط المياه بسرعة باستخدام مضخة ضخمة كانت موجودة في الموقع لنقل مياه زمزم إلى الخزانات بحيث ينخفض مستوى المياه بما يتيح له رؤية مصدرها غير أنه لم يتمكن من ملاحظة شيء خلال فترة الشفط فطلب من مساعده أن ينزل إلى الماء مرة أخرى وهنا شعر الرجل بالرمال تتحرك تحت قدميه في جميع أنحاء البئر أثناء شفط المياه فيما تنبع منها مياه جديدة لتحلها وكانت تلك المياه تنبع بنفس معدل سحب المياه الذي تحدثه المضخة بحيث أن مستوى الماء في البئر لم يتأثر إطلاقاً بالمضخة وهنا قام معين الدين بأخذ العينات التي سيتم إرسالها إلى المعامل الأوروبية وقبل مغادرته مكة استفسر من السلطات عن الآبار الأخرى المحيطة بمدينة مكة المكرمة فأخبروه بأن معظمها جافة وجاءت نتائج التحاليل التي أجريت في المعامل الأوروبية ومعامل وزارة الزراعة والموارد المائية السعودية متطابقة فالفارق بين مياه زمزم وغيرها من مياه مدينة مكة كان في نسبة أملاح الكالسيوم والمغنسيوم ولعل هذا هو السبب في أن مياه زمزم تنعش الحجاج المنهكين ولكن الأهم من ذلك هو أن مياه زمزم تحتوي على مركبات الفلور التي تعمل على إبادة الجراثيم وأفادت نتائج التحاليل التي أجريت في المعامل الأوروبية أن المياه صالحة للشرب ويجدر بنا أن نشير أيضاً إلى أن بئر زمزم لم تجف أبداً منذ مئات السنين وأنها دائما كانت توفي بالكميات المطلوبة من المياه للحجاج ، وأن صلاحيتها للشرب تعتبر أمراً معترفاً به على مستوى العالم نظراً لقيام الحجاج من مختلف أنحاء العالم على مدى مئات السنين بشرب تلك المياه المنعشة والاستمتاع بها وهذه المياه طبيعية تماماً ولا يتم معالجتها أو إضافة الكلور إليها كما أنه عادة ما تنمو الفطريات والنباتات في الآبار مما يسبب اختلاف طعم المياه ورائحتها أما بئر زمزم فلا تنمو فيها أية فطريات أو نباتات فسبحان الله رب العالمين

الأحد، 9 مايو 2010

رحماء بينهم[06/05/2010]


رسالة من: د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد؛
فإن أمتَنا الإسلاميةَ مهما ضعُفتْ وتفرقتْ فإنَّ مجموعَها العامَ يظلُّ وفيًّا لدينه ووطنه، رافضًا للمساومة على عزته وكرامته، ومستعصيًا على كل محاولات التقطيع والتفريق، على حد وصف الله تعالى لخير أمة ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: من الآية 29)، وقوله تعالى في وصف الذين يحبهم ويحبونه: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة: من الآية 54).

وهذا المزج بين الشدة واللين، وبين العزة والذلة في الشخصية المسلمة يكشف عن التوازن الرائع، فلا الشدة في كل مقام محمودة، ولا الرحمة، بل المحمود أن يكون الإنسانُ شديدًا في موضع الشدة، لينًا في موضع اللين، عزيزًا أبِيًّا حين يقف أمام أعدائه والمتربصين بأمته، فينظر إليهم نظرة العزيز الغالب؛ لا نظرة الضعيف الخانع، ذليلاً متواضعًا خفيض الجناح حين يتعلق الأمر بإخوانه وبني جلدته، يفيض قلبُه حُنُوًّا وشفقةً عليهم، وبذلك يحقق توجيه النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" (مسلم).

أعداؤنا هم من يعتدون علينا:
إن المسلم مطالب بالإحسان لجميع الناس ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ (البقرة: من الآية 83)، وهذا يعم جميع الناس، مسلمهم وكافرهم، باستثناء الكفار المحاربين للأمة والمعتدين عليها وعلى مقدساتها وحرماتها، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ (التوبة: من الآية 123) ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)﴾ (البقرة)، وكذلك من أجل رفع الظلم عن غيرنا ممن يستنجدون بنا ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)﴾ (النساء).

أما غير المحاربين لنا والذين لم يعادونا ولم يقاتلونا فإن الله تعالى يقول: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ (الممتحنة: من الآية 8)، والبر المأمور به في الآية يشمل كل أنواع البر.

وقد تواترت الأخبار من تاريخ هذه الأمة الكريمة عن الإحسان إلى غير المسلمين، وخصوصًا مواطنينا وجيراننا وشركاءنا من النصارى؛ حيث اختلطت دماؤنا بدمائهم في الدفاع عن الوطن، وامتزج عرقنا بعرقهم في بناء نهضته وحضارته.

اختلال الميزان وتراجع الأمة:
لقد أهمل كثير من أبناء أمتنا هذه الثوابت الإسلامية والإنسانية الواضحة، فصاروا أعزة على المؤمنين أذلة على الكافرين، أشبه بما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج الذين: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ" (الشيخان)، وهذا مما شجع الصهاينة وغيرهم على استباحة بلادنا ومقدساتنا.

لهذا ترى اليوم دماءنا تُراق رخيصةً بلا ثمن، وديارنا تُهدم بلا ثمن، وأرواحنا تُزهق على وهن ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ (الشورى: من الآية 30)، فالذل والهوان الذي تعيشه أمتنا هو بما كسبناه نحن بأيدينا، وفعلناه بأنفسنا، وإذا ما رجعنا إلى ديننا وثوابتنا، وحرصنا على كرامتنا فسيعود لنا مجدنا وعزتنا، على حد قول الفاروق: "إنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَنْ نَلْتَمِسَ الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ" (الحاكم).

العفو عن العدو والشدة مع الإخوان:
يستبد بالعقلاء في أمتنا العجب، وهم يرون بعض الحكومات تحرص في برود عجيب على الصفح والعفو عن كل الجرائم التي يرتكبها صهاينة ضدنا وفي عمق بلادنا، ويسرعون بتسليم أي مجرم صهيوني إلى الإدارة الصهيونية معززًا مكرمًا، حتى من دون طلب محاكمة، بل وممارسة أقصى (وأقسى) درجات ضبط النفس مع الاعتداءات الصهيونية المتكررة، بدعوى تشجيع عملية السلام التي تطلق الإدارة الصهيونية عليها يوميًّا عشرات القذائف القاتلة في استهتار عجيب بحكوماتنا وشعوبنا، بل بكل القوانين والمواثيق الدولية.

ويشتد العجب حين ترى نفس هذه الحكومات اللطيفة جدًّا مع العدو، لا تتوقف عن إظهار القسوة بشكل مستمر ومستفز على شعوبها وبني أوطانها، فتفرض الطوارئ وتصادر الحريات وتعتقل الشرفاء وتلفق القضايا للوطنيين المصلحين، وتقيم المحاكم العسكرية والاستثنائية، وتستصدر الأحكام القاسية على كل من يساعد أو يحاول أن يساعد المجاهدين والمقاومين، وكان من أواخر ذلك تلك الأحكام القاسية المفاجئة ضد المجموعة التي كانت تحاول تقديم الدعم اللوجيستي للمقاومين في غزة، ولئن كانت تلك المجموعة قد أخطأت بالتعدي على سيادة الدولة المصرية، فقد كان مما يشفع للتخفيف عنها حسنُ نيتها ورغبتها الصادقة في مساعدة إخواننا في غزة، لا سيما وأنها لم تمارس أي عمل من أعمال الاعتداء على مصر؛ لهذا كان من العجيب أن يتضخم الحديث عن السيادة الوطنية (التي نحرص عليها كل الحرص)، في الوقت الذي تغيب فيه تلك المصطلحات تمامًا حين يكون المعتدي صهيونيًّا ويمارس أدوارًا مشبوهة ضد مصر، خصوصًا وقد ضُبط معهم السلاح فعلاً.

دعوة إلى العفو عن كل المظلومين:
لهذا فإننا- مثلما دعونا دولاً عربية كالسعودية واليمن وليبيا للإفراج عن بعض المصريين الذين صدرت ضدهم أحكام في تلك الدول- ندعو الرئيس مبارك إلى عدم التصديق على تلك الأحكام القاسية، كما ندعوه لاستخدام صلاحياته الدستورية في العفو عنهم، وفي الإفراج عن كل المحبوسين السياسيين ظلمًا، بما في ذلك ضحايا المحاكم العسكرية غير الطبيعية.

إن العفو الواجب الذي يحبه الله والذي ندعو إليه هو الذي فيه إصلاح لأحوال الوطن والمواطنين ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ (الشورى: من الآية 40) أي: من كان عفوه مشتملاً على الإصلاح فهو المستحق للأجر من الله.

أما من كان عفوه إفسادًا لا إصلاحًا، بأن يعفو عن الصهاينة الذين اغتصبوا بلادنا وقتلوا وشردوا إخواننا؛ فإنه آثم بهذا العفو في حق وطنه ونفسه ودينه.

إننا نسأل العقلاء في أمتنا: هل العفو عن الصهاينة الذين يناصبوننا العداء، ويتجرءون على انتهاك مقدساتنا واغتصاب بلادنا وإهانة رموزنا بمن فيهم القضاة رموز العدالة في الأمة، يعد إفسادًا أم إصلاحًا؟

وفي المقابل نسأل العقلاء أيضًا: هل أَخْذُ ذوينا وبني ديننا وجلدتنا بالظن والتهمة وبلا بينة، وحرمانهم من المثول أمام قاضيهم الطبيعي وتقديمهم للمحاكم الاستثنائية والمحاكم العسكرية، واستصدار أحكام قاسية بحقهم غير قابلة للطعن، هل ذلك يحقق الإصلاح أم الإفساد؟

قد يتفهم البعض أن نكف أيدينا مؤقتًا عن أعداء أمتنا حتى نتهيأ لمواجهتهم، لكن في أي سياق يمكن أن نتفهم هذه الشدة المفرطة مع إخواننا وبني جلدتنا، في الوقت الذي نُظهر فيه لينًا مفرطًا في التعامل مع أعداء الأمة والمحاربين لها.

إنه لن يحفظ لنا هيبتنا، ولن يعيد لنا مكانتنا إلا أن نضع الأمور مواضعها:

حَلِيمٌ إِذَا مَا الحِلْمُ زَيَّنَ أَهْلَه مَعَ الحِلْمِ في عَيْنِ العَدُوِّ مَهِيبُ
والله أكبر ولله الحمد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

توضيح من الكتاتني على حوار البرادعي لمجلة فرنسية


أكد الدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين أن ما نشرته جريدة (الدستور) المصرية في عددها اليوم تحت عنوان "البرادعي في حوارٍ لمجلة فرنسية: نظام مبارك في موقف صعب.. ويشنُّ حملة لتشويهي كأنني شيطان"، وما نسبته المجلة على لسان الدكتور محمد البرادعي حول الإخوان المسلمين أمر لم يحدث.

وأشار الكتاتني في تصريح لـ"إخوان أون لاين" إلى أن الحوار الذي نشرته الدستور اليوم نقلاً عن مجلة "باري ماتش" الفرنسية جاء في متنه بأن البرادعي صرَّح للمجلة أنه أقنع الإخوان بالعمل من أجل العدالة والديمقراطية ودولة علمانية، وأنه قال للإخوان "يمكنكم ممارسة دينكم ولبس ما تريدون وارتداء النقاب، ولكن يتعين عليكم احترام حق الآخرين في العيش بشكلٍ مختلف".

وأوضح الكتاتني أن ما نشرته المجلة منسوبًا للبرادعي لم يحدث على الإطلاق، مشيرًا إلى أن الحوار الذي دار بينه وبين البرادعي تطرَّق للعديد من القضايا الخاصة بالإصلاح والديمقراطية ورأي الإخوان فيها، وأنه أكد للبرادعي أن الإخوان ينادون بدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية باعتبار أن الدولة في الإسلام هي مدنية في الأساس وليست دينية كما يردد البعض.

وأكد الكتاتني أنه حاول الاتصال بالدكتور محمد البرادعي إلا أنه وجده في فينا، فقام بالاتصال بشقيقه الدكتور علي البرادعي الذي كان حاضرًا خلال اللقاء بين الكتاتني والبرادعي، وأخبره بضرورة قيام الدكتور محمد البرادعي بإصدار بيان لتصحيح ما نشرته المجلة ونقلته (الدستور)، وأنه أرسل له بالفعل رسالةً بريديةً لتصحيح هذا الموضوع.

وأكد الكتاتني أن موقف الإخوان من الحريات والمواطنة واضح ولا يقبل الشك أو التعديل، كما أنه لا يحتمل وجهات نظر مختلفة، وأن الجماعة أعلنت في العديد من المناسبات أنها ضد الدولة الدينية؛ لأنها ضد الشريعة الإسلامية، وأن منهجهم قائم على الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية.

البرادعي ينفي ما نشرته "الدستور" عن الإخوان المسلمين


نفى د. محمد البرادعي رئيس الجبهة الوطنية للتغيير ورئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية السابق ما نشرته جريدة "الدستور" المصرية في عددها اليوم نقلاً عن مجلة "باري ماتش" الفرنسية، التي جاء فيها أن البرادعي صرَّح للمجلة أنه أقنع الإخوان بالعمل من أجل العدالة والديمقراطية ودولة علمانية، وأنه قال للإخوان: "يمكنكم ممارسة دينكم ولبس ما تريدون وارتداء النقاب، ولكن يتعين عليكم احترام حق الآخرين في العيش بشكل مختلف".

وأكد الدكتور البرادعي- في اتصال بالدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، من فيينا- أن ثمةَ خطأً حدث في ترجمة ما نشرته المجلة فيما يتعلق بأنه أقنع الإخوان بالدولة العلمانية، مؤكدًا أنه أرسل تصويبًا للدستور يؤكد أن ما دار في لقائه مع الدكتور الكتاتني تناول العديد من القضايا الخاصة بالإصلاح والديمقراطية ورأي الإخوان فيها، وأن الإخوان أكدوا بالفعل دعوتهم لدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية؛ باعتبار أن الدولة في الإسلام هي مدنية في الأساس، وأنه مقتنعٌ بأن الدولة العلمانية هي التي تحقِّق مشاركة الجميع فيها بحرية وديمقراطية، ولم يقل إنه أقنع الإخوان بذلك.

وكانت المجلة سألت البرادعي عن المناقشات التي دارت مع الإخوان والتي فاجأت الغرب، فردَّ البرادعي قائلاً: "إن الإخوان هم القوة السياسية الأولى في مصر، وعلى الرغم من القيود المفروضة عليهم فإنهم تمكنوا من حصد 20% من مقاعد مجلس الشعب المصري، ولها باعٌ كبير في خدمة الفقراء، ويقومون بتعليمهم ورعايتهم بالمساجد".

وأضاف قائلاً: إنني مقتنعٌ بأن الدولة العلمانية هي السبيل لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية.. لقد أخبرتهم أن بإمكانهم ممارسة شعائرهم الدينية الخاصة بهم مثل الملبس الذين يرغبون في ارتدائه، وكذلك الحال مع النقاب، ولكن عليهم أن يحترموا حقَّ الآخرين في العيش على نحو مختلف.

السبت، 8 مايو 2010

سبحان الله هذه صلاه الفجر فى ماليزيا وليس الجمعه


قالت دراسة علمية حديثة حول أمراض القلب وتصلب الشرايين أن أداء صلاة الفجر في موعدها المحدد يوميا خير وسيلة للوقاية والعلاج من أمراض القلب وتصلب الشرايين، وهي نتائج تعزز دراسة سابقة نشرت العام الماضي عن الموضوع ذاته.
وأكد خبراء في جمعية أطباء القلب في الأردن أن أداء صلاة الفجر في موعدها المحدد يوميا يسهم في علاج أمراض القلب وتصلب الشرايين بما في ذلك احتشاء عضلة القلب المسببة للجلطة القلبية وتصلب الشرايين المسببة للسكتة الدماغية.
وأظهرت نتائج الدراسة التي نشرت نتائجها في العاصمة عمان أمس الأحد أن الإنسان إذا نام طويلا قلت نبضات قلبه إلى درجة قليلة جدا لا تتجاوز 50 نبضة في الدقيقة وحينما تقل نبضات القلب يجري الدم في الأوعية والشرايين والأوردة ببطء شديد الأمر الذي يؤدي إلى ترسب الأملاح والدهنيات على جدران الأوردة والشرايين وبخاصة الشريان التاجي وانسداده.
ونتيجة لذلك يصاب الإنسان بتصلب الشرايين أو انسدادها، حيث يؤدي ذلك إلى ضعف عضلة القلب وانسداد الشرايين والأوردة الناقلة للدم من القلب وإليه حيث تحدث الجلطة القلبية أو انسداد الشرايين الناقلة للدم من الدماغ وإليه مما يسبب السكتة الدماغية المميتة في أغلب الأحيان.
وأكدت الأبحاث العلمية والطبية أن مرض احتشاء القلب هو من أخطر الأمراض، ومرض تصلب الشرايين وانسداد الشريان التاجي، سببها الرئيس هو النوم الطويل لعدة ساعات سواء في النهار أو الليل.
وشددت نتائج الدراسة على ضرورة الامتناع عن النوم لفترات طويلة بحيث لا تزيد فترة النوم على أربع ساعات، حيث يجب النهوض من النوم وأداء جهد حركي لمدة 15 دقيقة على الأقل، وهو الأمر الذي يوفره أداء صلاة الفجر بصورة يومية في الساعات الأولى من فجر كل يوم والأفضل أن تكون الصلاة في المسجد وفي جماعة. وجاء في الدراسة أن المسلم الذي يقطع نومه ويصلى صلاة الفجر في جماعة يحقق صيانة متقدمة وراقية لقلبه وشرايينه ولاسيما أن معدل النوم لدى غالبية الناس يزيد على ثماني ساعات يوميا.
وكانت مجموعة من الدراسات العلمية التي أجراها المركز القومي للبحوث في مصر أكدت أن صلاة الفجر في وقتها تؤدي إلى تنشيط عمل الخلايا بجسم الإنسان وتمنع انقسامها بصورة شاذة والذي يترتب عليه الإصابة بالأورام السرطانية، وتساعد في الحماية من التعرض للأزمات القلبية وتنظم عمل الهرمونات بالجسم والدورة الدموية.

عنوان الفولدر عاة sefone

خطبة الجمعة 6-03-2009 (فضائل النبى صلى الله علية وسلم) د محمد

حديث - سجد عزبة وديع - قطور 3-12-2009 ). د/ محمد جنانة

خطبه الجمعة 20-6-2008 مسجد عباد الحمن -طنطا ( القران الكريم). د/ محمد جنانة

خطبة الجمعه 20-3-2009م (كما تدين تدان). د/ محمد جنانة

http://www.sefone.com/files_hosting/index.php/files/get/yZp9K32it1/20-3-2009-.amr

خطبة الجمعة 29-5- 2009م ( لا تغضب) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 27-3-2009م ( أفضل الناس وأكيس الناس) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 26-6-2009م( ربيعة بن كعب رضى الله عنة) د/ محمد جنانة

طبة الجمعة 24-7-2009 ( من ترك شيئا لله عوضة الله خيرا منة) د/ محمد جنانة

http://www.sefone.com/files_hosting/index.php/files/get/Ll-j_M1D6y/24-7-2009-.amr

خطبة الجمعة 7-5-2010م ( الصدق) مسجد عباد الرحمن - طنطا- د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 21-4- 2009م (اتباع الجنائز) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 17-7-2009 ( الدعاء يرقق القلب) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 16-10-2009 (يا قدس صبرا إن مع العسر يسرا.) د/ محمد جناة

خطبة الجمعة 16-1-2009م ( المقاطعة الاقتصادية للاعداء ركن من اركان الدين). د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 12-6-2009م (ما اهون الخلق على الله) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 15-5-2009م (قضاء حوائج المسلمين) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 13-3-2009م (مواقف من حياة النبى صلى الله علية وسلم) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 11-9-2009م ( أين الله فى قلوبنا) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 10-12-2009م (كونوا انصار الله) -شلبى-قطور

خطبة الجمعة 10-7-2009 (ويخوفونك بالذين من دونة) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 9-10-2009 (المسجد الاقصى) د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 8-5-2009 كشف الكرب وقضاء الدين - د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 7-8-2009 فقة الجودة فى الاسلام - د/ محمد جنانة

خطبة الجمعة 5-6-2009 وضع الامة - د/ محمد جنانة

الأربعاء، 5 مايو 2010

حق الدعوة في الدخل الشهري بين الجباية والجهاد


جاءني صديقي العزيز في يوم متغير الوجه شاحب اللون قد تعددت قسمات وجهه وخيَّم عليه الحزن والكآبة فقلت له: ما بك؟ هل أنت مريض؟ قال لي: لا. قلت له: هل عندك شيء في البيت؟ هل أُصيب ولدك؟ عندك مشكلة أو ضائقة مالية؟ وأخذت أعدد له وفي كل مرةٍ يقول لي: لا، فقلتُ له: ما بك بالله عليك وأخذت ألحُّ عليه؟ وهو مصرٌّ على عدم الكلام.. حتى نطق ومع نطقه حرَّك نبض قلبي وزلزل كياني وكبر في عيني.

قال لي قد جعلتُ جزءًا من مالي في الدخل الشهري لله أنفقه بمجرد أن أتقاضى راتبي، هذا الجزء الذي أقتطعه صدقة لا تنقطع كالفريضة وهي عندي ضريبة جهادية.

قلتُ: هذا شيء طيب، وأسأل الله أن يتقبَّله منك، ولكن ما الذي غيَّرك؟.

قال لي: هذا الشهر تأخَّر دفع الجهاد الشهري عدة أيام.. تقاضيتُ راتبي وذهبتُ به إلى البيت فشغلتُ عن دفعه.. مرَّ عليَّ اليوم الأول زاد كسلي وكثُر فتوري ونقص راتبي.

قلت له: بإمكانك أن تدفعه بعد يومين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، وإذا كنت في ضائقةٍ طلبنا لك العون والمدد من إخوانك وأحبابك وأصدقائك.

قال لي أخي الكريم: لقد عوَّدني ربي عادةً منذ أن عقدتُ العزم والعهد على إخراج هذا الجزء من راتبي الشهري، وهو أنني إذا تأخرتُ عن دفعه أن يبعث الله إليَّ ببرقيةٍ مغلفة بالتذكير محفوفة بالسؤال، وهي أين حق الدعوة؟ أين جهادك؟ فتبدأ الآيات المحفوفة بالسؤال في الظهور على جسد الأولاد؛ هذا عنده دور برد والآخر قد ارتفعت درجة حرارة جسده، وتتعدد المصاريف وترتفع التكاليف.. وسبحان الله يُغيِّر الحالَ فبدلاً من أن أدفع جزءًا يسيرًا في الجهاد فإنني أدفع أجزاء في الدواء والمصاريف الأخرى، وهذا الشهر حدث نفس الفعل تأخرتُ وليس كثيرًا فجاءتني البرقية.. وها أنا أسرع الخطى لدفعه، وهذا ما غيَّرني أخي أنني تأخرتُ عن دفع جهادي المخصص للدعوة من دخلي الشهري.

شكرته على فهمه الراقي وجزيته خيرًا، وصوبتُ إليه النظر وصعدته لأرسل إليه برسالة احترام وتقدير بلغة العين مع اللسان، وقلتُ في نفسي: سبحان الله، أين أنت من صديقي الآخر الذي طلب منه أحد إخوانه نفقةً ماليةً لأنَّ الدعوةَ في حاجةٍ إليها فقال لهم بعد أن تغيَّرت معالم وجهه وكثُرت قسمات جبينه، وازداد بريق عينيه: والله أنا مدين، وقد اشتركتُ في جمعية.. ومعذرةً لن أدفع الآن لأني مشغول، وتعلل لهم بعلل كثيرة في نظري أنها علل عرجاء.

وساعتها وقفتُ بين الصديقين الكريمين:
* الأول: مَن علا فهمه وارتفع إيمانه ويقينه وأوفى ببيعته مع قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)﴾ (التوبة)، يقرأ هذه الآية وفي خلده الأخرى ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)﴾ (النحل)، ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)﴾ (الفتح).

وهو حذَّر وجل خائف من جوامع كلَّم النبي- صلى الله عليه وسلم-: عن عمران بن حصين رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ"- قَالَ عِمْرَانُ: لا أَدْرِي ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا بَعْدَ قَرْنِهِ- "ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ وَيَخُونُونَ وَلا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ" (رواه البخاري).

ويدور على لسانه ويتحرك بين شفتيه كلام الإمام البنا عليه رحمة الله تعالى، وهو يطرح سؤالاً يدور على ألسنة البعض: من أين المال؟

يتساءل هؤلاء الإخوان المحبوبون الذين يرمقون الإخوان المسلمين عن بعدٍ ويرقبونهم عن كثبٍ قائلين: من أين ينفقون؟ وأنى لهم المال اللازم لدعوة نجحت وازدهرت كدعوتهم والوقت عصيب والنفوس شحيحة؟

وإني أجيبُ هؤلاء بأن الدعوات الدينية عمادها الإيمان قبل المال، والعقيدة قبل الأعراض الزائلة، وإذا وُجِدَ المؤمن الصحيح وُجدت معه وسائل النجاح جميعًا، وإنَّ في مالِ الإخوان المسلمين القليل الذي يقتطعونه من نفقاتهم ويقتصدونه من ضرورياتهم ومطالب بيوتهم وأولادهم، ويجودون به طيبة نفوسهم سخيةً به قلوبهم، يود أحدهم لو كان له أضعاف أضعاف فينفقه في سبيل الله، فإذا لم يجد بعضهم شيئًا تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون.

في هذا المال القليل والإيمان الكبير ولله الحمد والعزة بلاغ لقوم عابدين، ونجاح للعاملين الصادقين, وإن الله الذي بيده كل شيء ليبارك في القرش الواحد من قروش الإخوان, و﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ (البقرة: من الآية 276)، ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ (الروم: من الآية 39)" (الرسائل).

* والثاني: الذي غاب عنه فقه الأولويات وارتدى منظارًا واحدًا في هذه الحالة يرى به فقر الدنيا فقرًا ونسي فقر الآخرة، وغنى الدنيا غنًى ونسي غنى الآخرة، وربح الدنيا ربحًا ونسي ربح الآخرة، وبؤس الدنيا بؤسًا ونسي بؤس الآخرة.

وقفتُ بين الاثنين، وقد جاءتني المواقف الإيمانية من حياة الصحابة والتابعين تترى من كل مكانٍ لم أنتهي من قراءة موقف إلا ويزاحمه الآخر قبل الانتهاء!! وأخذت أقيس حال الدعوة بين الاثنين مَن الذي يستحق شرف الانتماء إليها والتضحية من أجلها؟ مَن فيهم الذي يستحق شرف حملها ومَن الذي تحمله هي؟ مَن الذي يعيش على هامش الدعوة ومَن الذي تعيش الدعوة فيه؟.

* عبد الله بن جعفر بن الشهيد الطيار رضي الله عنهما لامه بعض أصحابه على كثرةِ إنفاقه في سبيل الله قال له: أوكلما سألك سائل أعطيته أما تخشى تقلبات الزمان؟ فقال: إنَّ الله عوَّدني عادةً وعودتً عباده عادةً: عودني أن يعطيني كلما أعطيت عباده، وعودتُ عباده أنه كلما سألني سائل أعطيته، فأخاف إذا منعتُ عطيتي وعادتي عن عباده أن يمنع عطيته وعادته عني.

لقد سبق الرجل غيره بسبب نظرته البعيدة ورؤيته للأمور وقياسه لها بمنظار الآخرة ورضا ربه ومولاه عز وجل فكان خبيرًا بها، فهو كما قال الحسن البصري رحمه الله: للناس حال وله حال الناس منه في راحة، وهو من نفسه في تعب.

يحضرني الآن كلام لابن الجوزي بين مَن يرى حق الدعوة في الدخل الشهري جبايةً، ومَن يراها جهادًا فالأول: لا يدفع إلا بالمطالبة كعبدِ السوء لا يأتي إلا بعد النداء، ولربما أبطأ ولم يجب بسرعة، وهو يحتاج إلى مَن يطرق بابه كثيرًا، ولربما أرسل إليه إنذارًا وأحاله بعد إلى القضاء والشرطة لينتهي الأمر إلى الحجز ثم الطرد.

والثاني: تحركت فيه الذاتية فرأى الأشياء على حقيقتها والأمور على طبيعتها، فهو يفهم بالإشارة وكل لبيب بالإشارة يفهم.. قال ابن الجوزي: ألم ترَ إلى أرباب الصنائع لو دخلوا إلى دار معمورة رأيت البناء ينظر إلى الباب والحوائط والنجار ينظر إلى الباب والحائك ينظر إلى النسيج فكذلك المؤمن اليقظان إذا رأى ظلمة ذكر ظلمة القبر، وإذا شكا ألمًا ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا ذكر نفخة الصور، وإن رأى نيامًا ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة ذكر الجنة.

ويقول ابن رجب- رحمه الله- في نور الاقتباس: فمَن قام بحقوق الله عليه فإن الله يتكفل بجميع مصالحه في الدنيا والآخرة، ومَن أراد أن يتولى الله حفظه ورعايته في أموره كلها فليرعَ حقوق الله عليه، ومَن أراد ألا يصيبه شيء مما يكره فلا يأتِ شيئًا مما يكرهه الله.

ويقول في مجموعة رسائله: ومن لطائف أسراره اقتران الفرج باشتداد الكرب أن الكرب إذا اشتدَّ وعظم، وتناهى وجد الإياس من كشفه من جهة المخلوق ووقع التعلق بالخالق، ومَن انقطع عن التعلق بالخلائق وتعلق بالخالق استجاب الله له.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاءِ الدُّعَاءَ" (الطبراني).

أين أصحاب البصائر ليقرءوا هذا الكلام حتى يؤمنوا بأن حقَّ الدعوة في الدخل الشهري جهاد وليس جباية، وإذا ما أدوه على أكمل وجه، وأوفوا بعهد معه تكفل الله بحفظهم ورعايتهم، واستجابَ لهم وقضى لهم حوائجهم.

يقول الله عز وجل:﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)﴾ (محمد).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا، وَلا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا" (رواه أحمد والنسائي).

قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى: "الحرص من شرِّ أداة الفتى، لا خيرَ في الحرص على حال مَن بات محتاجًا إلى أهله هان على ابن العم والخال".

روى البخاري بإسناده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا"

ماذا لو تعلَّقت دعوة الله يوم القيامة بكل مَن حملها وبخل بماله عنها، وقالت: يا رب هذا عبدك حملني ومنع معروفه، وبخل بماله عني؟ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "كم من جارٍ متعلق بجاره يوم القيامة يقول: يا رب هذا أغلق بابه دوني ومنع معروفه".

هذا فرد تعلَّق يوم القيامة بمَن شحَّ بماله وبخل به عنه، فما بالنا بدعوة الله التي تحمل الخيرَ لكل الناس، وتأخذ بحجزهم عن النار؟ وبأيديهم إلى كل فضيلة؟ تخاطب كل الشرائح وتصل إلى كل الفئات؟.

كيف بنا إذا تعلَّقت بنا يوم القيامة لها لسان ينطق وأذن تسمع وعين تبصر تصرخ وتشكونا إلى الله بأننا قطعنا رجاءها ولم نُضح بمالنا من أجلها؟ إن لم يجاهد الدعاة بأموالهم فمَن يجاهد؟ وإذا بخلوا عليها فمَن يجود؟ وإذا لم يرفعوا راية الجهاد بالمال فمَن يرفعها؟.

إن الجهاد بالمال في هذا الميدان الرحب الواسع المتعدد المنافع الكثير الأغراض ثوابه كبير وأجره وفير وثوابه عميم، فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ" (متفق عليه).

شرف كبير أن تكون من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن شريطة أن تكون كالأشعريين في تكافلهم عند نزول الشدائد والمحن، وهذا ليس بالصعب ولا بالعسير، فالشدائد التي تنزل بين الحين والحين على إخوانك الذين يحملون همًّا كهمك وهمةً كهمتك كثيرة، وأنت بجهادك تخفف عنهم، وتشارك في نشر النور وتبدد جزءًا من ظلام الفاسدين والمفسدين.

إنك بجهادك أخي الكريم ترفع راية يراد لها أن تنكس ومصحفًا يراد له أن يدنس وشريعة يراد لها أن تحرف وتقصى وتنسف.

إنك بجهادك أخي تشارك في كفالة طالب علم، وسد رمق أرملة، وتخفف عن مريض آهةً.

إنك بجهادك أخي تنشر دعوةً فتأخذ بيد العاصي إلى النور، وترشد الضال إلى الطريق، وتشارك في وضع لبناتِ التمكين لدين الله في الأرض.

إن ما يدعونا إلى الغيرة على دعوة الله ما نراه من تضحيةٍ بالمال والوقت والجهد من أهل الباطل من أجل نشر باطلهم والدفاع عنه.

لقد سجَّل القرآن على أهل الكفر تضحيتهم بأموالهم من أجل نصرةِ باطلهم: ﴿إن الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36)﴾ (الأنفال).

هذا أخي ما يدعونا إلى التضحية من أجل نشر دعوة الله بين الناس بالليل والنهار بكل ما أُوتينا من وقتٍ ومالٍ وفكرٍ نبتغي من وراء ذلك رضا الله عز وجل.

سَأَلَ رَجُلٌ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَعِظَهُ فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِالرِّزْقِ فَاهْتِمَامُك بِالرِّزْقِ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَ الرِّزْقُ مَقْسُومًا فَالْحِرْصُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَ الْخَلَفُ عَلَى اللَّهِ حَقًّا فَالْبُخْلُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَتْ الْجَنَّةُ حَقًّا فَالرَّاحَةُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ حَقًّا فَالْمَعْصِيَةُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَ سُؤَالُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ حَقًّا فَالْأُنْسُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَتْ الدُّنْيَا فَانِيَةً فَالطُّمَأْنِينَةُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَ الْحِسَابُ حَقًّا فَالْجَمْعُ لِمَاذَا؟، وَإِنْ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ فَالْحُزْنُ لِمَاذَا؟.

وَقَدْ قَالَتْ رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ لِرَجُلٍ رَأَتْهُ مَهْمُومًا: إنْ كَانَ هَمُّكَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَزَادَكَ اللَّهُ هَمًّا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَفَرَّجَ اللَّهُ هَمَّكَ. (المدخل للعبدري).

نحن في حاجةٍ إلى أن نُضحي من أجلها أكثر من حاجتها إلى تضحيتنا، مَن آمن بذلك سعى إليها بماله مجاهدًا، ومَن لم يؤمن انتظر مَن يجبي منه المال بطرق بابه مرةً ومطالبته أخرى والإسرار إليه مرةً والجهر أخرى.

حُكي أن إبراهيم بن أدهم أراد أن يدخل الحمام فمنعه الحمامي أن يدخله بدون الأجرة فبكى إبراهيم وقال إذا لم يؤذن لي أن أدخل بيت الشيطان مجانًا؟ فكيف بالدخول في بيت النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بلا زادٍ ولا عمل؟

فادفع الأجرة وأوفِ بعهدك وتاجر مع ربك يهدك إلى سواء الصراط ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)﴾ (العنكبوت).

واحمد الله الذي فتح لك باب الجهاد بالمال طوال حياتك، في حين أغلق في وجوه الكثيرين من أبناء أمتك، واحذر أخي أن يحجبَ الله عنك أنواره ﴿كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)﴾ (التوبة).

متعنا الله بالصحة والعافية، ورزقنا حب الجهاد في سبيله آمين.. آمين والحمد لله رب العالمين.
----------------

حق الدعوة في الدخل الشهري


لقيت صديقي العزيز بعد أن تأخَّر عن دفع حق الدعوة في دخله الشهري، وسألته عن السرِّ فأعرض ونأى وكاد أن يلتفت، فابتسمت له ابتسامةً مصحوبةً بربتةٍ على كتفه، وقلت له: هذا من حقِّ الأخوة بيننا أن أهتمَّ بك، وأعرف عنك كل شيء؛ فإن كنت في ضائقةٍ ماليةٍ رفعنا سويًّا شعار التكافل والتكامل، وإن كان فتورًا أو كسلاً أخذتُ بيديك وأخذتَ بيدي إلى الجدِّ والاجتهاد والحماسة والجهاد، وإن كان حرصًا وبخلاً فتحت يديك وفتشت بين قلبك وعينيك عن الجود والكرم لتعلنها لربك لبيك وسعديك والخير منك وإليك، خذ مني ومن مالي حتى ترضى عني.

* أما علمت أخي الكريم أن من حقي عليك أن تفصح لي عن همومك وآلامك بعد أن عشت معك في دعوة الله سنين؟

* أما علمت أخي أنك بالنسبة لي صفحة مفتوحة، وهكذا أنا بالنسبة لك؟ فمن العيب عليَّ ألا أهتم بك وأن لا أسأل عنك فأنت أخي كدرك كدري وهمك همي يحزنك ما يحزنني ويحزنني ما يحزنك، ويسعدك ما يسعدني ويسعدني ما يسعدك.

دقات قلبك نبض قلبي وخطاك خطوي بين دربي
الله آخــى بيننا بعقيـ دة ربـطت وحب
فرباطنا ديـن الإله فمن يفـل رباط ربي
* ثم أخي الكريم أما يحزنك أن تتفاوت المنازل بيننا يوم القيامة؛ لأني بخلت عليك بالسؤال والنصيحة؟ أو لأنك غفلت عن حق الدعوة في مالك بعد العهد الذي قطعته بينك وبين ربك أن تحرسها وتحميها بنفسك ومالك وأن تضحي من أجلها بكل شيء؟

* أما قرأت آية سورة الزمر ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ (الزمر: من الآية 73)، أي جماعات؟

يقول ابن كثير: جماعة بعد جماعة: المقربون، ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، كل زمرة تناسب بعضها بعضًا (تفسير ابن كثير).

ونحن فكرنا واحد، ورايتنا واحدة، وفهمنا لشمولية الإسلام واحد، واسمي مع اسمك في مكان واحد، والمائدة التي نجلس عليها واحدة، والطريق الذي نسير فيه ونسرع عليه الخطى إلى الرضوان والجنة واحد، ويدي مع يدك رافعة للراية، وغرسي بجوار غرسك لإنبات زرع التمكين لدين الله في الأرض، فكيف لا أسأل عنك أو لا تسأل عني؟ من العيب أن لا أسأل ومن العيب عليك أن لا تجيب.

روى البخاري بإسناده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لا يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلا يَمْتَخِطُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمْ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنْ الْحُسْنِ، لا اخْتِلافَ بَيْنَهُمْ وَلا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا" جعلني الله وإياك منهم.

* أخي الكريم.. إن سر سؤالي لك وإلحاحي عليك هو رصيد حبي الكبير لك يعلم الله وحده ذلك، أو ما علمت أن عمر رضي الله عنه صلى الفجر ثم التفت فقال: أين معاذ بن جبل؟ وكان معاذ يصلي في مؤخرة الصفوف، فقال: ها أنا يا أمير المؤمنين، فقال: يا معاذ لقد تذكرتك البارحة فبقيت أتقلب على فراشي حبًّا وشوقًا إليك فتطاولا وتقابلا وتعانقا وتباكيا حتى ضجَّ المسجد بالبكاء.

وفي الزهد لأحمد بن حنبل، عن الحسن أن عمر رحمه الله كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل، فيقول: (ما أطولها من ليلة) فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه؛ التزمه، أو اعتنقه.

اللهم اجعل حبي لك كحب عمر لمعاذ.. رحم الله عمر ومعاذ ورضي عنهما، لقد غابت عنا هذه الروح العمرية، وخفتت بعض الشيء، ولو كانت موجودة لأجبتني على الفور وما ترددت يا أنا، أتذكرك عند الغروب، صورتك تسبق صورتي، وترتسم في قلبي فأدعو لك قبل نفسي وأهلي، وأنت الآن تغضب مني وتعرض عني؟ سامحك الله أخي الكريم.

* أو ما قرأت موقف المأمون مع مخارق عندما أنشده بيتًا لنديمه أبي العتاهية
وإني لمحتاجٌ إلى ظلِّ صاحبٍ يروق ويصفو إن كدرت عليه
فقال لي: أعد، فأعدت سبع مرات، فقال لي: يا مخارق خذ مني الخلافة وأعطني هذا الصاحب.

لماذا لا تكون أنت أو نكون أنا هذا الصاحب الذي يصفو ويروق عند كدر صاحبه؟ وما سألتك أخي من باب الفضول، فيعلم الله أنني لا أريد لك أن تعيش في كدر أو حزن أبدًا.

* إن هذا الجهاد أخي الكريم مطيتك يوم القيامة إلى الجنة، فلا تجعلها ضعيفة هزيلة بل قوها بجدك، وحلها بسعيك وجملها بإنفاقك، ولا تضعفها بفتورك واعتذارك عن عمرو بن قيس الملائي قال: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبُه ريحًا، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: لا، إلا أن الله قد طيَّب ريحك وحسَّن صورتك! فيقول: كذلك كنت في الدنيا، أنا عملك الصالح، طالما ركبتك في الدنيا، فاركبني أنت اليوم! وتلا ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)﴾ (مريم) (تفسير ابن كثير).

* أتعلم أخي أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما طلب الصدقة من النساء في يوم عيد في ساعة رخاء وفرح وسرور فإنهن تصدقن بحليهن، ولم يحوجنَّ النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمال ليجبو منهن الأموال؟ روى مسلم بإسناده عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: (شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: "تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ، سَفْعَاءُ الْخَدَّيْن،ِ فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ"، قَالَ فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرِاطَِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ).

لا تباطؤ ولا كسل ولا فتور، بل سباق إلى الجنة وإلى عتق الرقاب- بهذه الصدقات- من النار، لقد سبقوا غيرهم من أثرياء اليوم الذين آمنوا بالتثاؤب والتباطؤ والفتور والكسل، يترك أحدهم جهاده بلا عذر مقبول، ولا يدفع إلا بعد المطالبة والإلحاح وكثرة السؤال.

ألسنا اليوم بعد أن كثرت رايات العنت والتضييق من قِبل الظالمين والفاسدين والمفسدين أن نسارع بإخراجها؟ أما يدعونا وضع إخواننا المشردين والمضطهدين في أرض الله إلى أن نسرع الخطى وأن نبكر بها بعد أن أصبحت بعد الكفاية عينًا؟

* فالتفت إليَّ مبتسمًا، ورد الجميل بالجميل، والمعروف بالمعروف، والإحسان بأحسن منه، فابتسم ابتسامة مصحوبة بربتة الحب على القلب قبل الكتف وقال: أخي جزاك الله خيرًا على نصحك، لقد علتني بعض الهموم والمشاكل والمشاغل، وسبق الجميع الفتور والكسل ليس إلا، وما تأخرت لشك ولا لشبهة؛ لأني آمنت من أعماق قلبي بأن ذلك حق دعوي وعقد وعهد رباني عقدته منذ أن وطأت أقدامي هذه الدعوة.

* ومن أخي الكريم يرضى لنفسه بعد أن ذاق نعمة البذل والعطاء في هذا الميدان الرحب والواسع والفسيح أن يحرم نفسه منها، وماله من متعتها، وقلبه من الشعور بها، ويده من الحركة بها، وعقله وفكره من مردودها، وبيته من بركتها؟

أخي.. لقد ذقت لذة الجهاد بمالي فكيف أقطعه؟ إن من ذاق لذة البذل وسط هذه المحاريب والميادين عرف، ومن جرب صدق، ومن مرَّ في حياته بهذا الشعور بقي يطلبه باستمرار.

إنها نعمة مَنَّ الله بها عليّ وباب من الخير فتح لي فهل أغلقه، لا وألف لا، هكذا يحدثني عقلي، وإن تأخرت فلن أتركه فهو دين في عنقي لا بد من الوفاء به.

* أعرف أخي سر سؤالك لي، وهذا ما تبادر إلى ذهني الآن، فإن كنت تظن أخي أنني أستكثر ما أدفعه في الجهاد المالي للدعوة؛ فأنا أعرف والله تشعب الميادين وكثرتها وقلة الموارد وندرتها، وما ندفعه من مال الله الذي استخلفنا عليه لها إلا قليل؛ لأن المسلم في حالة الجهاد يبذل الغالي والنفيس من أجل التمكين لدين الله في الأرض، وما العشرة في المائة التي يقرؤها البعض على أنها كثيرة إلا غيض من فيض بجوار هذه الميادين الرحبة الواسعة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وسر من أسرار التحديد مراعاة جهد المقل، أما المكثر فالميدان مفتوح والباب واسع ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)﴾ (الطلاق)، وأما المقل فلينفق على قدر استطاعته حتى لا يفوته الثواب، وليشارك في القافلة وليزاحم غيره من إخوانه من أهل البذل والعطاء، مشاركًا في نشر الفكرة ورعاية الأخوة ومنطلقًا بالدعوة.

* نؤمن يا أخي أن هذا الحق الدعوي في الدخل الشهري فريضة وضرورة، فكيف أتقاعس وأنا أرى حال الأمة يتردى وأرى الراية تسقط؟ هل يغمض لي جفن أو يجف لي دمع أو تتوقف لي يد عن البذل والعطاء؟ والله عز وجل يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13)﴾ (الصف).

* أعرف أن إخواني يريدون أن يأخذوا بأيدينا إلى الجنة أخذًا بهذا الجهاد فجزاهم الله خيرًا، ومن يغضب من ذلك فليراجع نفسه، وثقتي في قدرتهم على القيام بتوزيع هذا الجهاد وهذا الحق الدعوي في مصارفه ووضعه في مواضعه كبيرة، فهم أمناء وأيديهم طاهرة، ووقوع هذا المال في أيديهم بركة، فهو مال مبارك في أيدٍ أمينة مباركة.

* يا أخي نخرج من أموالنا لدعوتنا وشعارنا معها ما قاله الصحابة لنبيهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر "خذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت به من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك" (السيرة النبوية لابن كثير).

فخذي أيتها الدعوة من أموالنا ما تشائي، واتركي ما تشائي، فما أخذتي أحب إلينا مما تركتي.

* وأنا أعتقد أخي الكريم أن الجهاد المالي ليس كلامًا، وإنما هو واقع عملي، على هذا بايعت، وبه آمنت، وعلى بركة الله توكلت، أعرف التبعات والعقبات، ومهما علت فلن أتراجع ولن أسلم رايتي؛ لأن الجنة هنا والراحة هناك، أقول ذلك لفرط ثقتي في عطاء ربي، فالإنسان إذا خرج إلى السوق لشراء سلعة وكان معه ثمنها وهو متأكد وواثق من وجودها في السوق فإنه يتبادر إلى ذهنه أن السلعة في جيبه لفرط ثقته في وجودها وملك ثمنها.

والجنة سلعة غالية موجودة، أعد الله فيها للمتقين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وثمنها في الدنيا الجد والتشمير، والسعي المتواصل المستمر الذي لا ينقطع أبدًا في محراب العبادة وميدان الدعوة وساحة العلم والتضحية.

فإذا ما باع الإنسان نفسه وماله وكل ما يملك لله ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ﴾ (التوبة: من الآية 111)، وهذا يسمى بالمعاوضة فإنه بذلك يكون قد اشترى الجنة.. "ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة".

فالجنة معنا إذا ملكنا الثمن أما إذا أصيب الإنسان بالفلس فلا سلعة له.

فمن جد واجتهد هنا استراح هناك، ومن لعب وضيَّع وفرَّط هنا تعب وأرهق هناك.

إن الداعية أثناء سعيه بين الناس مبلغًا دعوة الله يجد الجنة ويشعر بها كشعور أنس رضي الله عنه عندما شعر بالخطر على الإسلام، فصرخ في الصحابة قوموا موتوا على ما مات عليه رسول الله إني أجد ريح الجنة.

ولو سعى الداعية كسعي أنس في يوم أحد، واستشعر المسئولية كشعوره، واحترق أثناء تبليغه للإسلام كحرقته لشم رائحة الجنة ونعيمها كما شمها أنس وسعد بن الربيع رضي الله عنهما، ولرأى الجنة رأي عين بعد كده وتعبه وأرقه وبذل كل طاقته في سبيل تبليغ دعوة الله في الأرض، كما رآها خبيب بن عدي رضي الله عنه وهو في الأسر.

ذكر الواقدي في مغازيه قوله.. وَكَانَتْ مَاوِيّةُ قَدْ أَسْلَمَتْ بَعْدُ فَحَسُنَ إسْلامُهَا، وَكَانَتْ تَقُولُ وَاَللّهِ مَا رَأَيْت أَحَدًا خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاَللّهِ لَقَدْ اطّلَعْت عَلَيْهِ مِنْ صِيرِ الْبَابِ وَإِنّهُ لَفِي الْحَدِيدِ مَا أَعْلَمُ فِي الأَرْضِ حَبّةَ عِنَبٍ تُؤْكَلُ وَإِنّ فِي يَدِهِ لَقِطْفَ عِنَبٍ مِثْلَ رَأْسِ الرّجُلِ يَأْكُلُ مِنْهُ وَمَا هُوَ إلا رِزْقٌ رَزَقَهُ اللّهُ، وَكَانَ خُبَيْبٌ يَتَهَجّدُ بِالْقُرْآنِ وَكَانَ يَسْمَعُهُ النّسَاءُ فَيَبْكِينَ وَيُرَقّقْنَ عَلَيْهِ.(مغازي الواقدي).

فعلى الداعية أن يؤمن بهذه البرقيات وأن يثبتها في عقله وقلبه، وأن يجعلها معه في كل جولاته ليراها ماثلة أمامه كلما سدت في وجهه الأبواب وحيل بينه وبين الناس والأحباب، وكلما دخل عليه الفتور، ليثبت على الطريق ولا يعتذر عن تكليف ولا يهرب من جهاد ولا ينتظر من يجبي منه المال، بل يبادر ويسارع ويسابق غيره في الميدان.

* إن الله قد اختارنا للذبِّ عن دينه والدفاع عنه، والعمل في ساحة الدعوة ومحرابها مع إخواننا؛ ولذلك أؤمن بأنه ينبغي علينا أن نقوم ببري سهم دعوتنا حتى يكون نافذًا مخترقًا للصعاب والآلام مؤثرًا صائبًا.

وبري السهم بعد الاختيار والاصطفاء والاجتباء يكون بالإخبات لله والتذلل بين يديه، والاعتصام به سبحانه وتعالى فمنه العون والمدد، والتضحية والجهاد بالمال والنفس؛ فقد خصَّنا من بين الناس بهذا الفضل وبهذا الشرف العظيم وهو التوقيع عنه في الأرض بين الناس.

* أخاف على نفسي كما تخاف على نفسك من أن أموت صغيرًا بسبب كسلي وعدم جدي واجتهادي فأقصي من ميدان الكبار ومصنع الرجال والأبطال، يقول سيد قطب في تفسير قول الله تعالى ﴿قُمْ فَأَنذِرْ (2)﴾ (المدثر): إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، ولكنه يعيش صغيرًا ويموت صغيرًا، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير، فما له والنوم؟ وما له والراحة؟ وما له والفراش الدافئ، والعيش الهادئ؟ والمتاع المريح؟! ولقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر وقدّره، فقال لخديجة رضي الله عنها وهي تدعوه أن يطمئن وينام: "مضى عهد النوم يا خديجة"! أجل، مضى عهد النوم، وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق! "الظلال".

* فانفرجت أسارير قلبي قبل وجهي، وعلت الابتسامة جبيني، وقلت له بعد أن قبضت على يده بشدة قبضت المحب الخائف على حبيبه ونفسي تحدثني قائلة لي: على هذا تربينا أيها البطل، ثم قلت له: إذا كان هذا فهمك وهذا إيمانك فما الذي يدفعك لأن تجبي منك الدعوة حقها في دخلك الشهري يطالبك زيد مرة ويلتفت إليك عمرو أخرى يلمح هذا ويصرح ذاك؟ لماذا لا تتحرك أنت حركة ذاتية مصحوبة بحب الجهاد والتضحية؟ إن رصيد التربية الذي عشته وعشناه في محراب الدعوة يدفعنا للجهاد والتضحية بعيدًا عن الجباية والمطالبة.

أتعلم أن الناس في الحياة لهم مشارب مختلفة، فالذي يحبه زيد قد يكرهه عمرو وعلى العكس ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ (هود: من الآية 119).

وإذا ما نظرنا في الحياة التعبدية نجد أن واحدًا يحب القيام ويكثر منه، والآخر يحب الصيام ويكثر منه، والآخر يدمن قراءة القرآن الكريم، هذا يحب الذكر والآخر يحب التفكر.

ومع الكل يعمل عداد الإيمان ولا يتعطل، ولكن فرق بين من يحصي له العداد بالآحاد ومن يحصي له العداد بالعشرات ومن يحصي له العداد بالمئات ومن يحصي له العداد بالآلاف ومن يحصي له العداد بالملايين والمليارات.... ومن يحصي له العداد بلا حصر.

فقدرات الناس متفاوتة في تشغيل العداد وأفهامهم متعددة، والكل يسعى وله أجره وثواب سعيه.

ولكن هل يستوي من يحصي بأقل مجهود جبالاً من الحسنات ومن يتعب نفسه ويرهق روحه ثم يخرج بالقليل؟ هل يستوي من يحصي له العداد بلا حصر مع من يحصي له العداد بالآحاد؟

إن ورثة الأنبياء الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وأوقفوا حياتهم لله يعد لهم العداد بلا حصر إن تجردوا وأخلصوا في أعمالهم لله عز وجل.

ومن العيب على الداعية أن يرضى بالدون ولا يتطلع إلى معالي الأمور.

وأن يستوي مع من يحصي له عداده الإيماني بالآحاد أو العشرات، لأن وريث النبي صلى الله عليه وسلم مجاهد يحلق دائمًا في سماء الفضل كما صوره الإمام البنا عليه رحمه الله: ".... أعد العدة، وأخذ الأهبة، وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه وجوانب قلبه؛ فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام على قدم الاستعداد، إن دُعي أجاب أو نُودي لبى، غدوه ورواحه حديثه، وكلامه جده، ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له، حياته وإرادته يجاهد في سبيلها، تقرأ في قسمات وجهه وترى في بريق عينيه وتسمع من فلتات لسانه ما يدلك على ما يضطرم في قلبه من جوى لاصق وألم دفين وما تفيض به نفسه من همة عالية وغاية بعيدة" .اهـ. لا يرضى بالدون أبدًا، فهو لا يلهو مع من يلهو، ولا يلعب من يلعب، يعمل في الحياة ويتحرك على بصيرة وفق خطة مستنيرة.

ثم قلت له: عذرًا أخي إن كنت قد أطلت عليك فيعلم الله أني أحبك في الله، ولا أريد أن أتفلت منك أو تتفلت مني يوم القيامة.

فقال لي: عذرًا أخي لن أعود وأعدك بالوفاء لبيعتي وعهدي مع دعوتي وإخواني، ومن اليوم عهد جديد مع البذل والعطاء، وإن علاني الكسل فترة فإن شاء الله سأخلع عباءته، فليس من العيب أن يقع المرء، ولكن العيب أن يظل راقدًا على الأرض، وبعد نصحك لي قد نهضت من جديد، أسأل اللهَ أن يشرح صدورنا، وأن يتقبل جهادنا، وأن يثبتنا على دعوته، اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
-----------