عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال : ( أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه ديناأو تطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن اعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام ، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل ) رواه الطبراني في الكبير ، وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة .
إن بعض الناس يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم خاصة إذا كان ذا وجاهة أو سعة من المال .ولا يدري أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه .فلئن تقضي لأخيك حاجة كأن تعلمه أو ترشده أو تحمله أو تقرضه أو تشفع له في خير أفضل عند الله من ثواب اعتكافك شهرا كاملا.
إن مجرد أن تقضي لأخيك حاجة قد لايستغرق أداؤها أحيانا نصف ساعة فإنه يسجل لك بها ثواب اعتكاف شهر واحد ، فتخيل لو أردت اعتكاف شهر كامل كم ستحتاج من مجاهدة للنفس بتعطيل أعمالك الخاصة وبقائك حبيس المسجد ثلاثين يوما إما ذاكرا لله أو ساجدا أو قارئا للقرآن ؟ ولكن خلال دقائق معدودة تنجز فيها لأخيك حاجته أو تسعى فيها لأرملة يسجل في صحيفتك كأنك اعتكفت سنوات عديدة .فكم سنة لم تحييها في الواقع سيسجل لك ثوابها إذا سخرت جزءا من وقتك لخدمة إخوانك المسملين ؟ إن الموظف الذي يقابل الجمهور وهو على مكتبه ليخدمهم وينجز لهم معاملاتهم لو استحضر هذا الحديث واحتسب عمله ، فكم من السنوات سيسجل له ثواب اعتكافها يا ترى ؟ إن بعض هؤلاء الموظفين تجدهم يشغلون أنفسهم عن المراجعين بأحاديث جانبية مع زملائهم في الوظيفة أو يتغيبون عن مكاتبهم وبعضهم يتعمد تعطيل المراجعين وتأخير معاملاتهم ولو علم بهذه الأحاديث النبوية وأمثالها لما بدرت منه هذه التصرفات.
فعلى العاقل ان يستعين على قضاء حوائج نفسة بالسعى فى قضاء حوائج الناس فإنك اذا سعيت فى قضاء حاجات المسلمين سعى الله نفسة فى قضاء حاجتك فأيهما خير لك؟ أن تسعى انت فى قضاء حاجة نفسك ام يسعى لك العليم القدير الذى بيدة ملكوت كل شئ وعندة خزائن كل شئ فى قضاء حاجتك ومن هنا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم أشد حرصا على قضاء حوائج الناس : )كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم :الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله(. ) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة . فدخل إليها طلحة نهارا فإذا هى عجوزا عمياء مقعدة ، فسألها :ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى .فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ، عثرات عمر تتيع؟!
ومنها ان الحسن البصرى ارسل نفرا من اصحابة ف قضاء حاجة لرجل من المسلمين وأمرهم ان يمروا بثابت البنان فيأخذوه معهم فأتوا ثابت فأخبروة فقال انى معتكف فرجعوا الى الحسن فقال لهم قولوا له يا أعمش أما تعلم ان مشيك فى قضاء حوائج المسلمين خير لك من حجة بعد حجة فرجعوا الى ثابت فترك اعتكافة وخرج معهم.
وروى أن ابن عباس كان معتكفا في مسجد رسول الله ، نظر إلى إنسان رأى في وجهه كآبة ، قال له : مالك تبدو كئيباً ، قال له : ديون لزمتني لا أطيق سدادها ، قال له : لمن ؟ قال له : لفلان ، قال ابن عباس : أتحب أن أكلمه لك ؟ قال : إذا شئت ، فقام ابن عباس وخرج من معتكفه ، والاعتكاف في رمضان من أرقى العبادات ، قال له أحدهم : يا ابن عباس أنسيت أنك معتكف ؟ قال : لا والله ما نسيت ، ولكني سمعت صاحب هذا القبر وأشار إلى قبر النبي ، والعهد به قريب ، ودمعت عيناه ، قال :( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر ، واعتكافه في مسجدي هذا ).
فى الصحيحين عن انس بن مالك رضى الله عنه انة قال كنا مع رسول الله فى سفر فنزل منزلا فى يوم شديد الحر أكثرنا ظلا من يستظل بكساء ومنا من يتقى الشمس بيده وكان منا الصائم ومنا المفطر فنزل الصائمون وقام المفطرون فضربوا الابنية وسقوا الركاب فقال النبى صلى الله عليه وسلم "ذهب المفطرون اليوم بالاجر" لانهم كانوا فى خدمة إخوانهم الصائمين وقضاء حوائجهم. (قال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر)
) وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته . فيقول :ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ، إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها(
وإذا علمت أخي المسلم أن هذا الثواب العظيم كله لمن يخدم أخاه المسلم وهو له سنة فاضلة . فكيف بمن يكون في خدمة والديه وفي قضاء حوائجهما وهو أمر واجب عليه. فالله الله بالوالدين والحذر كل الحذر من العقوق أعذنا الله وإياكم من ذلك.
وفى الحديث عن النبى يقول " ومن مشى مع اخية فى حاجة حتى يثبتها لة ثبت الله قدمة يوم تزول الاقدام" والمراد بالحاجة اية حاجة سواء كانت مالية او مادية او معنوية او دينية اوادبية والمراد بقولة ثبت الله قدمة يوم تزول الاقدام ان الذى يمشى فى حاجة اخية المسلم حتى يثبتها لة ثبت الله قدمة يوم القيامة على الصراط الذى هو مدحضة مذلة أرق من الشعرة وأحد من السيف وعلى جنبية خطاطيف وكلاليب تتخطف الناس.
فيا أخى المسلم إقضى الحوائج ما استطعت واسع فى حوائج المسلمين وتذكر ان ما بك من نعمة فإنما انعم الله عليك بها لتنفع المسلمين وتمشى فى حوائجهم فإن انت فعلت أتم الله عليك نعمتة وزادك منها وإن انت بخلت ذهبت عنك نعمة الله
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله :«إن لله عند أقوام نعماً ، أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ، ما لم يملوهم ، فإذا ملوهم نقلها إلى غيرهم» [أخرجه الطبراني]، وفي رواية له : «إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد ، يقرهم فيها ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم». . وتأمل كيف رفع النبي شأن من زار أخاه للزيارة فقط .. فكيف بمن زاره مواسياً مسلياً معزياً مساعداً .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ :«أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ . قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ : لَا ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ » [مسلم] .
أيها الاحباب .. كثير من الناس يفرح في هذه الدنيا لأنه يعرف الوزير فلان.. إذا أراد أن يعين ابنه أو أخته ما عليه إلا أن يحمل خطاباً من ذاك المسؤول فيُلبى طلبه وتُحقق رغبته .. لكن ماذا لو حظيت بنيل عون الله .. إذا فرح العبيد بعون العبيد ألا تفرح بعون العزيز المجيد ؟ ولكن.. كيف السبيل لذلك.. يجيب نبيك :« وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» [مسلم]. فكن في عون أخوانك في مصائبهم يكن الله لك في أمورك كلها . وعند الطبراني :«لا يزال الله في حاجة العبد ما دام في حاجة أخيه».
، فإنّ وقوفك بجانبهم دليل على رحمتك ، وقد قال النبي :«الراحمون يرحمهم الرحمن»، وقال : « مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ» [البخاري ومسلم] . والجزاء من جنس العمل . اسمعوا قصة هذا الرجل ، قال نبينا :«كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ : تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْه» [البخاري ومسلم] . وفي رواية عند النسائي : «إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ : خُذْ مَا تَيَسَّرَ ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ ، وَتَجَاوَزْ ؛ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا . فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ قَالَ : لَا ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ ، وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ : خُذْ مَا تَيَسَّرَ ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ ، وَتَجَاوَزْ ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ» .
وهذا يدل – عباد الله – على أنّ العبادة التي يتعدى نفعها أعظم من العبادة قاصرة النفع .. ومن ذلك إعانة المنكوبين وإغاثة الملهوفين . واسمع لهذه المقارنة التي صيغت في سؤال رُفع إلى رسول الله .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : «هِيَ فِي النَّارِ». قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ تذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ :«هِيَ فِي الْجَنَّةِ» [أحمد] . فانظر فضل الإحسان إلى المسلمين ، وفضل العبادة التي يتعدى نفعها . وكل ذلك كائن في إعانة الملهوفين .
أقول لكم مرة ثانية : الذي يشدّ المؤمن إلى الله ليس التصور الإسلامي الصحيح والعميق ، والدقيق ، والمتناسق فقط ، الذي يشد المؤمن إلى الله أنك إذا عاملت الله دُهشت ، إن عاملته بالطاعة عاملك بالتكريم ، إن عاملته بالإنفاق عاملك بالإغناء ، إن عاملته بالتواضع رفع لك ذكرك ، لمجرد أن تتعامل مع الله مباشرة ، لمجرد أن تجعل إرضاء الله الهدف الأكبر أن تقول دائماً : إلهي أنت مقصودي ، ورضاك مطلوبي ، تجد المعاملة الإلهية تأخذ بالألباب . ( أنفق ، أنفق عليك ).
إن بعض الناس يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم خاصة إذا كان ذا وجاهة أو سعة من المال .ولا يدري أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه .فلئن تقضي لأخيك حاجة كأن تعلمه أو ترشده أو تحمله أو تقرضه أو تشفع له في خير أفضل عند الله من ثواب اعتكافك شهرا كاملا.
إن مجرد أن تقضي لأخيك حاجة قد لايستغرق أداؤها أحيانا نصف ساعة فإنه يسجل لك بها ثواب اعتكاف شهر واحد ، فتخيل لو أردت اعتكاف شهر كامل كم ستحتاج من مجاهدة للنفس بتعطيل أعمالك الخاصة وبقائك حبيس المسجد ثلاثين يوما إما ذاكرا لله أو ساجدا أو قارئا للقرآن ؟ ولكن خلال دقائق معدودة تنجز فيها لأخيك حاجته أو تسعى فيها لأرملة يسجل في صحيفتك كأنك اعتكفت سنوات عديدة .فكم سنة لم تحييها في الواقع سيسجل لك ثوابها إذا سخرت جزءا من وقتك لخدمة إخوانك المسملين ؟ إن الموظف الذي يقابل الجمهور وهو على مكتبه ليخدمهم وينجز لهم معاملاتهم لو استحضر هذا الحديث واحتسب عمله ، فكم من السنوات سيسجل له ثواب اعتكافها يا ترى ؟ إن بعض هؤلاء الموظفين تجدهم يشغلون أنفسهم عن المراجعين بأحاديث جانبية مع زملائهم في الوظيفة أو يتغيبون عن مكاتبهم وبعضهم يتعمد تعطيل المراجعين وتأخير معاملاتهم ولو علم بهذه الأحاديث النبوية وأمثالها لما بدرت منه هذه التصرفات.
فعلى العاقل ان يستعين على قضاء حوائج نفسة بالسعى فى قضاء حوائج الناس فإنك اذا سعيت فى قضاء حاجات المسلمين سعى الله نفسة فى قضاء حاجتك فأيهما خير لك؟ أن تسعى انت فى قضاء حاجة نفسك ام يسعى لك العليم القدير الذى بيدة ملكوت كل شئ وعندة خزائن كل شئ فى قضاء حاجتك ومن هنا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم أشد حرصا على قضاء حوائج الناس : )كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم :الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله(. ) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة . فدخل إليها طلحة نهارا فإذا هى عجوزا عمياء مقعدة ، فسألها :ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى .فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ، عثرات عمر تتيع؟!
ومنها ان الحسن البصرى ارسل نفرا من اصحابة ف قضاء حاجة لرجل من المسلمين وأمرهم ان يمروا بثابت البنان فيأخذوه معهم فأتوا ثابت فأخبروة فقال انى معتكف فرجعوا الى الحسن فقال لهم قولوا له يا أعمش أما تعلم ان مشيك فى قضاء حوائج المسلمين خير لك من حجة بعد حجة فرجعوا الى ثابت فترك اعتكافة وخرج معهم.
وروى أن ابن عباس كان معتكفا في مسجد رسول الله ، نظر إلى إنسان رأى في وجهه كآبة ، قال له : مالك تبدو كئيباً ، قال له : ديون لزمتني لا أطيق سدادها ، قال له : لمن ؟ قال له : لفلان ، قال ابن عباس : أتحب أن أكلمه لك ؟ قال : إذا شئت ، فقام ابن عباس وخرج من معتكفه ، والاعتكاف في رمضان من أرقى العبادات ، قال له أحدهم : يا ابن عباس أنسيت أنك معتكف ؟ قال : لا والله ما نسيت ، ولكني سمعت صاحب هذا القبر وأشار إلى قبر النبي ، والعهد به قريب ، ودمعت عيناه ، قال :( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر ، واعتكافه في مسجدي هذا ).
فى الصحيحين عن انس بن مالك رضى الله عنه انة قال كنا مع رسول الله فى سفر فنزل منزلا فى يوم شديد الحر أكثرنا ظلا من يستظل بكساء ومنا من يتقى الشمس بيده وكان منا الصائم ومنا المفطر فنزل الصائمون وقام المفطرون فضربوا الابنية وسقوا الركاب فقال النبى صلى الله عليه وسلم "ذهب المفطرون اليوم بالاجر" لانهم كانوا فى خدمة إخوانهم الصائمين وقضاء حوائجهم. (قال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني أكثر)
) وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته . فيقول :ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ، إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها(
وإذا علمت أخي المسلم أن هذا الثواب العظيم كله لمن يخدم أخاه المسلم وهو له سنة فاضلة . فكيف بمن يكون في خدمة والديه وفي قضاء حوائجهما وهو أمر واجب عليه. فالله الله بالوالدين والحذر كل الحذر من العقوق أعذنا الله وإياكم من ذلك.
وفى الحديث عن النبى يقول " ومن مشى مع اخية فى حاجة حتى يثبتها لة ثبت الله قدمة يوم تزول الاقدام" والمراد بالحاجة اية حاجة سواء كانت مالية او مادية او معنوية او دينية اوادبية والمراد بقولة ثبت الله قدمة يوم تزول الاقدام ان الذى يمشى فى حاجة اخية المسلم حتى يثبتها لة ثبت الله قدمة يوم القيامة على الصراط الذى هو مدحضة مذلة أرق من الشعرة وأحد من السيف وعلى جنبية خطاطيف وكلاليب تتخطف الناس.
فيا أخى المسلم إقضى الحوائج ما استطعت واسع فى حوائج المسلمين وتذكر ان ما بك من نعمة فإنما انعم الله عليك بها لتنفع المسلمين وتمشى فى حوائجهم فإن انت فعلت أتم الله عليك نعمتة وزادك منها وإن انت بخلت ذهبت عنك نعمة الله
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله :«إن لله عند أقوام نعماً ، أقرها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ، ما لم يملوهم ، فإذا ملوهم نقلها إلى غيرهم» [أخرجه الطبراني]، وفي رواية له : «إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد ، يقرهم فيها ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم». . وتأمل كيف رفع النبي شأن من زار أخاه للزيارة فقط .. فكيف بمن زاره مواسياً مسلياً معزياً مساعداً .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ :«أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ . قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ : لَا ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ » [مسلم] .
أيها الاحباب .. كثير من الناس يفرح في هذه الدنيا لأنه يعرف الوزير فلان.. إذا أراد أن يعين ابنه أو أخته ما عليه إلا أن يحمل خطاباً من ذاك المسؤول فيُلبى طلبه وتُحقق رغبته .. لكن ماذا لو حظيت بنيل عون الله .. إذا فرح العبيد بعون العبيد ألا تفرح بعون العزيز المجيد ؟ ولكن.. كيف السبيل لذلك.. يجيب نبيك :« وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» [مسلم]. فكن في عون أخوانك في مصائبهم يكن الله لك في أمورك كلها . وعند الطبراني :«لا يزال الله في حاجة العبد ما دام في حاجة أخيه».
، فإنّ وقوفك بجانبهم دليل على رحمتك ، وقد قال النبي :«الراحمون يرحمهم الرحمن»، وقال : « مَنْ لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ» [البخاري ومسلم] . والجزاء من جنس العمل . اسمعوا قصة هذا الرجل ، قال نبينا :«كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ : تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْه» [البخاري ومسلم] . وفي رواية عند النسائي : «إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ : خُذْ مَا تَيَسَّرَ ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ ، وَتَجَاوَزْ ؛ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا . فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ قَالَ : لَا ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ ، وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ : خُذْ مَا تَيَسَّرَ ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ ، وَتَجَاوَزْ ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ» .
وهذا يدل – عباد الله – على أنّ العبادة التي يتعدى نفعها أعظم من العبادة قاصرة النفع .. ومن ذلك إعانة المنكوبين وإغاثة الملهوفين . واسمع لهذه المقارنة التي صيغت في سؤال رُفع إلى رسول الله .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ : «هِيَ فِي النَّارِ». قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ تذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تتَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ؟ قَالَ :«هِيَ فِي الْجَنَّةِ» [أحمد] . فانظر فضل الإحسان إلى المسلمين ، وفضل العبادة التي يتعدى نفعها . وكل ذلك كائن في إعانة الملهوفين .
أقول لكم مرة ثانية : الذي يشدّ المؤمن إلى الله ليس التصور الإسلامي الصحيح والعميق ، والدقيق ، والمتناسق فقط ، الذي يشد المؤمن إلى الله أنك إذا عاملت الله دُهشت ، إن عاملته بالطاعة عاملك بالتكريم ، إن عاملته بالإنفاق عاملك بالإغناء ، إن عاملته بالتواضع رفع لك ذكرك ، لمجرد أن تتعامل مع الله مباشرة ، لمجرد أن تجعل إرضاء الله الهدف الأكبر أن تقول دائماً : إلهي أنت مقصودي ، ورضاك مطلوبي ، تجد المعاملة الإلهية تأخذ بالألباب . ( أنفق ، أنفق عليك ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق