بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 27 فبراير 2010

أحب الناس إلى الله

عن عبد الله بن عمر أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال: "يا رسول الله أي الناس أحبُ إلى الله؟" وأي الاعمال أحبُ إلى الله؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 'أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه دينا،أو تطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في المسجد شهراً، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل' حديث حسنه الألباني
فهذا حديث عظيم, ملىء بالدعوة الى الحب والمحبة والأخوة الصادقة والأخلاق العالية الرفيعة الكفيلة بإشاعة التراحم والتكافل بين أفراد الأمة وتحويل المجتمع الى كيان وجسد واحد يتداعى بعضه لبعض ويحمل كل عضو هم الأخر بكل رضي وسرور.
إن للأخوة أبواباً جليلة وواجبات كثيرة وحقوقاً عظيمة وهذا يدل على عظم منزلة الأخوة والألفة والمحبة ..هناك باب من أبواب الأخوة عظيم النفع جليل القدر كثير الأجر ، به تحفظ الأخوة ، به تدوم الألفة ، به تصدق المحبة ، و به يختبر الصديق ويمتحن في صدق محبتهِ . إن قضاء الحوائج واصطناع المعروف باب واسع يشمل كل الأمور المعنوية والحسية التي ندب الإسلام عليها وحثَّ المؤمنين على البذل والتضحية فيها لما فيه من تقويةٍ لروابط الأخوة وتنمية للعلاقات البشرية ،
فالأيمان ليس فقط عقيدة ينعقد عليها القلب فحسب بل لابد لها من أعمال تصدقها وتبرهن على حقيقة وجودها في تلك المضغة التي لو صلحت لصلح الجسد كله ولو فسدت لفسد الجسد كله, وفي هذه الكلمات النيرات المنطلقة من أطهر لسان (وما ينطق عن الهوى , إن هو الا وحي يوحى ) رسمٌ لمعالم المجتمع الفاضل الذي يحرص كل فرد فيه على حاجات أخيه ومشاعره وأحاسيسه وتأسيس لمجتمع متكافل متراحم. ففي هذا الحديث ربط جميل بين منزلة المحبة العظيمة التي يتمناها ويشتاق اليها كل مسلم رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وبين سلوكيات المسلم مع نفسه ومع مجتمعه ومع إخوانه في كل الأحوال وفي كل الظروف. فلكي تنال هذه المنزلة العالية وهي محبة الله عز وجل فاحرص على ان تكون مصدر نفع لكل الناس صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم وترك لك الخيار في اختيار أنفع ما تستطيعه حتى تقدمه للناس.
فهذا رجل ن الذين طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا يسأل النبى عن احب الناس الى الله عسى ان يكون منهم ويسأل عن احب الاعمال الى الله تعالى ليعملها فيجيبة النبى بهذا الحديث العظيم الجامع لانواع الخير وخصال البر وفى السؤال وجوابه دليل على محبة الله لاهل الخير كما قال تعالى " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين"
والنبى فى هذا الحديث يبن أن أحب الناس الى الله انفعهم للناس ومعنى ذلك أن الناس يتفاوتون فى محبة الله عز جل لهم وأن أحبهم اليه سبحانة وتعالى انفعهم للناس فكلما كثر نفع العبد لاخوانة من المسلمين كلما ازدادت محبة الله تعالى له وكلما نقصت منفعة العبد لاخوانه من المسلمين كلما نقصت محبة الله تعالى له. والنفع المذكور فى هذا الحديث ليس مقصورا على النفع المادى فحسب ولكنه يمتد ليشمل النفع بالعلم والرىء والنصيحه والمشوره والجاه والسلطان ونحو ذلك فكلما أستطعت أن تنفع به إخوانك المسلمين فنفعتهم به فأنت داخل ف الذين يحبهم الله.
ولما أخبر النبي السائل بمن يحبهم الله من عباده، فقال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس) أشار إلى منزلة عظيمة جدا، ودرجة عالية رفيعة، ذلك أن محبة الله للعبد شيء عظيم، فإن الله إذا أحب عبدا أحبه أهل السماء والأرض، وإن الله إذا أحب عبدا لا يعذبه، كما جاء في الحديث عن النبي : (إن الله تعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) , وقال : ( والله لا يلقى الله حبيبه في النار). ولذلك لما قالت اليهود والنصارى نحن ابناء الله وأاحبائه أمر الله تبارك وتعالى النبى أن يقول لهم " قل فلم يعذبكم بذنوبكم" فلو كنتم أحبابه ما عذبكم لان الحبيب لا يعذب حبيبه, فقر عينا ايها المسلم يا من تجتهد فى نفع اخوانك من المسلمين فإنك اذا نفعت الناس أحبك الله وإذا أحبك الله أحبك أهل السماء ووضع لك القبول فى الارض وإذا أحبك الله لا يعذبك ابدا.
ثم جاء الحديث وأبرزلنا جانبا من جوانب النفع المعنوي النفسي وهو إدخال السرور الى قلب أخيك المسلم ثم ترك لك الخيار في إيجاد الطريقة المناسبة لإدخال السرور في قلبه, فقد تكون كلمة طيبة او ابتسامة او زيارة .... وأقلها كما قال أحد الصالحين : " حق أخيك المسلم ثلاث: إذا لم تنفعه فلا تضره ... وإذا لم تمدحه فلا تذمه .. وإذا لم تسره فلا تغمه "" إن الأعمال الصالحة التي تنفع الناس ترتقي إلى مستوى العبادات. فإذا أدخلت السرور على أخيك المؤمن فهذه واحدة من أرقى العبادات؛ قد تسره بكلمة أو بابتسامة أو بعطاء . أو بقرض أو حتى بتلبية دعوته لك. فأي وجه من أوجه إدخال السرور على المؤمن له عند الله شأن كبير. بل إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخ مسلم كعيادته إذا مرض أو تلبية دعوته إلى طعام أو تهنئته في الفرح أو تعزيته في الحزن.
وعن ابن عباس أن النبي قال: "إن أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم." وعن أنس قال: قال عليه الصلاة والسلام:"من لقي أخاه المسلم بما يحبُ ليَسُرَهُ بذلك سَرَهُ الله عز وجل يوم القيامة." وعن عمر : "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن: كسَوتَ عورته أو أشبعتَ جوعته أو قضيتَ له حاجة ."
فالمؤمن إذا خدم الناس ومسح دموعهم وأزال عنهم كربهم وأعانهم وأمسك غضبه عن من هو أضعف منه وسترهم (ومن أسماء الله الحسنى "الستار") أصبح من أحب الناس إلى الله، لأن كل شيء يقوم به محفوظ عند الله: مواقفه وعطاءاته وابتساماته وحتى زياراته.
فكل هؤلاء الناس من حولنا هم خلق الله، فإذا خدمتهم تقربت إلى خالقهم بخدمتهم وجزاك الله عنهم في الدنيا قبل الآخرة.
فأن يحبك الله عز وجل، خالق الكون ومن إليه المصير ومن تؤول إليه إلى الأبد، فإن ذلك منتهى الآمال. قال الضحاك في قوله تعالى{ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } - في قصة يوسف عليه السلام -: "كان إحسانه إذا مرض رجل بالسجن قام عليه ، وإذا ضاق عليه المكان وسع له إذا احتاج جمع سأل له".
وقيل لابن المنكدر أي الأعمال أفضل؟ قال: "إدخال السرور على المؤمن". قيل أي الدنيا أحب إليك ؟ قال: "الإفضال على الإخوان". أي التفضل عليهم والقيام بخدمتهم.
وقال وهب بن منبه: "إن أحسن الناس عيشاً من حسن عيش الناس في عيشه وإن من ألذ اللذة الإفضال على الإخوان"
فوائد قضاء الحوائج:- يقول ابن عباس: لا يزهدنك في المعروف كفر من كفره فإنه يشكرك عليه من لم تصنعه إليه، أيضاً يقال: لا يزهدنك في المعروف من يسديه إليك، ولا ينبو ببصرك عنه، فإن حاجَتَك في شكره ووفائه لا منظره، وإن لم يكن أهله فكن أهله. قال عمرو بن العاص: "في كل شيء سَرَفٌ إلا في ابتناء المكارم أو اصطناع المعروف ، أو إظهار مروءة".
حفظ الله لعبده في الدنيا كما في الحديث القدسي" يابن آدم أنفق ينفق عليك " وقد قيل (صنائع المعروف تقي مصارع السوء) قال ابن عباس: "صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئاً".. وكان خالد القسري يقول على المنبر: "أيها الناس عليكم بالمعروف فإن فاعل المعروف لا يعدم جوازيه وما ضعف عن أدائه الناس قوي الله على جوازيه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق