
بقلم: د. صلاح سلطان
المعية أن تأتي بعقلك وقلبك لتساند رسالةً أو هدفًا أو قضيةً، والتبعية أن تلغي عقلك وقلبك وأن تتبع شخصًا أو مذهبًا أو جماعةً فتكون دميةً كحجر في اليم أو ريشة في الهواء، المعية منهج الإسلام: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: من الآية ٢٩)، أو كما قال تعالى: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: من الآية ٤٤)، فلم تسلم ملكة سبأ لسليمان، وإنما مع سليمان النبي الملك الغني، وكذا أصحاب النبي لم يسلموا له وإنما أسلموا معه؛ فصنعوا حضارةً عالميةً.
أما التبعية فهي منهج الفراعنة في كل زمان ومكان، منهاجهم: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ (غافر: من الآية ٢٩)، كلماتهم "أنا الشعب"، فصنعوا ذيولاً بشريةً، ومخلفات حضارية، المعية تفكير وإبداع واختراع وابتكار، والتبعية تقليد وانصياع، وذل وضياع، ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ (البقرة: من الآية ١٧١)، أو كما قالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ (الزخرف: من الآية ٢٣).
المعية تقدير واحترام متبادل للغير لأن معيار التفاضل التقوى، وهي مدفونة في أعماق القلب لا يعلمها إلا رب هذه القلوب، الذي يدوم ولا يزول، أما التبعية فعبودية لمعايير التفاضل في المال والحسب والنسب والمنصب، مما يزول ولا يدوم، المعية مع القادة تعني التشاور والتناصح: ﴿مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ (النمل: من الآية ٣٢ )، أو (أهذا منزل أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة...)، ليصل القائد ومن معه إلى أرقى المنازل وأفضل الآراء وأقوى الأدلة.
أما التبعية فهي انحصار للعقول في عقل واحد، وتقديس لآراء الزعماء، وتخليد وتقليد لآراء الكبراء، وانتقاص من مبادرة النصحاء، وارتجاف أمام المدراء "صباح المدير يا سعادة الخير" و"شبيك لبيك، محسوبك بين إيديك"، و"من إيدك دي لإيدك دي".
المعية تكريم الإنسان لنفسه وتقدير لرأيه واعتزاز بشخصيته واحترام لغيره، والتبعية إهانة الإنسان لنفسه، وذلة لغير ربه، واستجداء في غير موضعه.
رحم الله الشافعي كان يخرج رجالاً معه فكان مؤذن مسجده الربيع بن سليمان المرادي عالم الأصول معه وبعده، وأخبر تلميذه المزني أن يخبر من خلفه حرمة تقليده أو تقليد غيره من الأئمة، لكن التبعية أنتجت هذا السؤال الردئ: هل يجوز أن يتزوج الشافعي حنفية؟! فأجاب المقلد الأعمى: لا يجوز، ثم استدرك قائلاً: يجوز قياسًا على نكاح الذمية، ولو بعث الإمامان أبو حنيفة والشافعي لتبرآ من السائل والمجيب معًا.
فهل آن الأوان أن نكون أصحاب معية وهوية ورسالة تسمو إلى العلياء، وليس أتباعًا أنذالاً ملتصقين بالتراب، نلهث وراء السراب؟!.
---------
المعية أن تأتي بعقلك وقلبك لتساند رسالةً أو هدفًا أو قضيةً، والتبعية أن تلغي عقلك وقلبك وأن تتبع شخصًا أو مذهبًا أو جماعةً فتكون دميةً كحجر في اليم أو ريشة في الهواء، المعية منهج الإسلام: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (الفتح: من الآية ٢٩)، أو كما قال تعالى: ﴿وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل: من الآية ٤٤)، فلم تسلم ملكة سبأ لسليمان، وإنما مع سليمان النبي الملك الغني، وكذا أصحاب النبي لم يسلموا له وإنما أسلموا معه؛ فصنعوا حضارةً عالميةً.
أما التبعية فهي منهج الفراعنة في كل زمان ومكان، منهاجهم: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ (غافر: من الآية ٢٩)، كلماتهم "أنا الشعب"، فصنعوا ذيولاً بشريةً، ومخلفات حضارية، المعية تفكير وإبداع واختراع وابتكار، والتبعية تقليد وانصياع، وذل وضياع، ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ (البقرة: من الآية ١٧١)، أو كما قالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ (الزخرف: من الآية ٢٣).
المعية تقدير واحترام متبادل للغير لأن معيار التفاضل التقوى، وهي مدفونة في أعماق القلب لا يعلمها إلا رب هذه القلوب، الذي يدوم ولا يزول، أما التبعية فعبودية لمعايير التفاضل في المال والحسب والنسب والمنصب، مما يزول ولا يدوم، المعية مع القادة تعني التشاور والتناصح: ﴿مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ (النمل: من الآية ٣٢ )، أو (أهذا منزل أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة...)، ليصل القائد ومن معه إلى أرقى المنازل وأفضل الآراء وأقوى الأدلة.
أما التبعية فهي انحصار للعقول في عقل واحد، وتقديس لآراء الزعماء، وتخليد وتقليد لآراء الكبراء، وانتقاص من مبادرة النصحاء، وارتجاف أمام المدراء "صباح المدير يا سعادة الخير" و"شبيك لبيك، محسوبك بين إيديك"، و"من إيدك دي لإيدك دي".
المعية تكريم الإنسان لنفسه وتقدير لرأيه واعتزاز بشخصيته واحترام لغيره، والتبعية إهانة الإنسان لنفسه، وذلة لغير ربه، واستجداء في غير موضعه.
رحم الله الشافعي كان يخرج رجالاً معه فكان مؤذن مسجده الربيع بن سليمان المرادي عالم الأصول معه وبعده، وأخبر تلميذه المزني أن يخبر من خلفه حرمة تقليده أو تقليد غيره من الأئمة، لكن التبعية أنتجت هذا السؤال الردئ: هل يجوز أن يتزوج الشافعي حنفية؟! فأجاب المقلد الأعمى: لا يجوز، ثم استدرك قائلاً: يجوز قياسًا على نكاح الذمية، ولو بعث الإمامان أبو حنيفة والشافعي لتبرآ من السائل والمجيب معًا.
فهل آن الأوان أن نكون أصحاب معية وهوية ورسالة تسمو إلى العلياء، وليس أتباعًا أنذالاً ملتصقين بالتراب، نلهث وراء السراب؟!.
---------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق