بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 يوليو 2010

علماء الأمة والدور المطلوب

بقلم: د. جمال نصار

د. جمال نصار
كان لي شرفُ المشاركة في الجمعية العمومية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في إسطنبول في الفترة من 29/6: 1/7/2010م، وسعدت سعادةً بالغةً بهذا الجمع المتميز من أنحاء العالم من العلماء الأفذاذ الأطهار؛ الذين يحملون في قلوبهم وعقولهم رسالةَ ربهم.

وبصرف النظر عن بعض الهنَّات الإدارية في التنظيم، إلا أن هيبة العلماء كانت تَجبر كل كسر، وتنسي كل خلل، وكان لفضيلة العلاَّمة الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي أكبر الأثر في هذا الاجتماع؛ بكلماته المؤثِّرة، وتوجيهاته الناصعة، وعباراته القوية الجامعة، ورؤيته الثاقبة في تحليل واقع الأمة، ولمِّ شملِها في مواجهة التحديات التي تترا عليها من كل جانب، ولذلك كان عنوان المؤتمر: "الأمة الإسلامية في مواجهة التحديات".

وأشار فضيلة الدكتور القرضاوي- في كلمته الافتتاحية- إلى المبادئ التي يدعو إليها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومنها أن هذا الاتحاد للأمة كلها لتوحيد كلمتها وتحقيق أهدافها، وأنه قويٌّ برسالته والحق الذي يدعو إليه، وأنه لا يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وأن منهج الإسلام في الإصلاح تغيير ما بالأنفس؛ الذي يتسم بالوسطية المتوازنة والانفتاح على الآخر والتحاور مع المخالف، وهذه القوة لا يستطيع العلماء إثبات وجودهم وتحقيق أهدافهم إلا بعدة أمور، منها:

1- أداء واجبهم علمًا وعملاً وتعليمًا؛ بحيث يكونون أسوةً للناس.

2- أن يقولوا الحق ولا يخافوا في الله لومة لائم.

3- أن يجعلوا دينهم فوق دنياهم، وأمتهم فوق حكامهم، وألا يبالوا بما أصابهم في سبيل الله.

4- أن يعتصموا بحبل الله جميعًا ولا يتفرقوا، وألا يكونوا كالذين تفرَّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات.

5- ألا تختلف قلوبهم، وإن اختلفت آراؤهم... وكما قال الشاعر:
يا معشر العلماء يا ملح البلد من يصلح الملح إذا الملح فسد؟!
هذا هو الأمل المنشود في علماء الأمة؛ أن يقوموا بدوهم تجاه دينهم وأمتهم.

ولعل الأهداف الإستراتيجية التي قدَّمها الأستاذ الدكتور علي القرة داغي، الأمين العام للاتحاد في المؤتمر، تكون دافعًا لهذا الدور، وهي:

1- المساهمة الريادية في حلِّ مشاكل الأمة، والقيام بإعداد مشروع الأمة وجمعها على مصالحها العامة، وإجهاض المشاريع المعادية للوصول إلى الأمة الوسط، وخير الأمة رحمة، وصلاحًا وإصلاحًا، وعدلاً.

2- العمل على أن يتحوَّل الاتحاد إلى مرجعية شعبية حقيقية لجماهير الأمة في مختلف القضايا؛ وذلك بتكوين لجان للحكماء، والتي من خلالها يتمُّ معالجة القضايا والأزمات التي تعيشها بعض المجتمعات المسلمة (قضية فلسطين- باكستان- أفغانستان- الصومال).

3- توعية وتفقيه الأمة؛ من خلال تكوين مجالس لكبار علماء الاتحاد، ومكتب للفتوى، والاستفادة من الكوادر الشبابية الموهوبة؛ لتوطين علماء المستقبل.

4- الاهتمام بالبحث العلمي والدراسات الإسلامية والندوات والمؤتمرات، وإنشاء مراكز علمية أكاديمية، وتكوين كوادر من النخب الإسلامية ذات ثقافة متميزة ووعي متميز.

5- العمل على أن يصبح الاتحاد مرجعيةً أساسيةً للحوار مع جميع الأطراف الدولية الرسمية والشعبية والديانات المختلفة؛ بما فيها الديانات الشرقية.

6- تطوير الاتحاد إداريًّا وفنيًّا؛ بحيث يتحوَّل جميع أعماله إلى المؤسسية؛ بما فيها الرئاسة والأمانة العامة وجميع المكاتب التي يعمل من خلالها الاتحاد.

7- تدعيم صورة الاتحاد في المؤسسات العربية والإسلامية والدولية.

8- العمل على إعداد خبراء وقيادات واعية من العلماء، قادرة على القيادة والريادة للأمة الإسلامية.

9- العمل على الارتقاء بالأقليات الإسلامية، والدفاع عن حقوقهم بالحكمة.

10- العمل على تحقيق إستراتيجية إعلامية شاملة لزيادة الحضور الإعلامي للاتحاد على مستوى العالم.

11- العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي ماليًّا.

هذا هو الدور المطلوب على الاتحاد بكل مؤسساته، وبطبيعة الحال نرجو أن تؤتي هذه الأهداف ثمارها؛ من خلال العمل المؤسسي المشترك بين جميع العلماء في أنحاء العالم والعاملين في مجال الدعوة إلى الله بكل طوائفهم وأشكالهم.

وكما قال الشاعر:
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاءُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق