الثلاثاء، 30 مارس 2010
الاثنين، 29 مارس 2010
قصة واقعية

بسم الله الرحمن الرحيمو به نستعينيروى أنه كان هناك صائغا للذهب و الحُلي .. ذهبت عنده امرأة تشتري سوارا .. و الصائغ يعطيها السوار لمس يدها ( عمدا ) .. فثارت عليه و تركت المحل و خرجترجع الصائغ لبيته فوجد زوجته تحكي له .. أنه كان السقا يومها يبيع لها المياة فلمس يدها ( عمدا ) بقدر ما .. فثارت عليه فوجد الصائغ أن القدرالذي لمس به السقا يدزوجته وهويبيع لهاالماءهونفس القدرالذي لمس به الصائغ يدالزبونةوهويبيع لهاالحُليفقال : دقة بدقة و لو زدت لزاد السقاأي واحدة بمثلها و لو كنت زدت في هذا الأمر لزاد السقا بنفس قدر زيادتي مع زوجتيفاعتبروا يا أولي الألباب قال صلى الله عليه و سلم فيما معناه :" افعل ما شئت فكما تدين تدان
دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا

يقال ان هناك رجل صائغ (بائع للذهب )اشتهر بأمانته و ورعه في بلدته وخوفه من ربه ، وكان عنده سقا – وهو قديما من كان يأتي بالماء يومياً للبيوت – و كان يأتي فيضع الماء في الزير ثم يمشي وهكذا إلي ما يقارب 20 عام، وفي يوم حدث ما لم تتوقعه زوجة الصائغ فبعد أن انتهى من وضع الماء في الزير جاء في زاوية البيت ومر بجانبها ومسك يدها مسكه بها ريبه وأوشك علي تقبيلها ثم انصرف.فقالت الزوجته لزوجها : لا حول ولا قوة إلا بالله ..دقه بدقه ولو زدت لزاد السقاأخواني في اللهفلما رجع الصائغ إلي بيته طلبت الزوجة من الزوج ان يقص عليها ما حدث معة في هذا اليوم ..فقال لها بعد الالحاح الشديد منها:أن اليوم جاءت امرأة ذات ورع و دين ..سمعت بخبره فذهبت له وطلبت منه أن يصيغ لها أسورة من ذهب فقبل الصائغ طلبها فمدت ذراعها لكي يأخذ مقاس الأسوره فأعجب بذراعها وخضع لشيطان هواه فمسك يدها مسكه بها ريبه وكاد يقبلها ..و خاف الرجل من الله و اخذ يلوم نفسه ويحاسبها على ما بدر منه ..لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه كـــــــما تـــــــديـــــن تــــــــدانوهذه القصة تصديق لبيتين قالهما الإمام الشافعي رحمه الله:عفوا تعفُ نساؤكم بالمحرمٍوتجنبوا ما لا يليقُ بمسلمٍ إن الزنا دينٌ فإن أقرضتهُ كان الوفاء من أهل بيتك فاعلمٍ
في عشة الدجاج
في عشـة شرقيـة عاليـة السيـاج وخلف باب مغلـق ومحكـم الرتـاج
كانت تعيش في نعيـم أمـة الدجـاج في فيض رزق غدق وظل أمن سـاج
شعب يقضي العمر في أنس وفي ابتهاج خلف زعامات له منفوخة الأوداج
من كل ديك عُرفه يزري بألف تاج يصيح بينهم بمثل خطبة الحجاج
وينطلق الزور بلا خوف ولا إحراج فتصب الأمة بالتصفيق والهياج
وتزدهي الديوك في عالية الأبراج كأنها من زهوها الكباش في النعاج
ليس الشجاع عادةً مـن قومـه بنـاجٍ وقد يكون الصـدق سلعـةً بـلا رواج
جزاؤه وقع العصـا ولسعـة الكربـاج والعمر فى غياهب السجن بلا إخراج
الموت للمخلـص والإطفاء للسـراج تكررت بين الدجـاج قصـة الحـلاج
كانت تعيش في نعيـم أمـة الدجـاج في فيض رزق غدق وظل أمن سـاج
شعب يقضي العمر في أنس وفي ابتهاج خلف زعامات له منفوخة الأوداج
من كل ديك عُرفه يزري بألف تاج يصيح بينهم بمثل خطبة الحجاج
وينطلق الزور بلا خوف ولا إحراج فتصب الأمة بالتصفيق والهياج
وتزدهي الديوك في عالية الأبراج كأنها من زهوها الكباش في النعاج
ليس الشجاع عادةً مـن قومـه بنـاجٍ وقد يكون الصـدق سلعـةً بـلا رواج
جزاؤه وقع العصـا ولسعـة الكربـاج والعمر فى غياهب السجن بلا إخراج
الموت للمخلـص والإطفاء للسـراج تكررت بين الدجـاج قصـة الحـلاج
كيف مات أبو لهب ؟؟
كان لأبي لهب ثلاثة أبناء
عُتبه متعب عُتـيبه أسلم الاولان يوم فتح مكه، وأما ( عُــتيبه ) فلم يُسلم ، وكانت ( أم كلثوم ) بنت الرسول صلى الله عليه وسلم عنده، وأختها ( رقيه ) عند أخية ( عُـتبه ) فلما نزلت سورة ( المسد ) في حق ( أبي لهب ) قال ابوهما : رأسي من رأسكما حرام - أي لا أراكما ولا أكلمكما - إن لم تطلقا ابنتي محمد !! فطلقاهماولما اراد الشقي ( عُـتيبة ) الخروح إلى الشام مع أبيه قال : لآتين محمد فلأوذينه في نفسه ودينه، فأتاه فقال : يا محمد إني كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى ثم بصق امامه وطلق ابنته ( أم كلثوم ) فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ) فأفترسه الاسد، وهلك أبو لهب بعد وقعة بدر بسبع ليالي بمرض معد يسمى ( العدسة ) وبقى ثلاثة ايام لا يقربه أحد حتى أنتن، فلما خاف قومه العار حفروا له حفرة ودفعوه إليها بأخشاب طويله غليظة حتى وقع فيها ثم قذفوا عليه الحجاره حتى واروه فيها ولم يحمله أحد خشية العدوى فهلك كما أخبر عنه القرآن الكريم ومات شر ميتة
أما زوجته فهي( أم جميل ) وهي عوراء والاولى أن تسمى ( أم قبيح ) فهي ذكرت في سورة المسد بـ ( حمالة الحطب ) فقد كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لإيذائه فقد كانت خبيثة مثل زوجها
وكانت تمشي بالنميمة بين الناس وتوقد نار البغضاء بينهم والعداوه ويحكى أن كان لها قلادة فاخرة من جوهر، فقالت : واللات والعزى لأنفقها في عداوة محمد، فأعقبها الله حبلاً في عنقها من مسد جهنم
ومن عجائب القصص والاخبار أن إمرأة ( ابي لهب ) لما سمعت ما أنزل الله في حق زوجها وفيها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد الحرام ومعه ابوبكر الصديق وفي يدها فهر - أي قطعة حادة من الحجر تشبه السكين - فلما دنت من الرسول أعمى الله بصرها عنه فلم ترى إلا أبا بكر فقالت : يا أبا بكر بلغني أن صاحبك يهجوني أنا وزوجي، فوالله لئن وجدته لأضربن بهذا الحجر وجهه، ثم أنشدت ( مُذمماً عصينا، وأمره أبينا، ودينه قلينا ) أي أبغضنا ، ثم انصرفت.. فقال أبوبكر : يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ قال : ما رأتني ! لقد أعمى الله بصرها عني
وكان المشركون يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون : ( مذمماً ) بدل قولهم ( محمداً ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبون كيف صرف الله عني أذاهم ؟ إنهم يسبون ويهجون مذمماً وأنا محمداُ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله القدير على كل شي فما رأيكم؟
عُتبه متعب عُتـيبه أسلم الاولان يوم فتح مكه، وأما ( عُــتيبه ) فلم يُسلم ، وكانت ( أم كلثوم ) بنت الرسول صلى الله عليه وسلم عنده، وأختها ( رقيه ) عند أخية ( عُـتبه ) فلما نزلت سورة ( المسد ) في حق ( أبي لهب ) قال ابوهما : رأسي من رأسكما حرام - أي لا أراكما ولا أكلمكما - إن لم تطلقا ابنتي محمد !! فطلقاهماولما اراد الشقي ( عُـتيبة ) الخروح إلى الشام مع أبيه قال : لآتين محمد فلأوذينه في نفسه ودينه، فأتاه فقال : يا محمد إني كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى ثم بصق امامه وطلق ابنته ( أم كلثوم ) فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك ) فأفترسه الاسد، وهلك أبو لهب بعد وقعة بدر بسبع ليالي بمرض معد يسمى ( العدسة ) وبقى ثلاثة ايام لا يقربه أحد حتى أنتن، فلما خاف قومه العار حفروا له حفرة ودفعوه إليها بأخشاب طويله غليظة حتى وقع فيها ثم قذفوا عليه الحجاره حتى واروه فيها ولم يحمله أحد خشية العدوى فهلك كما أخبر عنه القرآن الكريم ومات شر ميتة
أما زوجته فهي( أم جميل ) وهي عوراء والاولى أن تسمى ( أم قبيح ) فهي ذكرت في سورة المسد بـ ( حمالة الحطب ) فقد كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لإيذائه فقد كانت خبيثة مثل زوجها
وكانت تمشي بالنميمة بين الناس وتوقد نار البغضاء بينهم والعداوه ويحكى أن كان لها قلادة فاخرة من جوهر، فقالت : واللات والعزى لأنفقها في عداوة محمد، فأعقبها الله حبلاً في عنقها من مسد جهنم
ومن عجائب القصص والاخبار أن إمرأة ( ابي لهب ) لما سمعت ما أنزل الله في حق زوجها وفيها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد الحرام ومعه ابوبكر الصديق وفي يدها فهر - أي قطعة حادة من الحجر تشبه السكين - فلما دنت من الرسول أعمى الله بصرها عنه فلم ترى إلا أبا بكر فقالت : يا أبا بكر بلغني أن صاحبك يهجوني أنا وزوجي، فوالله لئن وجدته لأضربن بهذا الحجر وجهه، ثم أنشدت ( مُذمماً عصينا، وأمره أبينا، ودينه قلينا ) أي أبغضنا ، ثم انصرفت.. فقال أبوبكر : يا رسول الله أما تراها رأتك ؟ قال : ما رأتني ! لقد أعمى الله بصرها عني
وكان المشركون يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون : ( مذمماً ) بدل قولهم ( محمداً ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تعجبون كيف صرف الله عني أذاهم ؟ إنهم يسبون ويهجون مذمماً وأنا محمداُ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله القدير على كل شي فما رأيكم؟
نظرية القرود الخمسة
أحضر خمسة قرود، وضعها في قفص! وعلق في منتصف القفص حزمة موز، وضع تحتها سلما. بعد مدة قصيرة ستجد أن قردا ما من المجموعة سيعتلي السلم محاولا الوصول إلى الموز. ما أن يضع يده على الموز، أطلق رشاشا من الماء البارد على القردة الأربعة الباقين وأرعبهم!! بعد قليل سيحاول قرد آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، كرر نفس العملية، رش القردة الباقين بالماء البارد. كرر العملية أكثر من مرة! بعد فترة ستجد أنه ما أن يحاول أي قرد أن يعتلي السلم للوصول إلى الموز ستمنعه المجموعة خوفا من الماء البارد. الآن، أبعد الماء البارد، وأخرج قردا من الخمسة إلى خارج القفص، وضع مكانه قردا جديدا (لنسميه سعدان) لم يعاصر ولم يشاهد رش الماء البارد. سرعان ما سيذهب سعدان إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماء البارد لمنعه وستهاجمه. بعد أكثر من محاولة سيتعلم سعدان أنه إن حاول قطف الموز سينال (علقة قرداتية) من باقي أفراد المجموعة! الآن أخرج قردا آخر ممن عاصروا حوادث شر الماء البارد (غير القرد سعدان)، وأدخل قردا جديدا عوضا عنه. ستجد أن نفس المشهد السابق سيتكرر من جديد. القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضربا لمنعه. بما فيهم سعدان على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذا ضربوه في السابق، كل ما هنالك أنه تعلم أن لمس الموز يعني (علقة) على يد المجموعة. لذلك ستجده يشارك، ربما بحماس أكثر من غيره بكيل اللكمات والصفعات للقرد الجديد (ربما تعويضا عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضا)! استمر بتكرار نفس الموضوع، أخرج قردا ممن عاصروا حوادث رش الماء، وضع قردا جديدا، وسيتكرر نفس الموقف. كرر هذا الأمر إلى أن تستبدل كل المجموعة القديمة ممن تعرضوا لرش الماء حتى تستبدلهم بقرود جديدة! في النهاية ستجد أن القردة ستستمر تنهال ضربا على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم. لماذا؟ لا أحد منهم يدري!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت! هذه القصة ليست على سبيل الدعابة. وإنما هي من دروس علم الإدارة الحديثة. لينظر كل واحد منكم إلى مقر عمله. كم من القوانين والإجراءات المطبقة، تطبق بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب البيروقراطي غير المقنع منذ الأزل، ولا يجرؤ أحد على السؤال لماذا يا ترى تطبق بهذه الطريقة؟ بل سيجد أن الكثير ممن يعملون معه وعلى الرغم من أنهم لا يعلمون سبب تطبيقها بهذه الطريقة يستميتون في الدفاع عنها وإبقائها على حالها!! وهذا سبب تخلفنا و عدم تقدم كافة الوزارات بكافة المجالات و لن يرقى للشعب العربي حال طالما يسيرون على نفس المنوال .
ليبرمان: عباس حث اسرائيل على الاطاحة بحماس خلال حرب غزة
القدس (رويترز) - قال وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان يوم الاثنين إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حث اسرائيل على الاطاحة بحركة المقاومة الاسلامية حماس في حرب غزة العام الماضي ثم عاد وغير موقفه وانحى باللائمة على اسرائيل في ارتكاب جرائم حرب.
وذكر ليبرمان ان ذلك اثار شكوكا بشأن مدى ملاءمة عباس كقائد يمكن ان تصنع اسرائيل السلام معه.
وقال ليبرمان لصحيفة معاريف الاسرائيلية "خلال العام الماضي شاهدت ( عباس) في افضل حالاته. في عملية الرصاص المصبوب اتصل بنا شخصيا ومارس ضغطا وطالبنا بان نطيح بحماس ونقصيها من السلطة.
"وبعد شهر من انتهاء العملية رفع شكوى ضدنا امام محكمة العدل الدولية في لاهاي (بتهمة ارتكاب) جرائم حرب. هل هذا شريك..."
ونفى معاون لعباس بشدة هذا متهما الحكومة الاسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين بمحاولة تعميق المأزق الذي تواجهه الجهود التي ترعاها الولايات المتحدة لاحياء المفاوضات.
وقال نبيل ابو ردينة لرويترز "هذا كلام غير صحيح هو استمرار لحملة التشهير والتشويه للتهرب من عملية السلام وهذه سياسة التصعيد الاسرائيلية المستمرة هدفها التهرب من عملية السلام وهدفها تدمير الجهود واخر مثال على ذلك موجة الاستيطان المستمرة والاهانات الموجه للادارة الامريكية كل هذه محاولة لخلق المناخ لتدمير اي فرصة لانقاذ عملية السلام."
وشنت اسرائيل هجوما استمر ثلاثة اسابيع يوم 27 ديسمبر كانون الاول 2008 بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية من جانب حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى. وتراجعت هذه الهجمات منذ ذلك الحين رغم حدوث اعمال عنف متقطعة عبر الحدود.
وقتلت اسرائيل 1400 فلسطيني في الحرب اغلبهم غير مقاتلين مما ادى الى تعرضها لحملة انتقادات خارجية لاذعة ووقف المفاوضات بين عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت ايهود اولمرت الذي ينتمي لتيار الوسط. وقتل لاسرائيل عشرة جنود وثلاثة مدنيين.
ولم يكن ليبرمان في الحكومة خلال حرب غزة. ورفض متحدث الافصاح على اي اساس بنى وزير الخارجية مزاعمه. لكن مسؤولا اسرائيليا كبيرا في ذلك الوقت قال ان رواية ليبرمان "دقيقة بشكل جوهري".
واعتبرت حماس التي كانت قد اتهمت بالفعل عباس بتشجيع اسرائيل على مواصلة الحرب اتهام ليبرمان بانه تأكيد لشكوكها في الرئيس الفلسطيني.
وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس ان هذا البيان الخطير يؤكد مرة اخرى حقيقة ان عباس لم يعد مناسبا لتمثيل الشعب الفلسطيني حيث تآمر على شعبه خلال الحرب.
وتخوض حماس صراعا على السلطة مع حركة فتح التي يتزعمها عباس منذ الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2006 وتنتقد عباس لاعترافه بالدولة اليهودية واستعداده المعلن لنبذ الكفاح المسلح.
وانضم عباس لادانة هجوم غزة الذي شنته حكومة اولمرت لكنه اغضب كثيرا من الفلسطينيين لتردده في تأييد تقرير للامم المتحدة عن وقوع جرائم حرب في سبتمبر ايلول ركز على سلوك اسرائيل خلال الحرب.
وفي مقابلة معاريف استبعد ليبرمان الى حد بعيد فرص حدوث تقدم مع حكومة عباس الذي لا يحكم سوى الضفة الغربية بعدما انتزعت حماس السيطرة الكاملة على قطاع غزة في 2007.
وتلاشت الامال في بدء محادثات غير مباشرة هذا الشهر باعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مشروعا استيطانيا جديدا لليهود على الارض المحتلة حيث يسعى الفلسطينيون لاقامة دولة.
كما اثار المشروع المقرر اقامته على منطقة بالضفة الغربية ضمتها اسرائيل للقدس تساؤلات امريكية حول جدية نتنياهو بشأن صنع السلام. ولا يزال هذا الخلاف عصيا على الحل.
وذكر ليبرمان ان ذلك اثار شكوكا بشأن مدى ملاءمة عباس كقائد يمكن ان تصنع اسرائيل السلام معه.
وقال ليبرمان لصحيفة معاريف الاسرائيلية "خلال العام الماضي شاهدت ( عباس) في افضل حالاته. في عملية الرصاص المصبوب اتصل بنا شخصيا ومارس ضغطا وطالبنا بان نطيح بحماس ونقصيها من السلطة.
"وبعد شهر من انتهاء العملية رفع شكوى ضدنا امام محكمة العدل الدولية في لاهاي (بتهمة ارتكاب) جرائم حرب. هل هذا شريك..."
ونفى معاون لعباس بشدة هذا متهما الحكومة الاسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين بمحاولة تعميق المأزق الذي تواجهه الجهود التي ترعاها الولايات المتحدة لاحياء المفاوضات.
وقال نبيل ابو ردينة لرويترز "هذا كلام غير صحيح هو استمرار لحملة التشهير والتشويه للتهرب من عملية السلام وهذه سياسة التصعيد الاسرائيلية المستمرة هدفها التهرب من عملية السلام وهدفها تدمير الجهود واخر مثال على ذلك موجة الاستيطان المستمرة والاهانات الموجه للادارة الامريكية كل هذه محاولة لخلق المناخ لتدمير اي فرصة لانقاذ عملية السلام."
وشنت اسرائيل هجوما استمر ثلاثة اسابيع يوم 27 ديسمبر كانون الاول 2008 بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية من جانب حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى. وتراجعت هذه الهجمات منذ ذلك الحين رغم حدوث اعمال عنف متقطعة عبر الحدود.
وقتلت اسرائيل 1400 فلسطيني في الحرب اغلبهم غير مقاتلين مما ادى الى تعرضها لحملة انتقادات خارجية لاذعة ووقف المفاوضات بين عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت ايهود اولمرت الذي ينتمي لتيار الوسط. وقتل لاسرائيل عشرة جنود وثلاثة مدنيين.
ولم يكن ليبرمان في الحكومة خلال حرب غزة. ورفض متحدث الافصاح على اي اساس بنى وزير الخارجية مزاعمه. لكن مسؤولا اسرائيليا كبيرا في ذلك الوقت قال ان رواية ليبرمان "دقيقة بشكل جوهري".
واعتبرت حماس التي كانت قد اتهمت بالفعل عباس بتشجيع اسرائيل على مواصلة الحرب اتهام ليبرمان بانه تأكيد لشكوكها في الرئيس الفلسطيني.
وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس ان هذا البيان الخطير يؤكد مرة اخرى حقيقة ان عباس لم يعد مناسبا لتمثيل الشعب الفلسطيني حيث تآمر على شعبه خلال الحرب.
وتخوض حماس صراعا على السلطة مع حركة فتح التي يتزعمها عباس منذ الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2006 وتنتقد عباس لاعترافه بالدولة اليهودية واستعداده المعلن لنبذ الكفاح المسلح.
وانضم عباس لادانة هجوم غزة الذي شنته حكومة اولمرت لكنه اغضب كثيرا من الفلسطينيين لتردده في تأييد تقرير للامم المتحدة عن وقوع جرائم حرب في سبتمبر ايلول ركز على سلوك اسرائيل خلال الحرب.
وفي مقابلة معاريف استبعد ليبرمان الى حد بعيد فرص حدوث تقدم مع حكومة عباس الذي لا يحكم سوى الضفة الغربية بعدما انتزعت حماس السيطرة الكاملة على قطاع غزة في 2007.
وتلاشت الامال في بدء محادثات غير مباشرة هذا الشهر باعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مشروعا استيطانيا جديدا لليهود على الارض المحتلة حيث يسعى الفلسطينيون لاقامة دولة.
كما اثار المشروع المقرر اقامته على منطقة بالضفة الغربية ضمتها اسرائيل للقدس تساؤلات امريكية حول جدية نتنياهو بشأن صنع السلام. ولا يزال هذا الخلاف عصيا على الحل.
الخميس، 25 مارس 2010
فضيحة بجامعة الأزهر.. الحرس يتحرش بطالبات الزقازيق!!
[25/03/2010]
الشرقية- حسن سعيد:
في صورة مهينة للتدخل الأمني بالمؤسسة التعليمية الجامعية وانتهاك كافة الحقوق والحريات، اعتدى قائد حرس كلية الدراسات الإسلامية للبنات بجامعة الأزهر فرع الزقازيق اليوم على طالبات الإخوان المسلمين؛ مما أدَّى إلى وقوع إصابات بين الطالبات!، كما قام ومعه عددٌ من أفراد الحرس بسبِّ الطالبات بأفظع الألفاظ النابية التي لا تليق بالحرم الجامعي أو بجامعة الأزهر!!.
وأكدت الطالبات أن حرس الجامعة تآمر مع عددٍ من موظفات الكلية لاعتراض طالبات الإخوان ومنعهن من دخول الكلية ولو بالقوة، وتؤكد استشهاد إبراهيم: "فوجئنا بحرس الكلية يمنعنا من دخول الكلية صباح اليوم ويطلب تفتيشنا، ولم يقف الأمر عند ذلك بل هدد بتفتيش الطالبات ذاتيًّا وأمام الجميع، وهو ما أدَّى إلى تدافع الطالبات نحو البوابة وتكدسهن أمامها، ولكن هذا لم يمنع حرس الجامعة من دفع الطالبات أرضًا والاستيلاء على الحقائب الخاصة بهن وتفتيشها!.
وتضيف رقية أحمد سالم: "التعسف الأمني الذي واجهته الطالبات يتواصل يوميًّا لدى دخولهن وخروجهن من الكلية؛ حيث يتعمد الكابتن عمرو- وهو قائد حرس الكلية- التضييق على الطالبات، وزاد من هذا التضييق اليوم بدفعي على الأرض والاستيلاء على حقيبتي الخاصة وتفتيشها وسرقة كل ما فيها من تليفون محمول ومبالغ نقدية وبطاقة شخصية وكل المتعلقات"!.
وتؤكد جهاد صالح أن قائد الحرس أمسك بكتابٍ في يده وأخذ يضرب كل مَن يقابله من الطالبات وهو يصرخ فيهن "أنتم لا تعرفون شيئًا عن الدين يا ولاد......"!.
ولم يقف الأمر عند ذلك بل وصل الأمر إلى التحرش، كما أكدت إحدى الطالبات- رفضت ذكر اسمها- أن أفراد الحرس كانوا يتعمدون دفع الطالبات والتحرش بهن.
كل هذه التجاوزات دفعت أكثر من 500 طالبة للتجمهر أمام البوابة الرئيسية للكلية، مطالباتٍ بالدخول، حيث لم تفلح محاولات حرس الكلية لمنعهن حتى فتحن البوابة لتبدأ الطالبات اعتصامًا أمام مكتب العميد، مطالباتٍ باعتذار قائد الحرس لهنَّ أمام الجميع، إلا أن العميد لم يستجب لهن ونظر إليهنَّ من خلف النافذة وتركهن فريسةً للأمن!.
وتكاملت العصابة الأمنية بقيام أمل هلال (موظفة بشئون الطلاب) بسبِّ الطالبات بألفاظ بذيئة والاعتداء عليهن وجذبت طالبة من حجابها؛ مما أدَّى إلى خلعه، وحاول أحد موظفي الشئون إرهاب الطالبات فقام بتشغيل "سارينة بوكس" كدليلٍ على وصول سيارات الشرطة لاعتقال الطالبات!.
يُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك مع الطالبات؛ حيث قامت إدارة الكلية متمثلةً في العميد وموظفي شئون الطلبة وحرس الكلية بالتنسيق فيما بينهم للاعتداء المستمر والمتواصل على الطالبات بغض النظر عن انتمائهن!!.
في صورة مهينة للتدخل الأمني بالمؤسسة التعليمية الجامعية وانتهاك كافة الحقوق والحريات، اعتدى قائد حرس كلية الدراسات الإسلامية للبنات بجامعة الأزهر فرع الزقازيق اليوم على طالبات الإخوان المسلمين؛ مما أدَّى إلى وقوع إصابات بين الطالبات!، كما قام ومعه عددٌ من أفراد الحرس بسبِّ الطالبات بأفظع الألفاظ النابية التي لا تليق بالحرم الجامعي أو بجامعة الأزهر!!.
وأكدت الطالبات أن حرس الجامعة تآمر مع عددٍ من موظفات الكلية لاعتراض طالبات الإخوان ومنعهن من دخول الكلية ولو بالقوة، وتؤكد استشهاد إبراهيم: "فوجئنا بحرس الكلية يمنعنا من دخول الكلية صباح اليوم ويطلب تفتيشنا، ولم يقف الأمر عند ذلك بل هدد بتفتيش الطالبات ذاتيًّا وأمام الجميع، وهو ما أدَّى إلى تدافع الطالبات نحو البوابة وتكدسهن أمامها، ولكن هذا لم يمنع حرس الجامعة من دفع الطالبات أرضًا والاستيلاء على الحقائب الخاصة بهن وتفتيشها!.
وتضيف رقية أحمد سالم: "التعسف الأمني الذي واجهته الطالبات يتواصل يوميًّا لدى دخولهن وخروجهن من الكلية؛ حيث يتعمد الكابتن عمرو- وهو قائد حرس الكلية- التضييق على الطالبات، وزاد من هذا التضييق اليوم بدفعي على الأرض والاستيلاء على حقيبتي الخاصة وتفتيشها وسرقة كل ما فيها من تليفون محمول ومبالغ نقدية وبطاقة شخصية وكل المتعلقات"!.
وتؤكد جهاد صالح أن قائد الحرس أمسك بكتابٍ في يده وأخذ يضرب كل مَن يقابله من الطالبات وهو يصرخ فيهن "أنتم لا تعرفون شيئًا عن الدين يا ولاد......"!.
ولم يقف الأمر عند ذلك بل وصل الأمر إلى التحرش، كما أكدت إحدى الطالبات- رفضت ذكر اسمها- أن أفراد الحرس كانوا يتعمدون دفع الطالبات والتحرش بهن.
كل هذه التجاوزات دفعت أكثر من 500 طالبة للتجمهر أمام البوابة الرئيسية للكلية، مطالباتٍ بالدخول، حيث لم تفلح محاولات حرس الكلية لمنعهن حتى فتحن البوابة لتبدأ الطالبات اعتصامًا أمام مكتب العميد، مطالباتٍ باعتذار قائد الحرس لهنَّ أمام الجميع، إلا أن العميد لم يستجب لهن ونظر إليهنَّ من خلف النافذة وتركهن فريسةً للأمن!.
وتكاملت العصابة الأمنية بقيام أمل هلال (موظفة بشئون الطلاب) بسبِّ الطالبات بألفاظ بذيئة والاعتداء عليهن وجذبت طالبة من حجابها؛ مما أدَّى إلى خلعه، وحاول أحد موظفي الشئون إرهاب الطالبات فقام بتشغيل "سارينة بوكس" كدليلٍ على وصول سيارات الشرطة لاعتقال الطالبات!.
يُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك مع الطالبات؛ حيث قامت إدارة الكلية متمثلةً في العميد وموظفي شئون الطلبة وحرس الكلية بالتنسيق فيما بينهم للاعتداء المستمر والمتواصل على الطالبات بغض النظر عن انتمائهن!!.
الأحد، 21 مارس 2010
احترس من (الرويبضة)فهم موجودون بيننا
كلمة الرويبضة تنطبق على اشخاص كثيرون فى هذاالزمن وهم سبب مانحن فيه فى هذاالوطن فأصبحنا نتخبط ونتحرك بعشوائية بلا نتيجة لاننا جعلنااشخاص لااهمية لهم يتحدثون ويهولون ويصرخون بلاجدوى بلاعمل بلا وزن وهذا سبب تأخرنا يتمسكون بالهيافات ويظنون انهم سبقوا زمنهم فى ان يعرفوا مالم يعرف الاخرون يظنون أنفسهم شيئا ولكن هم لاشئ لايشعر بهم احد مهما حاولوا وذلك لانهم فارغون من الداخل بلاهوية بلا مبدأ وان اقتربت منهم يحاولون الهجوم عليك من اجل الهجوم لالشئ لكى يشعروك انهم موجودون ماذا يفعلون ؟ لاتدرى ماوزنهم ؟ لاندرى ماكركزهم لاندرى اى فقاعة هواء تطير بلا تأثير على اى شئ فى الحياة وللاسف هؤلاء موجودون بيننا هم سبب تأخرنا لان الانسان المهم المجدى النافع لايتحدث كثيرا يقبل النقد بل يشكر من ينتقده لان من ينتقده ينبهه الى خطأه ليستطيع ان يطور نفسه ولكن الرويبضة الان ذو صوت عالى يحاول ان يغطى على جهله وعدم ثقافته او فهمه بصوته العالى بلسانه السليط رغم تفاهته فترفعوا عن هذه التراهات اعزائى القراء تكلموا واعملوا قولوا ونفذوا طوروا انفسكم لاتكونوا مثل هؤلاء الرويبضة الذين يوميا نصطدم بهم فى كل مكان فأنت تجدهم على النت تجدهم فى العمل تجدهم فى الطريق لاتشغلوا تفكيركم بهم لانهم لايسيروا عملا مفيدا بل يعطلوا ويهدمواوهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريفقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ستاتى على أمتى سنوات خداعات يكذب فيها الصادق و يصدق فيها الكاذب ويؤتمن الخائن و يخون فيها الامين وينطق فيها الرويبضه) قيل (وما الرويبضه؟) قال: (الرجل التافه السفيه يتكلم فى أمر العامة)واخيرا ليس هناك قول بعد قول الرسول عليه الصلاة والسلام فانبذوا الرويبضة واتركوهم يولولون وينبحون وستظل القافلة تسير فى طريقها رغم انفهم مع تحياتى لكم جميعا
قطع الخدمة عن بعض خطوط المحمول الصيني
أعلن المهندس إيهاب سعيد رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالغرفة التجارية بالقاهرة أن قرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الخاص قطع الخدمة عن بعض خطوط المحمول لا يشمل كل الأجهزة الصينية كما يردد البعض ولكن يشمل الأجهزة المهربة التي تحمل نفس الرقم المسلسل (آى دى) كما يشمل الأجهزة مجهولة البيانات بعد أن يتم إخطار العميل لكي يستكمل البيانات الناقصةوقد اكد المهندس إيهاب سعيد - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - ان الجهاز القومي يجري اتصالات بجميع العملاء الذين يحملون هذه الأجهزة لإبلاغهم بسرعة استبدال الجهاز قبل قطع الخدمة عنهم كما سيتم تعقب ومحاسبة كافة الجهات التي تقف وراء تهريب هذه الأجهزة الفاسدةوأشار إلي أن أصحاب الأجهزة الذين لم يتلقوا رسائل أو اتصالات من الجهاز القومي يعني أن أجهزتهم سليمة ومطابقة للمواصفات حتي لو كانت أجهزة صينيةوقد بدأت شركات المحمول الثلاث العاملة فى مصر تنفيذ قرار الجهاز القومي للاتصالات بالفعل وقطع الخدمات وإيقاف الخطوط المجهولة وغير مكتملة البيانات تنفيذا لتعليمات الجهاز القومى لتنظيم الاتصالاتيذكر أن بعض أجهزة المحمول ومعظمها صينية الصنع مجهولة الهوية وغير مطابقة للمواصفات العالمية من حيث الجودة واشتراطات صحة المستهلك مما يجعلها تشكل تهديدا علي صحة المستخدمين وأيضا تهديدا للأمن القومي نظرا لدخول شحنات بنفس الرقم المسلسل lما يجعل من الصعب جدا تتبع الهواتف فى الحالات الأمنية التي تستدعي ذلكوتأتي هذه الإجراءات في إطار حماية حقوق مستخدم الاتصالات فى مصر من الشركات التي تطرح أجهزة محمول ليس لها مراكز صيانة فى مصر ولا تكون مطابقة لمواصفات الأمان المعتمدة من قبل الجهاز وهى فى الغالب أجهزة تدخل إلي البلاد بشكل غير رسمي "بدون ضمان" دون المرور علي أجهزة الرقابة سواء الأجهزة الصينية أو غيرهاوحث رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالغرفة التجارية بالقاهرة الموزعين والمواطنين علي عدم بيع أو شراء أية أجهزة أو خطوط بدون كتابة عقود واستيفاء كافة البيانات حيث أن المسئولية القانونية ستقع علي عاتق الموزع بالإضافة إلي مستخدم التليفون المحمول في حالة وقوع أية مخالفة وذلك وفقا لقانون تنظيم الاتصالاتويري عدد من الخبراء أن الهواتف مجهولة الهوية استطاعت السيطرة علي شريحة كبيرة من المستخدمين من محدودي الدخل نظرا لإمكانياتها الهائلة وأسعارها الزهيدة والمتعددة والتي لا تقارن بأجهزة الشركات العالمية المتخصصة
يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة
* عن أبي ذر" " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :(يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة، و كل تحميدة صدقة ، و كل تهليلة صدقة، و كل تكبيرة صدقة ، و نهي عن المنكر صدقة ، و يُجزي من ذلك ركعتان يركعُهُما من الضحى). رواه مسلم .* " السُلامى": بضم السين المهملة و تخفيف اللام و فتح الميم : المفصل . الشـــر حالسُلامى هي العظام أو مفاصل العظام ، يعني أنه يصبح كل يوم على كل واحد من الناس صدقة في كل عضو من أعضائه ، في كل مفصل من مفاصله .قالوا: و البدَن فيه ثلاثمائة و ستون مفصلا ما بين صغير و كبير ، فيصبح على كل إنسان كل يوم ثلاثمائة و ستون صدقة . و لكن هده الصدقات ليست صدقات مالية ، بل هي عامة ، كل أبواب الخير صدقة ، كل تهليلة صدقة ، و كل تكبيرة صدقة ، و كل تسبيحة صدقة ، و كل تحميدة صدقة ، و أمر بالمعروف صدقة ، و نهي عن المنكر صدقة ، كل شيء يقرب إلى الله عز و جل من قول أو فعل فإنه صدقة ، حتى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال(إنك إذا أعنت الرجل في دابته و حملته عليها أو رفعت له عليها متاعه فهو صدقة) قراءة القرآن صدقة ، طلب العلم صدقة ، و حينئذ تكثر الصدقات ، و يمكن أن يأتي الإنسان بما عليه من الصدقات و هي ثلاثمائة و ستون صدقة .ثم قال( ثم يجزىء من ذلك ) يعني عن ذلك (ركعتان يركعهما من الضحى) يعني أنك إذا صليت من الضحى ركعتين أجزأت عن كل الصدقات التي عليك ، و هذا تيسير الله عز و جل على العباد . و في هذا الحديث : دليل على أن الصدقة تطلق على ما ليس بمال. و فيه : أيضا دليل على أن ركعتي الضحى سنة ، سنة كل يوم ، لأنه إذا كان كل يوم عليك صدقة على كل عضو من أعضائك ، و كانت الركعتان تجزىء ، فهذا يقتضي أن صلاة الضحى سنة كل يوم ، من أجل أن تقضي الصدقات التي عليك . قال أهل العلم : و سنة الضحى تبتدىء و قتها من ارتفاع الشمس قدر رمح ، يعني حوالي ربع إلى ثلث ساعة بعد الطلوع ، إلى قبيل الزوال ، أي إلى قبل الزوال بعشر دقائق ، كل هذا و قت لصلاة الضحى ، في أي و قت فيه تصلي ركعتي الضحى ، فإنه يجزىء، لكن الأفضل أن تكون في آخر الوقت ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني حين تقوم الفصال من الرمضاء لشدة حرارتها ، و لهذا قال العلماء : إن تأخير ركعتي الضحى إلى آخر الوقت أفضل من تقديمها ، كما كان النبي صلى الله عليه و سلم يستحب أن تؤخر صلاة الضحى إلى آخر الوقت ، إلا مع المشقة فالحاصل إن الإنسان قد فتح الله له أبواب طرق الخير كثيرة ، و كل شيء يفعله الإنسان من هذه الطرق، فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة
المتهم الثالث فى حادث نجع حمادى يفجر مفاجأة
فى ثانى جلسات نظر القضية التى شغلت الرأى العام داخل مصر وخارجها، وكادت تشعل فتيل الفتنة الطائفية داخل نسيج المجتمع الذى لايفرق بين مسلم وقبطى، قررت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بمحافظة قنا المصرية تأجيل محاكمة المتهمين الثلاثة فى حادث نجع حمادى الذى أسفر عن مصرع 7 أشخاص "6 مسيحيين وجندي شرطة مسلم" وإصابة 9 آخرين بجراح متفاوتة عشية الإحتفال بعيد الميلاد المجيد، إلى جلسة الأحد 21 مارس/آذار.وجاء قرار المحكمة بناء على طلب دفاع المتهمين ولسماع أقوال شهود الإثبات وأقوال العقيد أحمد حجازى "مدير المباحث الجنائية ومحرر محضر الضبط" وحضور المحامى الأصيل عن المتهم الرئيسى "حمام الكمونى" وضم الأحراز التى عثر عليها فى مكان الجريمة ودفتر إستقبال مستشفى نجع حمادى العام بتاريخ يوم الحادث لبيان عدد المصابين والقتلى إلى أوراق القضية، مع إستمرار حبس المتهمين .بدأت وقائع الجلسة فى تمام الساعة الحادية عشر بإحضار المتهمين من محبسهم وسط حراسة أمنية مشددة وتم إيداعهم قفص الإتهام، وفرضت أجهزة الأمن بمحافظة قنا "700 كم جنوب القاهرة " إجراءات أمنية مشددة حول مبنى المحكمة لتأمين جلسة المحاكمة حيث قامت بنشر عدد من البوابات الإليكترونية بمداخل ومخارج المحكمة وأكثر من 300 ضابط ومجند، وأخضعت قاعة المحكمة لعمليات تفتيش وفحص أكثر من مرة وإستخدمت الكلاب البوليسية المدربة لزيادة عمليات التأمين، كما شهدت الجلسة حضور إعلامى مكثف من الصحف والقنوات الفضائية .فى بداية الجلسة تشاجر المحامى نبيه الوحش "محامى المتهم حمام الكمونى ورئيس هيئة الدفاع عن المتهين الثلاثة" مع أمناء الشرطة المكلفين بحراسة المتهمين وذلك لقيامهم بمنعه من التحدث إلى موكله، وقال إنه منذ أن تولى مسئولية الدفاع عن الكمونى وباقى المتهمين لم يتمكن من لقائهم .وقام نبيه الوحش بتقديم عدد من الطلبات لهيئة المحكمة تمثلت فى سماع شهادة الأنبا كيرلس وسماع شهادة العقيد أحمد حجازى، ودفع ببطلان قرار الإحالة لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ الصادر من النيابة العامة استنادا إلى أن القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن إعلان حالة الطوارى لم يعرض على مجلس مجلس الشعب الأمر الذي يؤكد عدم دستوريته، مطالبا بوقف السير في الدعوى تعليقيا لحين فصل محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في الطعن المقام أمامها بجلسة 4 مايو المقبل على القرار الصادر بإحالة المتهمين إلى محكمة الطوارىء بوصفها قضاء استثنائيا لا تقبل الأحكام الصادرة عنها الطعن أمام محكمة النقض.كما دفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر القضية، إلا أن المحكمة رفضت طلبات الوحش فأعلن تنحيه عن مواصلة مهام الدفاع عن المتهمين، مبررا ذلك بعدم استجابة المحكمة إلى الطلبات التي أبداها الدفاع عن المتهمين، وسماح المحكمة للمحامين عن أسر وأهالي الضحايا بإثبات حضورهم في القضية، مشيرا إلى أن قانون محاكم أمن الدولة لا يجيز ذلك .وطالب دفاع المتهمين الثلاثة برفض كافة طلبات دفاع أهالي وأسر المجنى عليهم، وقدمت هيئة الدفاع اسطوانات مدمجة "سي دي" تحتوي على تصريحات للانبا كيرلس بأن الحادث تم باستخدام سيارتين ودراجة بخارية من خلال 3 أماكن متباعدة، وأن تهديدات قد وصلته تليفونيا بالإيذاء، مشيرا إلى التناقض في روايات الشهود .وطالب الدفاع باستدعاء العقيد أحمد حجازى مدير المباحث الجنائية للاستماع إلى أقواله بشأن التصريحات المنسوبة إليه في 21 يناير الماضى والتى أعلن فيها أن الجهات الامنية تجرى بحثا مكثفا لمعرفة مرتكبي حادث نجع حمادي، وذلك في الوقت الذي صدر في 16 من نفس الشهر قرار إحالة المتهمين إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارىء، كما طالب بتمكينه وهيئة الدفاع من مقابلة المتهمين على إنفراد، معتبرا أن عدم تمكينهم من الانفراد بموكليهم لاسداء النصح القانوني لهم يعد إهدارا لحقوق الدفاع.والتمس الدفاع من المحكمة أن تنتقل بكامل تشكيلها إلى مسرح الجريمة لمعاينة موقع الجريمة والتأكد من إمكانية وقوع الحادث بالكيفية التي صورتها أجهزة الأمن والنيابة العامة وشهود الاثبات من عدمه، كما طالب بضم مذكرات الاعتقال والتى بنيت عليها قرارات الاعتقال الصادرة بحق المتهمين.وشهدت جلسة المحاكمة مفاجأة عندما نادى المتهم هنداوى السيد محمد حسن "والذى كان قد إعترف أمام النيابة بارتكابه والمتهمين الأخرين الحادث" من داخل القفص على هيئة المحكمة وطلب منها السماح له بالكلام، إلا أنها رفضت طلبه، فصرخ وقال إنه لم يرتكب الحادث وأنه تم إجباره على الإعتراف بالأقوال التى أدلى بها أمام النيابة .وقد حضر عن أهالي المجني عليهم سامح عاشور "نقيب المحامين السابق" بالتضامن مع فتحي الخويني "نقيب محاميَّ قنا" والذي طلب من المحكمة أجلاً للاطلاع والاستعداد لإعداد مذكرة الدفاع، واعتراض أحد المحامين عن المجني عليهم على طلب دفاع الكموني باستدعاء الأنبا كيرلس، مؤكداً أن الأنبا قدم طلباً إلي النيابة العامة بالمثول أمامها لكونه لم ير الحادث، وطلب استدعاء اثنين من المطرانية لكونهما من شهود الواقعة .كما طالب محام آخر عن المجني عليهم باستدعاء الدكتور أحمد فتحي سرور " رئيس مجلس الشعب" للإدلاء بشهادته لأنه سبق وأن صرح في بعض الصحف بأن هذه الجريمة وراءها شخص معروف، وقد حدثت مشادات كلامية ومشاحنات بين المحامين عقب انتهاء الجلسة، وقامت أجهزة الأمن بنقل المتهمين إلي سجن قنا العمومي تمهيداً لترحيلهم إلي محبسهم بسجن أسيوط العمومي .وكان النائب العام المصرى المستشار عبد المجيد محمود قد أمر فى 16 يناير 2009 بإحالة المتهمين الثلاثة وهم محمد أحمد حسن الكمونى وشهرته "حمام الكمونى" وقرشى أبوالحجاج محمد على وهنداوى السيد محمد حسن إلى محكمة جنايات أمن الدول العليا "طوارىء" .
غزوة الأحزاب - الخندق
أيقن أعداء الإسلام أنهم لن يستطيعوا الانتصار علي المسلمين إذا حاربتهم كل طائفة مفردة ، وإنهم ربما يبلغون أملهم إذا اتحدوا في مواجهتهم.
وكان زعماء اليهود في جزيرة العرب أبصر من غيرهم بهذه الحقيقة فأجمعوا أمرهم علي تأليب العرب ضد الإسلام وحشدهم في جيش كثيف ينازل محمداًَ وصحبه في معركة حاسمة وكان هذا منهم امتدادا لسلسلة المؤامرات التي لم يدخر اليهود جهداً إلا وبذلوه في سبيل هدفهم الثابت وهو القضاء علي الإسلام.
وخرج نفر من بني النضير ونفر من بني وائل فقدموا علي قريش ودعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار وفد اليهود يزين لقريش الحرب ويهون أمرها وقالوا لهم إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله.
فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه؟ قالوا بل دينكم خير من دينه وانتم أولي بالحق منه وإلى ذلك يشير القران الكريم في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا سَبِيلا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلْعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}... سورة النساء، آية 51.
فلما قال اليهود ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم خرج أولئك النفر من اليهود قاصدين ديار غطفان وهي قبيلة حربية لها خطرها في صحراء بلاد العرب وتقع علي بعد مائة وعشرين كيلو مترا إلى الشمال الغربي من المدينة فدعوهم إلى حرب الرسول صلى الله عليه وسلم، وطافوا في القبائل الأخرى مثل بني فزارة وبني مرة وبني أسد وأشجع وسليم وعرض عليهم مشروع غزو المدينة وموافقة قريش عليه فأجابوهم إلى ذلك، وبذلك نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر علي الإسلام والمسلمين وبلغ مجموع الأحزاب عشرة آلاف مقاتل وأسندت القيادة إلى أبي سفيان بن حرب وبدأ التأهب للزحف علي المدينة.
وقد اختلف في تاريخها وجمهور المؤرخين وأهل السير أنها كانت في شوال سنة خمس ولما سمع الرسول بزحفهم إلى المدينة استشار النبي أصحابه فيما ينصع.
واستقر الرأي علي البقاء بالمدينة والتحصن بها لان الالتحام مع هذه الجيوش الضخمة في ساحة مكشوفة غير مأمون العاقبة وكان جيش المسلمين لا يزيد علي ثلاثة آلاف مقاتل.
حفر الخندق
وقد أشار سليمان الفارسي بضرب الخندق علي المدينة وكانت خطة حربية متبعة عند الفرس وقبل رسول الله رأيه فأمر بحفر الخندق في السهل الواقع شمال غرب المدينة وهو الجانب المكشوف الذي يخاف منه اقتحام العدو، وذكر أن المهاجرين يوم الخندق قالوا سلمان منا وقالت الأنصار سلمان منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت.
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق بين أصحابه لكل عشرة منهم أربعين ذراعاً.
وعمل رسول الله في حفر الخندق ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون فيه وإبطا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعف من العمل ويتسللون إلى أهاليهم بغير علم رسول الله و لا إذنه، وفيهم نزل قول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئْذِنُوهُ} إلى قوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}... سورة النور، آية 62.
وكان البرد شديداً ولا يجدون من القوت إلا ما يسد الرمق وقد لا يجدونه يقول أبو طلحة شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه حجرين، وكان المسلمون مسرورين يحمدون الله ويرتجزون ولا يشكون.
يقول أنس رضي الله عنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: فأغفر للأنصار والمهاجرة اللهم إن العيش عيش الآخرة
فقالوا مجيبين له : علي الجهاد ما بقينا أبداً نحن الذين بايعوا محمدا
وعرض للمسلمين في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة لا تأخذ فيها المعاول فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها أخذ المعول وقال بسم الله وضرب ضربه فكسر ثلثها وقال الله اكبر أعطيت مفاتيح الشام فقطع ثلثاً آخر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله أني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة. وظهرت المعجزات علي يد الرسول فإذا اشتدت علي المسلمين في بعض الخندق كدية دعا بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ونضح ذلك الماء علي تلك الكدية فانهالت وعادت كالكثيب لا تر فأسا ولا مسحاه.
وظهرت البركة في طعام قليل فشبع به عدد كبير وكفى الجيش كله قال أبن إسحاق: أن ابنة بشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت: دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ثم قالت أي بنية أذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغذائهما
قالت: فأخذتها فأنطقت بها فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا التمس أبي وخالى فقال: تعالي يا بنية ما هذا الذي معك؟ قالت: يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالى عبد الله بن رواحة يتغذيانه قال: هاتيه قالت: فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأنها ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال لواحد من الصحابة أصرخ في أهل الخندق: أن هلم إلى الغذاء، فأجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
وتم حفر الخندق في ستة أيام علي رأي ابن سعد وقيل قريبا من عشرين ليلة وعند الواقدي أربعا وعشرين وقيل غير ذلك.
وأقبل جيش الأحزاب حتى نزل أمام المدينة في عشرة آلاف، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في ثلاثة آلاف وبينهم وبين القوم الخندق وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالذراري والنساء فجعلوا في الاطام (الحصون) البعيدة ليكونوا بمأمن إذا ركب العدو رأسه واستباح المدينة واسند المسلمون ظهورهم إلى جبل سلع ورابطوا علي جانب الخندق.
ولما انسابت الأحزاب حول المدينة في أعدادها الهائلة وضيقوا عليها الخناق لم يتسرب الخوف إلى قلوب المؤمنين بل واجهوا هذا الجيش الجرار بعقيدة المؤمن وثقة المطمئن بتأييد الله{وَلَمَّا رَءَا الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}... سورة الأحزاب، آية 22.
أما الواهنون والمرتابون ومرضى القلوب فقد تندروا بأحاديث الفتح وظنوها أماني المغرورين وقالوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسري وانتم تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرزوا؟ وفيهم قال الله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا}... سورة الأحزاب، آية 12.
ورأت جموع المشركين الخندق فاعترتهم الدهشة وداخلهم الاضطراب لعدم معرفتهم بوسائل القتال أمام الخنادق ولم يكونوا يتوقعون هذا النوع من الدفاع المجهول لديهم وبلغ منهم الغيظ أن زعموا أن الاحتماء وراء الخندق جبن لا عهد للعرب به وقالوا:إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها.
وظل المشركون يدورون حول المدينة وهم في غضب شديد يتحسسون نقطة ضعيفة لينحدروا منها عسي أن ينالوا من المسلمين شيئا وعرف المسلمون ما يتربص بهم وراء هذا الحصار فقرروا أن يرابطوا في مكانهم ينصحون بالنبل كل مقترب.
وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق علي هذا النحو فتيمموا مكانا ضيقا من الخندق وضربوا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم في ارض المدينة ومنهم الفارس المشهور عمرو بن عبدود الذي كان يقوم بألف فارس وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراح فلم يشهد يوم أحد
فلما كان يوم الخندق خرج واضعاً علامة يعرف بها فلما وقف قال من يبارز؟ فبرز علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:يا عمرو إنك كنت عاهدت الله لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه قال: أجل قال علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام قال: لا حاجة لي بذلك قال: فإني أدعوك إلى النزال فقال له: لم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك قال له علي لكني والله احب أن أقتلك
فحمي عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم اقبل علي (رضي الله عنه) فتنازلا وتجاولا فقتله علي رضي الله عنه.
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم _ يوم الخندق حم لا ينصرون.
مؤامرة يهود بني قريظة
في هذه الآونة العصيبة جاءت الأخبار أن يهود بني قريظة نقضوا معاهدتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم _ وانضموا إلى كتائب الأحزاب التي تحدق بالمدينة وكان بين المسلمين وبين يهود بني قريظة عقد وعهد فحملهم حي بن اخطب سيد يهود بني النضير واحد النفر الذين حرضوا قريشا وسائر العرب علي حرب الإسلام علي نقض العهد وقد فعل ذلك كعب بن أسد سيد قريظة بعد امتناع وتردد وتحقق رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه المؤامرة بعد أن بعث سعد بن معاذ سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة ليستوضحوا الخبر فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم علي اخبث ما بلغهم عنهم.
وقالوا من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عند، واقبل الوفد علي رسول الله واخبروه بغدر اليهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر ابشروا يا معشر المسلمين.
وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف ، ويصور هذا القران الكريم في قول الله تعالى:{إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا}... سورة الأحزاب، الآيات 10-11.
وزاد من خطورة الموقف خوف الرسول من أن يغتنم هذه الفرصة زعيم المنافقين عبد الله بن أبي ذلك المنافق الذي انسحب يوم أحد بثلث الناس من صفوف المسلمين لاسيما وقد ظهرت بوادر النفاق من بعضهم حتى لقد قال أحدهم: كان محمد يعدنا كنوز كسري وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن علي نفسه أن يذهب إلى الغائط.
لكل هذا هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقد الصلح بينه وبين غطفان علي أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة وقد عدل الرسول عن ذلك بعد استشارة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة نقالا له يا رسول الله أمرا نحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا؟ قال بل شئ اصنعه لكم والله ما اصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم (غالبوكم) من كل جانب فأردت أن اكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما.
فقال له سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن و هؤلاء علي الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون منه ثمرة الاقرى أو بما افحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له و أعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ والله مالنا بهذا حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت وذاك.
وفي وسط هذه الشدائد المتتالية والأزمات المتلاحقة والمصاعب المتتابعة برز أصحاب الإيمان الراسخ والعقدية الثابتة يغالبون نزعات الجبن والتردد التي بدت هنا وهناك ويسرعون إلى الفداء والتضحية غير هيابين ولا وجلين.
روي ابن إسحاق أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وكانت مع نسوة مسلمات في حصن بني حارثة ومر سعد بن معاذ وعليه درع قصيرة قد خرجت منها ذراعه كلها وهو يرتجز.
لا بأس بالموت إذا حان الأجل لبث قليلا يشهد الهيجا جمل
فقالت له أمه الحق أبني فقد والله أخرت قالت عائشة، فقلت لها يا أم سعد والله لوددت أن درع سعد كانت اسبغ مما هي قالت وخفت عليه.
وكان ما تخوفته عائشة رضي الله عنها فرمي سعد بن معاذ بسهم قطع منه الأكحل (عرق في الذراع) فقال سعد اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقي لها فإنها لا قوم أحب إلى أن أجهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه اللهم وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فأجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
ودعوة سعد هذه تصور مبلغ ما انطوت عليه قلوب المسلمين من غيظ وحنق لخيانة اليهود وانضمامهم إلى الأحزاب في هذا الوقت العصيب.
ومر يهودي من بني قريظة بالحصن الذي فيه صفية بنت عبد المطلب فجعل يطيف فيه فنزلت صفية من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته وأحاط المشركون بالمسلمين فحاصروهم قريبا من شهر واشتد البلاء.
واستأذن بعض الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة وقالوا: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا}... سورة الأحزاب، آية 13.
وجاء المسلمون إلى رسول الله يسألون هل من شئ يقولوه فقد بلغت القلوب الخناجر؟ قال: نعم قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا.
ودعا رسول الله علي الأحزاب فقال: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم.
موقف نعيم بن مسعود الغطفاني
وبينما رسول الله وأصحابه في هذه الشدة العظمي اخذ سير المعركة يتطور علي نحو لا يدرك الناس كنهه {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} وتدخلت عناية الله لتضع حداً لمعاناة المسلمين ولتقمع جحافل الشرك والكفر والخيانة.
فقد جاء نعيم بن مسعود الغطفاني رسول الله فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة.
فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال: يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم وتكلم معهم بكلام جعلهم يشكون في صحة موقفهم وتأييدهم لقريش وغطفان الذين ليسوا من أهل البلد وعدائهم للمهاجرين والأنصار الذين هم أهل الدار وجيرانهم الدائمين لهم وأشار عليهم ألا يشتركوا مع الأحزاب في حرب ضد محمد حتى يأخذوا من الأحزاب رهناً من أشرافهم يبقونه في أيديهم خشية أن تنسحب الأحزاب ويتركوهم وحدهم فقالوا له لقد أشرت بالرأي.
ثم خرج حتى أتي قريشاً وأظهر لهم وده ونصحه واخبرهم بأن اليهود قد ندموا علي ما كان منهم من نقض عهد محمد وأنهم سيطلبون من قريش رجالا من أشرافهم يدفعونها إليه ليقتلهم.
ثم خرج إلى غطفان وقال لهم مثل ما قال لقريش واختفي نعيم من الميدان ليرقب ثمار هذه الوقيعة. فكان كل فريق منهم علي حذر من الآخر وتوغرت صدورهم وشك كل واحد في الآخر، وندبت الفرقة وتوجس كل منهم خيفة من صاحبه.
وفي ليلة السبت من شوال سنة خمس قرر أبو سفيان القيام بهجومه الكبير فأرسل الى بني قريظة ليستعدوا معه للقتال فجاءهم الجواب متخاذلا بأنهم لا يستطيعون قتالا يوم السبت ثم طلبوا منهم رهنا من رجالهم فتحقق لقريش وغطفان صدق ما حدثهم به نعيم بن مسعود وامتنعوا عن تحقيق مطالبهم كما تحقق لليهود صدق حديثه كذلك. وهكذا تفرق الشمل وتفتت الوحدة ودب الخلاف وتوقف الهجوم.
وبينما هم علي هذه الحال من الحسرة واليأس إذ بعث الله علي الأحزاب الريح في ليلة شاتيه شديدة البرد فجعلت تقلب قدورهم وتطرح أبنيتهم.
ورأي المشركون أن المقام علي هذه الحالة متعذر فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف واختلفنا وبنوا قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدور، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام أبو سفيان إلى جمله وهو معقول فجاس عليه ثم مضي به فما أطلق عقاله ألا وهو قائم ورحل جميع الأحزاب: {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}... سورة الأحزاب، آية 25.
ووضعت الحرب أوارها فلم ترجع قريش بعدها إلى حرب المسلمين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لن يغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم.
وجعل رسول الله يهتف قائلا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده وهزم الأحزاب وحده، وصدق الله العظيم {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}... سورة الأحزاب، آية 9.
هذا وقد استشهد من المسلمين يوم الخندق سبعة علي أكثر تقدير وقتل من المشركين ثلاثة.
وكان زعماء اليهود في جزيرة العرب أبصر من غيرهم بهذه الحقيقة فأجمعوا أمرهم علي تأليب العرب ضد الإسلام وحشدهم في جيش كثيف ينازل محمداًَ وصحبه في معركة حاسمة وكان هذا منهم امتدادا لسلسلة المؤامرات التي لم يدخر اليهود جهداً إلا وبذلوه في سبيل هدفهم الثابت وهو القضاء علي الإسلام.
وخرج نفر من بني النضير ونفر من بني وائل فقدموا علي قريش ودعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار وفد اليهود يزين لقريش الحرب ويهون أمرها وقالوا لهم إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله.
فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه؟ قالوا بل دينكم خير من دينه وانتم أولي بالحق منه وإلى ذلك يشير القران الكريم في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا سَبِيلا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلْعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}... سورة النساء، آية 51.
فلما قال اليهود ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم خرج أولئك النفر من اليهود قاصدين ديار غطفان وهي قبيلة حربية لها خطرها في صحراء بلاد العرب وتقع علي بعد مائة وعشرين كيلو مترا إلى الشمال الغربي من المدينة فدعوهم إلى حرب الرسول صلى الله عليه وسلم، وطافوا في القبائل الأخرى مثل بني فزارة وبني مرة وبني أسد وأشجع وسليم وعرض عليهم مشروع غزو المدينة وموافقة قريش عليه فأجابوهم إلى ذلك، وبذلك نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر علي الإسلام والمسلمين وبلغ مجموع الأحزاب عشرة آلاف مقاتل وأسندت القيادة إلى أبي سفيان بن حرب وبدأ التأهب للزحف علي المدينة.
وقد اختلف في تاريخها وجمهور المؤرخين وأهل السير أنها كانت في شوال سنة خمس ولما سمع الرسول بزحفهم إلى المدينة استشار النبي أصحابه فيما ينصع.
واستقر الرأي علي البقاء بالمدينة والتحصن بها لان الالتحام مع هذه الجيوش الضخمة في ساحة مكشوفة غير مأمون العاقبة وكان جيش المسلمين لا يزيد علي ثلاثة آلاف مقاتل.
حفر الخندق
وقد أشار سليمان الفارسي بضرب الخندق علي المدينة وكانت خطة حربية متبعة عند الفرس وقبل رسول الله رأيه فأمر بحفر الخندق في السهل الواقع شمال غرب المدينة وهو الجانب المكشوف الذي يخاف منه اقتحام العدو، وذكر أن المهاجرين يوم الخندق قالوا سلمان منا وقالت الأنصار سلمان منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت.
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق بين أصحابه لكل عشرة منهم أربعين ذراعاً.
وعمل رسول الله في حفر الخندق ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون فيه وإبطا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعف من العمل ويتسللون إلى أهاليهم بغير علم رسول الله و لا إذنه، وفيهم نزل قول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئْذِنُوهُ} إلى قوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}... سورة النور، آية 62.
وكان البرد شديداً ولا يجدون من القوت إلا ما يسد الرمق وقد لا يجدونه يقول أبو طلحة شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه حجرين، وكان المسلمون مسرورين يحمدون الله ويرتجزون ولا يشكون.
يقول أنس رضي الله عنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: فأغفر للأنصار والمهاجرة اللهم إن العيش عيش الآخرة
فقالوا مجيبين له : علي الجهاد ما بقينا أبداً نحن الذين بايعوا محمدا
وعرض للمسلمين في بعض الخندق صخرة عظيمة شديدة لا تأخذ فيها المعاول فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآها أخذ المعول وقال بسم الله وضرب ضربه فكسر ثلثها وقال الله اكبر أعطيت مفاتيح الشام فقطع ثلثاً آخر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله أني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة. وظهرت المعجزات علي يد الرسول فإذا اشتدت علي المسلمين في بعض الخندق كدية دعا بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ونضح ذلك الماء علي تلك الكدية فانهالت وعادت كالكثيب لا تر فأسا ولا مسحاه.
وظهرت البركة في طعام قليل فشبع به عدد كبير وكفى الجيش كله قال أبن إسحاق: أن ابنة بشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت: دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ثم قالت أي بنية أذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغذائهما
قالت: فأخذتها فأنطقت بها فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا التمس أبي وخالى فقال: تعالي يا بنية ما هذا الذي معك؟ قالت: يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالى عبد الله بن رواحة يتغذيانه قال: هاتيه قالت: فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأنها ثم أمر بثوب فبسط له ثم دعا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال لواحد من الصحابة أصرخ في أهل الخندق: أن هلم إلى الغذاء، فأجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
وتم حفر الخندق في ستة أيام علي رأي ابن سعد وقيل قريبا من عشرين ليلة وعند الواقدي أربعا وعشرين وقيل غير ذلك.
وأقبل جيش الأحزاب حتى نزل أمام المدينة في عشرة آلاف، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في ثلاثة آلاف وبينهم وبين القوم الخندق وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالذراري والنساء فجعلوا في الاطام (الحصون) البعيدة ليكونوا بمأمن إذا ركب العدو رأسه واستباح المدينة واسند المسلمون ظهورهم إلى جبل سلع ورابطوا علي جانب الخندق.
ولما انسابت الأحزاب حول المدينة في أعدادها الهائلة وضيقوا عليها الخناق لم يتسرب الخوف إلى قلوب المؤمنين بل واجهوا هذا الجيش الجرار بعقيدة المؤمن وثقة المطمئن بتأييد الله{وَلَمَّا رَءَا الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}... سورة الأحزاب، آية 22.
أما الواهنون والمرتابون ومرضى القلوب فقد تندروا بأحاديث الفتح وظنوها أماني المغرورين وقالوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسري وانتم تحفرون الخندق لا تستطيعون أن تبرزوا؟ وفيهم قال الله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا}... سورة الأحزاب، آية 12.
ورأت جموع المشركين الخندق فاعترتهم الدهشة وداخلهم الاضطراب لعدم معرفتهم بوسائل القتال أمام الخنادق ولم يكونوا يتوقعون هذا النوع من الدفاع المجهول لديهم وبلغ منهم الغيظ أن زعموا أن الاحتماء وراء الخندق جبن لا عهد للعرب به وقالوا:إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها.
وظل المشركون يدورون حول المدينة وهم في غضب شديد يتحسسون نقطة ضعيفة لينحدروا منها عسي أن ينالوا من المسلمين شيئا وعرف المسلمون ما يتربص بهم وراء هذا الحصار فقرروا أن يرابطوا في مكانهم ينصحون بالنبل كل مقترب.
وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق علي هذا النحو فتيمموا مكانا ضيقا من الخندق وضربوا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم في ارض المدينة ومنهم الفارس المشهور عمرو بن عبدود الذي كان يقوم بألف فارس وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراح فلم يشهد يوم أحد
فلما كان يوم الخندق خرج واضعاً علامة يعرف بها فلما وقف قال من يبارز؟ فبرز علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:يا عمرو إنك كنت عاهدت الله لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه قال: أجل قال علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام قال: لا حاجة لي بذلك قال: فإني أدعوك إلى النزال فقال له: لم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك قال له علي لكني والله احب أن أقتلك
فحمي عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم اقبل علي (رضي الله عنه) فتنازلا وتجاولا فقتله علي رضي الله عنه.
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم _ يوم الخندق حم لا ينصرون.
مؤامرة يهود بني قريظة
في هذه الآونة العصيبة جاءت الأخبار أن يهود بني قريظة نقضوا معاهدتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم _ وانضموا إلى كتائب الأحزاب التي تحدق بالمدينة وكان بين المسلمين وبين يهود بني قريظة عقد وعهد فحملهم حي بن اخطب سيد يهود بني النضير واحد النفر الذين حرضوا قريشا وسائر العرب علي حرب الإسلام علي نقض العهد وقد فعل ذلك كعب بن أسد سيد قريظة بعد امتناع وتردد وتحقق رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه المؤامرة بعد أن بعث سعد بن معاذ سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة ليستوضحوا الخبر فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم علي اخبث ما بلغهم عنهم.
وقالوا من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عند، واقبل الوفد علي رسول الله واخبروه بغدر اليهود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر ابشروا يا معشر المسلمين.
وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف ، ويصور هذا القران الكريم في قول الله تعالى:{إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا}... سورة الأحزاب، الآيات 10-11.
وزاد من خطورة الموقف خوف الرسول من أن يغتنم هذه الفرصة زعيم المنافقين عبد الله بن أبي ذلك المنافق الذي انسحب يوم أحد بثلث الناس من صفوف المسلمين لاسيما وقد ظهرت بوادر النفاق من بعضهم حتى لقد قال أحدهم: كان محمد يعدنا كنوز كسري وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن علي نفسه أن يذهب إلى الغائط.
لكل هذا هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقد الصلح بينه وبين غطفان علي أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة وقد عدل الرسول عن ذلك بعد استشارة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة نقالا له يا رسول الله أمرا نحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا؟ قال بل شئ اصنعه لكم والله ما اصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم (غالبوكم) من كل جانب فأردت أن اكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما.
فقال له سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن و هؤلاء علي الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون منه ثمرة الاقرى أو بما افحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له و أعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ والله مالنا بهذا حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت وذاك.
وفي وسط هذه الشدائد المتتالية والأزمات المتلاحقة والمصاعب المتتابعة برز أصحاب الإيمان الراسخ والعقدية الثابتة يغالبون نزعات الجبن والتردد التي بدت هنا وهناك ويسرعون إلى الفداء والتضحية غير هيابين ولا وجلين.
روي ابن إسحاق أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وكانت مع نسوة مسلمات في حصن بني حارثة ومر سعد بن معاذ وعليه درع قصيرة قد خرجت منها ذراعه كلها وهو يرتجز.
لا بأس بالموت إذا حان الأجل لبث قليلا يشهد الهيجا جمل
فقالت له أمه الحق أبني فقد والله أخرت قالت عائشة، فقلت لها يا أم سعد والله لوددت أن درع سعد كانت اسبغ مما هي قالت وخفت عليه.
وكان ما تخوفته عائشة رضي الله عنها فرمي سعد بن معاذ بسهم قطع منه الأكحل (عرق في الذراع) فقال سعد اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقي لها فإنها لا قوم أحب إلى أن أجهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه اللهم وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فأجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
ودعوة سعد هذه تصور مبلغ ما انطوت عليه قلوب المسلمين من غيظ وحنق لخيانة اليهود وانضمامهم إلى الأحزاب في هذا الوقت العصيب.
ومر يهودي من بني قريظة بالحصن الذي فيه صفية بنت عبد المطلب فجعل يطيف فيه فنزلت صفية من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته وأحاط المشركون بالمسلمين فحاصروهم قريبا من شهر واشتد البلاء.
واستأذن بعض الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة وقالوا: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا}... سورة الأحزاب، آية 13.
وجاء المسلمون إلى رسول الله يسألون هل من شئ يقولوه فقد بلغت القلوب الخناجر؟ قال: نعم قولوا اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا.
ودعا رسول الله علي الأحزاب فقال: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم.
موقف نعيم بن مسعود الغطفاني
وبينما رسول الله وأصحابه في هذه الشدة العظمي اخذ سير المعركة يتطور علي نحو لا يدرك الناس كنهه {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} وتدخلت عناية الله لتضع حداً لمعاناة المسلمين ولتقمع جحافل الشرك والكفر والخيانة.
فقد جاء نعيم بن مسعود الغطفاني رسول الله فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة.
فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال: يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم وتكلم معهم بكلام جعلهم يشكون في صحة موقفهم وتأييدهم لقريش وغطفان الذين ليسوا من أهل البلد وعدائهم للمهاجرين والأنصار الذين هم أهل الدار وجيرانهم الدائمين لهم وأشار عليهم ألا يشتركوا مع الأحزاب في حرب ضد محمد حتى يأخذوا من الأحزاب رهناً من أشرافهم يبقونه في أيديهم خشية أن تنسحب الأحزاب ويتركوهم وحدهم فقالوا له لقد أشرت بالرأي.
ثم خرج حتى أتي قريشاً وأظهر لهم وده ونصحه واخبرهم بأن اليهود قد ندموا علي ما كان منهم من نقض عهد محمد وأنهم سيطلبون من قريش رجالا من أشرافهم يدفعونها إليه ليقتلهم.
ثم خرج إلى غطفان وقال لهم مثل ما قال لقريش واختفي نعيم من الميدان ليرقب ثمار هذه الوقيعة. فكان كل فريق منهم علي حذر من الآخر وتوغرت صدورهم وشك كل واحد في الآخر، وندبت الفرقة وتوجس كل منهم خيفة من صاحبه.
وفي ليلة السبت من شوال سنة خمس قرر أبو سفيان القيام بهجومه الكبير فأرسل الى بني قريظة ليستعدوا معه للقتال فجاءهم الجواب متخاذلا بأنهم لا يستطيعون قتالا يوم السبت ثم طلبوا منهم رهنا من رجالهم فتحقق لقريش وغطفان صدق ما حدثهم به نعيم بن مسعود وامتنعوا عن تحقيق مطالبهم كما تحقق لليهود صدق حديثه كذلك. وهكذا تفرق الشمل وتفتت الوحدة ودب الخلاف وتوقف الهجوم.
وبينما هم علي هذه الحال من الحسرة واليأس إذ بعث الله علي الأحزاب الريح في ليلة شاتيه شديدة البرد فجعلت تقلب قدورهم وتطرح أبنيتهم.
ورأي المشركون أن المقام علي هذه الحالة متعذر فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف واختلفنا وبنوا قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدور، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام أبو سفيان إلى جمله وهو معقول فجاس عليه ثم مضي به فما أطلق عقاله ألا وهو قائم ورحل جميع الأحزاب: {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}... سورة الأحزاب، آية 25.
ووضعت الحرب أوارها فلم ترجع قريش بعدها إلى حرب المسلمين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لن يغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم.
وجعل رسول الله يهتف قائلا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده وهزم الأحزاب وحده، وصدق الله العظيم {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}... سورة الأحزاب، آية 9.
هذا وقد استشهد من المسلمين يوم الخندق سبعة علي أكثر تقدير وقتل من المشركين ثلاثة.
الجمعة، 12 مارس 2010
الطبيب المؤيد للبرادعي ينهي إضرابه عن الطعام
بعد قرار التحقيق مع الضابط الذي احتجزه: الطبيب المؤيد للبرادعي ينهي إضرابه عن الطعام
اضغط للتكبير
د. محمد البرادعي - رويترز
حفظ-->
StoreDocumentLink();
احفظ الخبر
اطبع
أضف تعليق
ارسل
3/12/2010 11:13:00 PM
القاهرة - محرر مصراوي - أعلن الدكتور طه عبد التواب إخصائي العلاج الطبيعي الذي يخضع للعلاج في مستشفى سنورس بعد الاعتداء عليه من قبل قوات الأمن لمساندته للدكتور محمد البرادعي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أعلن إنهاء إضرابه عن الطعام.
وجاء إعلان عبد التواب عقب إعلامه بقرار النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ببدء التحقيق مع الضابط الذي احتجزه في أمن الدولة.
وأفادت مصادر قضائية أن النائب العام أصدر قرارا بتكليف المحامي العام لنيابة الفيوم ببدء التحقيق مع محمد عبد التواب، وهو ضابط في جهاز أمن الدولة، لاحتجازه وتعذيبه الطبيب طه عبد التواب، بسبب دعمه للدكتور محمد البرادعي كمرشح محتمل للانتخابات الرئاسية المصرية.
وتفيد المصادر أن نيابة الفيوم حددت يوم السبت 13 مارس الجاري لاستدعاء الضابط وسماع أقواله.
وقد زارت الإعلامية جميلة إسماعيل الطبيب في المستشفى الموجود به لمساندته والتضامن معه، وقالت إن إدارة المستشفى رفضت طلبها بنقله لإحدى مستشفيات القاهرة، موضحة أن مدير المستشفى أخبرها أنه "لا يمكن نقله الى أي مكان إلا بإذن من النيابة العامة" لافتة إلى أنها كانت قد أعدت سيارة إسعاف مجهزة لتتولى نقل الطبيب إلى القاهرة ليتلقى الرعاية الطبية اللازمة لمعالجة التدهور الكبير في حالته الصحية.
وقالت جميلة إسماعيل: "طه عبد التواب لم يصدق أنه سيتم التحقيق مع الضابط الذي اعتدى عليه إلا بعد أن استمع على الهاتف إلى صوت النائب العام المساعد عادل السعيد وهو يؤكد صحة الخبر"، وتابعت: "حالته الصحية متدهورة جدا، وكان يهذي كالمحموم ".
وكان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قد حذر في وقت سابق مما وصفه بـ " لجوء أجهزة الأمن المصرية إلى استخدام أساليب قمعية ضد أنصاره" وضد المطالبين بتغيير الأوضاع السياسية من المصريين.
وأدان الدكتور محمد البرادعي في بيان له التعذيب الذي تعرض له طه عبد التواب في أحد مراكز مباحث أمن الدولة بمحافظة الفيوم، بسبب تأييده للبرادعي كمرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية المصرية.
وحذر البرادعي من خطورة اللجوء إلى الأساليب القمعية قائلاً: "أود في النهاية أن ألفت انتباه الجميع إلى أن اللجوء إلى هذه الأساليب غير المتحضرة يعد انتهاكا صارخا لكل الأعراف والقوانين الدولية ويعرض مرتكبيها للمساءلة أمام المحاكم الوطنية".
المصدر: موقع دويتشه فيله الألماني، مصراوي.
اضغط للتكبير
د. محمد البرادعي - رويترز
حفظ-->
StoreDocumentLink();
احفظ الخبر
اطبع
أضف تعليق
ارسل
3/12/2010 11:13:00 PM
القاهرة - محرر مصراوي - أعلن الدكتور طه عبد التواب إخصائي العلاج الطبيعي الذي يخضع للعلاج في مستشفى سنورس بعد الاعتداء عليه من قبل قوات الأمن لمساندته للدكتور محمد البرادعي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أعلن إنهاء إضرابه عن الطعام.
وجاء إعلان عبد التواب عقب إعلامه بقرار النائب العام المستشار عبد المجيد محمود ببدء التحقيق مع الضابط الذي احتجزه في أمن الدولة.
وأفادت مصادر قضائية أن النائب العام أصدر قرارا بتكليف المحامي العام لنيابة الفيوم ببدء التحقيق مع محمد عبد التواب، وهو ضابط في جهاز أمن الدولة، لاحتجازه وتعذيبه الطبيب طه عبد التواب، بسبب دعمه للدكتور محمد البرادعي كمرشح محتمل للانتخابات الرئاسية المصرية.
وتفيد المصادر أن نيابة الفيوم حددت يوم السبت 13 مارس الجاري لاستدعاء الضابط وسماع أقواله.
وقد زارت الإعلامية جميلة إسماعيل الطبيب في المستشفى الموجود به لمساندته والتضامن معه، وقالت إن إدارة المستشفى رفضت طلبها بنقله لإحدى مستشفيات القاهرة، موضحة أن مدير المستشفى أخبرها أنه "لا يمكن نقله الى أي مكان إلا بإذن من النيابة العامة" لافتة إلى أنها كانت قد أعدت سيارة إسعاف مجهزة لتتولى نقل الطبيب إلى القاهرة ليتلقى الرعاية الطبية اللازمة لمعالجة التدهور الكبير في حالته الصحية.
وقالت جميلة إسماعيل: "طه عبد التواب لم يصدق أنه سيتم التحقيق مع الضابط الذي اعتدى عليه إلا بعد أن استمع على الهاتف إلى صوت النائب العام المساعد عادل السعيد وهو يؤكد صحة الخبر"، وتابعت: "حالته الصحية متدهورة جدا، وكان يهذي كالمحموم ".
وكان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي قد حذر في وقت سابق مما وصفه بـ " لجوء أجهزة الأمن المصرية إلى استخدام أساليب قمعية ضد أنصاره" وضد المطالبين بتغيير الأوضاع السياسية من المصريين.
وأدان الدكتور محمد البرادعي في بيان له التعذيب الذي تعرض له طه عبد التواب في أحد مراكز مباحث أمن الدولة بمحافظة الفيوم، بسبب تأييده للبرادعي كمرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية المصرية.
وحذر البرادعي من خطورة اللجوء إلى الأساليب القمعية قائلاً: "أود في النهاية أن ألفت انتباه الجميع إلى أن اللجوء إلى هذه الأساليب غير المتحضرة يعد انتهاكا صارخا لكل الأعراف والقوانين الدولية ويعرض مرتكبيها للمساءلة أمام المحاكم الوطنية".
المصدر: موقع دويتشه فيله الألماني، مصراوي.
المرشد العام يحضر عقد زواج نجل د. عزت
المرشد العام يحضر عقد زواج نجل د. عزت
[12/03/2010][22:51 مكة المكرمة]
د. محمد بديع وقيادات الإخوان شاركوا في حفل الزواج (تصوير- محمد أبو زيد)
كتب- خالد عفيفي:
تقدَّم فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين مهنئًا عبد الرحمن نجل الدكتور محمود عزت نائب فضيلته، المعتقل حاليًّا، خلال عقد زواجه مساء اليوم بمسجد الأرقم بن أبي الأرقم بمدينة نصر.
وشارك في الحفل الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق، وكلٌّ من الدكتور رشاد البيومي نائب فضيلة المرشد، والدكتور محمد مرسي والدكتور محمود غزلان والدكتور محمد علي بشر والدكتور محمود أبو زيد أعضاء مكتب الإرشاد، والمهندس محمد أسامة، كما شارك الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب.
فضيلة المرشد العام يلقي كلمة في الحفل
وهنَّأ فضيلة المرشد العام في كلمته العروسين، داعيًا المولى عز وجل أن يبارك لهما ويبارك عليهما ويجمع بينهما في خير، سائلاً الله العلي القدير أن يفكَّ أسر د. عزت وجميع إخوانه المعتقلين.
من جانبه استنكر الأستاذ عاكف الاعتقالات الأخيرة في صفوف الجماعة، منددًا بموقف الحكومة من الإخوان وتسارع حملات الاعتقال ضدهم.
وفي كلمته أعرب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن بالغ سعادته بالزيجة المباركة، مؤكدًا أن حضوره للحفل جاء رغم عودته للتو من الخارج، وأن الدكتور محمود عزت له مكانة كبيرة في قلبه، ولا يستطيع التأخر عن مناسبة مثل تلك، داعيًا الله عزَّ وجل أن يفك أسره قريبًا وجميع إخوانه.
(إخوان أون لاين) يتقدم بأرقِّ وأصدق التهاني القلبية للعروسين، ويتمنى لهما حياة زوجية سعيدة على كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، و"بارك الله لهما، وبارك عليهما، وجمع بينهما في خير".
الثلاثاء، 9 مارس 2010
http://www.youtube.com/my_favorites
مع تمنياتى لكم بالتوفيق فى الوصول الى الرابط وسماع المادة العلمية ولا تنسونا فى دعائكم بظهر الغيب
السبت، 6 مارس 2010
يا قدس صبرًا إن مع العسر يسرًا
المسجد الأقصى المبارك هو أول قبلة للمسلمين في صلاتهم، كما يعتبر ثالث المساجد بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومن خصائص هذا المسجد المقدس أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة عما سواه من المساجد وهو احد المساجد التى لا تشد الرحال الا اليها فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" اللهم ارزقنا صلاةً فيه .وقد وردت عدة أحاديث نبوية في فضل المسجد الأقصى؛ منها:ما أخرجه الإمام أحمد أَنَّ مَيْمُونَةَ مَوْلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: "أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ؟ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ". وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: "المسجد الحرام" قلت: ثم أي قال: "المسجد الأقصى" (رواه البخاري ومسلم والنسائي) وعن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" أو "وجبت له الجنة"، ثم قال أبو داود بعد الحديث: يرحم الله وكيعًا أحرم من بيت المقدس، يعني إلى مكة") رواه أبو داود(, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، إِلا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ (ضيق المعيشة)؛ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِس".
واما تاريخ المسجد الأقصى فهو تاريخ الأنبياء من لدُن آدم عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي عرج به إلى السماء من ذلك المكان المبارك. وأرض فلسطين أرض مباركة بنص القرآن الكريم ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )الإسراء: من الآية 1)، وقال تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾)الأنبياء: من الآية 71)، ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ (الأنبياء: من الآية 81). قال ابن كثير: بلاد الشام، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً﴾ (سبأ: من الآية 18). قال ابن عباس: القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدس، (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم). وكان أول عهد القدس بالفتح الإسلامي في عهد الفاروق رضي الله عنه، ورفض أهلها إلا أن يسلِّموا مفتاح المدينة لعمر بن الخطاب شخصيًّا، فلما جاءه الخبر ركب إليهم، ولم يبدل من مظهره ولا من مركبه؛ لأن عزة الإسلام كانت تملأ قلبه، فتنعكس على محياه هيبةً وإجلالاً، فَقَدِمَ عليهم بثوبه المرقع أخذًا بلجام دابته التي يركب عليها مولاه، وهو يخوض في الطين رضي الله عنه، فتسلم المفتاح وكتب لأهلها العهد المشهور، ودخل دخول الفاتحين، ولما دخل بيت المقدس وجد على الصخرة زبالة عظيمة؛ لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها، مقابلة لليهود الذين يصلون إليها، فأمر بإزالة النجاسة عنها. وكان أول سقوط للقدس في أيدي الصليبيين في عام 492هـ؛ حيث سلم القائد الفاطمي افتخار الدولةأخزاه الله- القدس، ودفع أيضًا مبلغًا من المال للقائد الصليبي ريموند مقابل الإبقاء على حياته وحرسه الخاص، وترك الصليبيين يذبحون أهل القدس؛ حيث قتلوا بالمسجد وحده ما يزيد على سبعين ألفًا وغيّر المجرمون من معالم المسجد، فجعلوا جزءًا منه كنيسةً وجزءًا سكنًا لفرسانهم، وبنوا بجواره مستودعًا لأسلحتهم، أما مسجد الصخرة؛ فحولوه إلى كنيسة، ونصبوا فوق القبة صليبًا كبيرًا. فانظروا إلى الفرق بين اليوم الذي تمكَّن فيه المسلمون؛ حيث كان يوم أمن وأمان، ويوم أن تمكن الصليبيون كيف جعلوه يوم موت ودماء. و لقد قيض الله للمسجد الأقصى المبارك القائد المؤمن صلاح الدين الأيوبي، وكانت عودة المسجد الأقصى إلى مكانها الطبيعي في حيازة المسلمين يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب عام خمسمائة وثلاثة وثمانين للهجرة، واستمر في عز المسلمين حتى كانت المؤامرة الدولية على الأرض المباركة وتسليمها لليهود. أيها الموحدون إن تربية الأولاد من بنين وبنات على أن يعيشوا هموم أمتهم، وأن يشعروا بأن المسلمين جسد واحد فيه عز هذه الأمة، فلا شك أن هناك فرقًا كما بين السماء والأرض بين من نشأ لا يهتم إلا بشهواته ورغباته، وبين من نشأ وقلبه يعتصر ألمًا على أحوال أمته فيسعى للصلاح، فلنجعل قضية القدس حاضرة في قلوب أبنائنا، ولنربي في كل واحد منهم أنه صلاح الدين المنتظر، أعلموهم أنه لن يتحقق ذلك فيهم بالتمني وإنما بطاعة الله والاستقامة على دينه؛ ولعل في النماذج التي يقدِّمها إخواننا في فلسطين وغيرها خير مثال على ذلك.
فواجبنا تجاهالأقصى؟:استحضار نية الجهاد، والاستعداد للشهادة، والتضحية في سبيل حرية الأرض وتطهيرها من نجاسة اليهود، فقد جاء في السنة النبوية "من سأل الله الشهادة بصدق؛ بلغه منازل الشهداء، وإن مات على فراشه، ومن مات ولم يغز ولم يحدِّث نفسه بغزو مات على شعبه من النفاق".. وفي رواية أخرى.. "مات ميتة الجاهلية". فلنمدُّ يد العون بكل ما نستطيع لإخواننا المرابطين المجاهدين في سبيل الله الصابرين الصامدين، ففي الحديث الصحيح: "من جهَّز غازيًا وخلفه في أهله بخير فقد غزا". وايضا الدعاء، وهو السلاح الذي لا يستطيع أحد أن يسلبه من المؤمنين، فعلى المسلم ألا يغفل الدعاء لإخوانه المجاهدين بظهر الغيب، وأن يجأر إلى الله تعالى بأن يرد المسجد الأقصى وفلسطين إلى أمة الإسلام، وأن يخلصها من أيدي اليهود الغاصبين. وايضا مقاطعة اليهود الغاصبين ومن يعاونهم على امتلاك أرضنا واستباحة دمائنا وأموالنا وأعراضنا، فتلك المقاطعة تؤدي بنا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي؛ حتى لا يكون اقتصادنا وغذاؤنا ودواؤنا وسلاحنا في أيدي أعدائنا. ثم الأمل في نصر الله، وعدم اليأس أو التأثر بافتراءات المغرضين والمثبطين. وإعداد الجيل المسلم، وعدم التسليم أو التفريط في الحقوق، والعمل على إبقاء القضية حية في نفوس الشباب والنشء وكل أبناء الأمة. واخيرا البعد عن المعاصي والذنوب والرجوع إلى الله، وليعلم كل منا أن ذنبه قد يكون سببًا لتأخير النصر، ولنضع نصب أعيننا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ )الرعد: من الآية11)
ومن المبشرات في القرآن الكريم والسنة المطهرة: قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾(9الصف) ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون﴾ (8الصف). ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ )التوبة) قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ )لأنفال: من الآية 36) . رواى مسلم في صحيحه، وأبو داود، والترمذي ، وابن ماجه، وأحمد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله زوى لي الأرض- أي جمعها وضمها- فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي( وروى ابن حبان في صحيحه: "ليبلغن هذا الأمر- يعني الإسلام- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلاًّ يذل الله به الكفر) "ذكره الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان( وروى أحمد، والدارمي، وابن أبي شيبة، والحاكم ووافقه الذهبي، عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسُئل: أي المدينتين تُفتح أولاً: القسطنطينية أو روميَّة؟ فدعا عبد الله بصندوق له حَلَق قال: فأخرج منه كتابًا، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تُفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينة هرقل تفتح أولاً" يعني: قسطنطينية (رواه أحمد(. وما رواه أحمد والبزار- الطبراني ببعضه- عن النعمان بن بشير عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا) الملك العاض أو العضوض: هو الذي يصيب الرعية فيه عسف وتجاوز، كأنما له أسنان تعضهم عضًّا(، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريةً )ملك الجبرية: هو الذي يقوم على التجبر والطغيان(، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة"، ثم سكت. ومن الواقع: ظهور الصحوة الإسلامية، التي أعادت للأمة الثقة بالإسلام، والرجاء في غد، وقد أقلقت أعداء الإسلام في الداخل والخارج، وهي جديرة أن تقود الأمة إلى مواطن النصر. فإن النصر قريب، وإن الفرج لآتٍ، وإن مع العسر يسرًا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200 آل عمر)، وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ (غافر: من الآية 51). اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل- اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب؛ اهزم النصارى واليهود المحاربين للإسلام والمسلمين، اللهم اهزمهم وزلزلهم, اللهم اقذف الرعب في قلوبهم, اللهم فرِّق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم خالف بين آرائهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، يا قوي يا قادر، اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين، اللهم أرسل عليهم الرياح العاتية, والأعاصير الفتاكة, والقوارع المدمرة، والأمراض المتنوعة, اللهم أشغلهم بأنفسهم عن المؤمنين، شل أركانهم، واعْمِ أبصارهم، وأنزل عليهم البلاء والوباء، واجعل تدبيرهم تدميرًا لهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، واجعلهم عبرة لمن لا يعتبر، وعجِّل بهزيمتهم، واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، "اللَّهُمَّ إنَّا نَجعَلُكَ في نُحُورِهِم، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِم".
واما تاريخ المسجد الأقصى فهو تاريخ الأنبياء من لدُن آدم عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي عرج به إلى السماء من ذلك المكان المبارك. وأرض فلسطين أرض مباركة بنص القرآن الكريم ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )الإسراء: من الآية 1)، وقال تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾)الأنبياء: من الآية 71)، ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ (الأنبياء: من الآية 81). قال ابن كثير: بلاد الشام، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً﴾ (سبأ: من الآية 18). قال ابن عباس: القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدس، (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم). وكان أول عهد القدس بالفتح الإسلامي في عهد الفاروق رضي الله عنه، ورفض أهلها إلا أن يسلِّموا مفتاح المدينة لعمر بن الخطاب شخصيًّا، فلما جاءه الخبر ركب إليهم، ولم يبدل من مظهره ولا من مركبه؛ لأن عزة الإسلام كانت تملأ قلبه، فتنعكس على محياه هيبةً وإجلالاً، فَقَدِمَ عليهم بثوبه المرقع أخذًا بلجام دابته التي يركب عليها مولاه، وهو يخوض في الطين رضي الله عنه، فتسلم المفتاح وكتب لأهلها العهد المشهور، ودخل دخول الفاتحين، ولما دخل بيت المقدس وجد على الصخرة زبالة عظيمة؛ لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها، مقابلة لليهود الذين يصلون إليها، فأمر بإزالة النجاسة عنها. وكان أول سقوط للقدس في أيدي الصليبيين في عام 492هـ؛ حيث سلم القائد الفاطمي افتخار الدولةأخزاه الله- القدس، ودفع أيضًا مبلغًا من المال للقائد الصليبي ريموند مقابل الإبقاء على حياته وحرسه الخاص، وترك الصليبيين يذبحون أهل القدس؛ حيث قتلوا بالمسجد وحده ما يزيد على سبعين ألفًا وغيّر المجرمون من معالم المسجد، فجعلوا جزءًا منه كنيسةً وجزءًا سكنًا لفرسانهم، وبنوا بجواره مستودعًا لأسلحتهم، أما مسجد الصخرة؛ فحولوه إلى كنيسة، ونصبوا فوق القبة صليبًا كبيرًا. فانظروا إلى الفرق بين اليوم الذي تمكَّن فيه المسلمون؛ حيث كان يوم أمن وأمان، ويوم أن تمكن الصليبيون كيف جعلوه يوم موت ودماء. و لقد قيض الله للمسجد الأقصى المبارك القائد المؤمن صلاح الدين الأيوبي، وكانت عودة المسجد الأقصى إلى مكانها الطبيعي في حيازة المسلمين يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب عام خمسمائة وثلاثة وثمانين للهجرة، واستمر في عز المسلمين حتى كانت المؤامرة الدولية على الأرض المباركة وتسليمها لليهود. أيها الموحدون إن تربية الأولاد من بنين وبنات على أن يعيشوا هموم أمتهم، وأن يشعروا بأن المسلمين جسد واحد فيه عز هذه الأمة، فلا شك أن هناك فرقًا كما بين السماء والأرض بين من نشأ لا يهتم إلا بشهواته ورغباته، وبين من نشأ وقلبه يعتصر ألمًا على أحوال أمته فيسعى للصلاح، فلنجعل قضية القدس حاضرة في قلوب أبنائنا، ولنربي في كل واحد منهم أنه صلاح الدين المنتظر، أعلموهم أنه لن يتحقق ذلك فيهم بالتمني وإنما بطاعة الله والاستقامة على دينه؛ ولعل في النماذج التي يقدِّمها إخواننا في فلسطين وغيرها خير مثال على ذلك.
فواجبنا تجاهالأقصى؟:استحضار نية الجهاد، والاستعداد للشهادة، والتضحية في سبيل حرية الأرض وتطهيرها من نجاسة اليهود، فقد جاء في السنة النبوية "من سأل الله الشهادة بصدق؛ بلغه منازل الشهداء، وإن مات على فراشه، ومن مات ولم يغز ولم يحدِّث نفسه بغزو مات على شعبه من النفاق".. وفي رواية أخرى.. "مات ميتة الجاهلية". فلنمدُّ يد العون بكل ما نستطيع لإخواننا المرابطين المجاهدين في سبيل الله الصابرين الصامدين، ففي الحديث الصحيح: "من جهَّز غازيًا وخلفه في أهله بخير فقد غزا". وايضا الدعاء، وهو السلاح الذي لا يستطيع أحد أن يسلبه من المؤمنين، فعلى المسلم ألا يغفل الدعاء لإخوانه المجاهدين بظهر الغيب، وأن يجأر إلى الله تعالى بأن يرد المسجد الأقصى وفلسطين إلى أمة الإسلام، وأن يخلصها من أيدي اليهود الغاصبين. وايضا مقاطعة اليهود الغاصبين ومن يعاونهم على امتلاك أرضنا واستباحة دمائنا وأموالنا وأعراضنا، فتلك المقاطعة تؤدي بنا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي؛ حتى لا يكون اقتصادنا وغذاؤنا ودواؤنا وسلاحنا في أيدي أعدائنا. ثم الأمل في نصر الله، وعدم اليأس أو التأثر بافتراءات المغرضين والمثبطين. وإعداد الجيل المسلم، وعدم التسليم أو التفريط في الحقوق، والعمل على إبقاء القضية حية في نفوس الشباب والنشء وكل أبناء الأمة. واخيرا البعد عن المعاصي والذنوب والرجوع إلى الله، وليعلم كل منا أن ذنبه قد يكون سببًا لتأخير النصر، ولنضع نصب أعيننا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ )الرعد: من الآية11)
ومن المبشرات في القرآن الكريم والسنة المطهرة: قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾(9الصف) ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون﴾ (8الصف). ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ )التوبة) قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ )لأنفال: من الآية 36) . رواى مسلم في صحيحه، وأبو داود، والترمذي ، وابن ماجه، وأحمد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله زوى لي الأرض- أي جمعها وضمها- فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي( وروى ابن حبان في صحيحه: "ليبلغن هذا الأمر- يعني الإسلام- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلاًّ يذل الله به الكفر) "ذكره الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان( وروى أحمد، والدارمي، وابن أبي شيبة، والحاكم ووافقه الذهبي، عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسُئل: أي المدينتين تُفتح أولاً: القسطنطينية أو روميَّة؟ فدعا عبد الله بصندوق له حَلَق قال: فأخرج منه كتابًا، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تُفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينة هرقل تفتح أولاً" يعني: قسطنطينية (رواه أحمد(. وما رواه أحمد والبزار- الطبراني ببعضه- عن النعمان بن بشير عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا) الملك العاض أو العضوض: هو الذي يصيب الرعية فيه عسف وتجاوز، كأنما له أسنان تعضهم عضًّا(، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريةً )ملك الجبرية: هو الذي يقوم على التجبر والطغيان(، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة"، ثم سكت. ومن الواقع: ظهور الصحوة الإسلامية، التي أعادت للأمة الثقة بالإسلام، والرجاء في غد، وقد أقلقت أعداء الإسلام في الداخل والخارج، وهي جديرة أن تقود الأمة إلى مواطن النصر. فإن النصر قريب، وإن الفرج لآتٍ، وإن مع العسر يسرًا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200 آل عمر)، وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ (غافر: من الآية 51). اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل- اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب؛ اهزم النصارى واليهود المحاربين للإسلام والمسلمين، اللهم اهزمهم وزلزلهم, اللهم اقذف الرعب في قلوبهم, اللهم فرِّق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم خالف بين آرائهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، يا قوي يا قادر، اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين، اللهم أرسل عليهم الرياح العاتية, والأعاصير الفتاكة, والقوارع المدمرة، والأمراض المتنوعة, اللهم أشغلهم بأنفسهم عن المؤمنين، شل أركانهم، واعْمِ أبصارهم، وأنزل عليهم البلاء والوباء، واجعل تدبيرهم تدميرًا لهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، واجعلهم عبرة لمن لا يعتبر، وعجِّل بهزيمتهم، واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، "اللَّهُمَّ إنَّا نَجعَلُكَ في نُحُورِهِم، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِم".
خواطر شهر رمضان العظيم
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ المائدة: من الآية 3) ها هو ذا شهر رمضان العظيم أطل علينا بوجهه المشرق المنير، وطالع الأمة الإسلامية فاستيقظت معه القلوب، وتتنبهت المشاعر، ويهتف في قلب كل مسلم صوت من أصوات الحق "يا باغي الشر أقصر، ويا باغي الخير هلم.
ها هو ذا شهر رمضان العظيم شهر الوحي والتنزيل، ﴿الذي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ بقرة: من الآية 185) أطل على أمة القرآن، فإذا بها تتهيَّأ لبناء ركن من أركان الإيمان، مستجيبة لنداء الحق تبارك وتعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ والصوم عبادة من العبادات التي ندب الحق إليها عباده، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يتم إلا بها ولا يكمل إلا معها، والمفطر في رمضان بغير عذرٍ آثم مجرم في حق نفسه، مُفرِّط في جنب الله، مستهتر بشعور الناس، خارج على أدب أمته وملته، يجب أن يحاسب على هذا حسابًا عسيرًا بيد المجتمع، فيزدري ويحقر وبيد القانون فيؤاخذ ويعزر، ولعذاب الآخرة أشد وأكبر لو كانوا يعلمون. وشهر الصوم فرصة تتاح في كل عام مرة، حيث تفتح أبواب السماوات، وتتنزل رحمة الله على عباده بالبركات، وينظر الله تعالى إلى عباده في أيامه ولياليه، فيستجيب للداعين، ويضاعف مثوبة الطائعين، ويمن بالمغفرة والقبول على المذنبين والمقصرين ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)
واذا وقفنا برهة أمام تشريع الإسلام في العبادات لوجدنا العجب العجاب من هذا التشريع الحكيم والوضع الكريم السليم الذي وُضعت على قواعده هذه العبادات. فليست العبادات في الإسلام ضرائب تُؤدى أو واجبات تُقضى، أو فرائض تُفرض فحسب، ولكنها مظهر الصلة بين الله وخلقه، ومشرق النور في قلوبهم من ملكوته، والحجاب بينهم وبين وساوس الإثم ونزواته، ونمط من أنماط التكريم للإنسان إذ يسعد فيها بمناجاة العليم الخبير الذي بيده ملكوت كل شيء. تلك هي العبادات الإسلامية في معناها الروحي، ثم انظر بعد ذلك على أي القواعد وُضعت.
فالعبادات في الإسلام لا كلفةَ فيها ولا حرج، ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ وُضعت على البساطة التامة والتخفيف الكامل الذي لا يؤذي أحدًا ولا يؤلم إنسانًا، ووضعت إلى جانبها الرخص والكفارات التي تعفي غير القادر من العمل مع الإبقاء على حرمة التشريع وقداسة القانون، فمَن لم يستطع الوضوء تيمم، ومَن لم يستطع الصوم الآن قضى بعد حين أيامًا معدودات، وإن لم يستطع مطلقًا ففدية طعام مسكين، ومَن سافر فله أن يجمع الصلوات وأن يقصرها وله أن يصوم وله أن يفطر، ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
ثم هذه العبادات بعد ذلك لكل عبادة منها معناها الاجتماعي، ومغزاها العملي فليست ألغازًا محجوبةً وليست طلاسم مجهولة، وليست ألفاظًا خالية من المعاني، وليست ضروبًا من الشعوذات في الأعمال والمباني، ولكنها أقوال أو أفعال لها في النفس أثرها، ولها في المجتمع خطرها، ولو تعمدت إلى واحدة منها بالتحليل وإمعان النظر لوجدت من حكمها ودقائق أسرارها ما يبهر الأفهام والفكر، فهذه الصلاة برنامج كامل لتربية الفرد الكامل والشعب الكامل، وهذا الصوم تحرير للنفس الإنسانية من قيود العادات وأدران الشهوات وتقوية للإرادة في الخير حتى تنتصر دائمًا على نزعات الشر، وفيه بعد ذلك مآرب أخرى، وإن أسمى ما يحرص عليه الإنسان أن يكون حرًَّا وبذلك يمتاز عن الحيوان، ومَن تحرر من أهواء نفسه فقد ملك أمره وعلى هذا القياس كل العبادات الإسلامية وما انطوت عليه من خير للناس.
ثم هذه العبادات بعد ذلك لا تعمل عملها ولا ينال العابد ثوابها حتى تصدر عن وحي نفسه وتنبع من أعماق قلبه، فالنية الصالحة شرط في صحتها وقبولها وإخلاص القصد ركن من أركان ثوابها، ونية المرء خير من عمله، وإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلٍّ امرئ ما نوى، فلن يرفع إلى الله عمل لا إخلاص معه ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ (والأعمال صور قائمة وأرواحها وجود سر الإخلاص فيها فليست الحركات والسكنات والأقوال والإشارات بمغنية عن صاحبها شيئًا ما لم يصحبها قلبٌ خاشعٌ مخبتٌ صادق التوجه إلى الله العلي الكبير. تلك بعض خصائص العبادات في ديننا، ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (النساء: من الآية 82)، فالحمد لله على نعمة الإسلام.
أيها الموجدون إن كل إنسان منا هو في الحقيقة تاجر، وبضاعتك هي عملك الذي تقدمه كل يوم، وسوف تعرف الربح والخسارة إذا نُصبت الموازين يوم القيامة، فهنالك يظهر الرابحون الفائزون، ويظهر الخائبون الخاسرون. وبما أن كل إنسان منا تاجر؛ إذاً فكيف نتاجر مع الله؟! أقول: إن الله تبارك وتعالى قد جعل لنا -نحن التجار- مواسم للتجارة، وكل أيام العام فيها تجارة؛ لكن هناك مواسم زمانية -كشهر رمضان- تضاعف فيها الأرباح، وتكون التجارة فيها أعظم منها فيما سواها. وكذلك جعل مواسم مكانية لهذه التجارة، فهناك أمكنة للتجارة أرباحها مضاعفة أضعافاً كثيرة عن غيرها من الأمكنة؛ فالبلد الحرام الطاعة فيه مضاعفة. فمثلاً: الصلاة في المسجد الحرام ليست كالصلاة فيما سواه لشرف المكان. وأيضاً: فإن شرف الزمان -كما هو الحال- في شهر رمضان له أثره في أن تكون الطاعة أكثر أجراً وأكثر قبولاً، فجعل الله تعالى هذا الشهر موسماً لذلك؛ ولهذا لما علم الجيل الأول بذلك، ظهر هذا في أعمالهم وفي حياتهم، فقد ورد أن الصحابة الكرام كانوا يدعون الله تبارك وتعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان؛ فإذا صاموه دعوا الله تبارك وتعالى ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان. فالحول كله تفكير في رمضان واهتمام بشأنه، إما استقبالاً له، وإما رجاءً أن يُتَقَبَّلْ؛ لأنه أشرف ما في العام، فكان الصحابة الكرام يتاجرون طوال العام بالذكر، وبالجهاد، وبقراءة القرآن، وبالصدقة، وبالتفكر في ملكوت السموات والأرض؛ لكن! إذا جاء هذا الشهر؛ ضاعفوا ذلك وغيَّروا طريقة حياتهم، واستقبلوه استقبال البصير العالم بقيمته وأهميته.وهكذا كان العلماء من السلف وهم الذين أناروا للأمة طريقها بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وببيان الأحكام، وهم الذين قاموا مقام الأنبياء، وورثوا ميراث النبوة، { وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم }. فهؤلاء العلماء كانوا إذا جاء شهر رمضان، يتركون العلم، ويتفرغون لقراءة القرآن، حتى قال بعضهم: [إنما هما شيئان: القرآن والصدقة ]. لان هذا الشهر هو موسم الخير تترك فيه الأعمال الفاضلة إلى ما هو أفضل منها، فهذا حالهم وهذا شأنهم.
فما هذه الأيام والليالي إلا رواحل، تنقلنا من دار إلى دار، وتقربنا من دار هي الدار الآخرة، وتباعدنا عن هذه الدار الدنيا، لكن من الذي يستشعر ذلك؟! وكما قال بعض السلف : الأيام والليالي خزائن، فضع في خزينتك ما شئت، فسوف تلقاه. فإن وضعت ذهباً وفضة، وجدت النهاية هناك ذهباً وفضة، وإن وضعت تراباً أو فحماً أو حصىً، فإن الخزائن هناك إذا فتحت تجد فيها ما وضعت، فهذه الليالي والأيام هي بهذه المثابة.وإن الله تبارك وتعالى قد فضَّل هذا الشهر على سائر الشهور، وكان أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وهم أكثر الأمة اجتهاداً وعبادةً واعتباراً واتعاظاً- يقدرون لهذا الشهر قدره؛ تأسياً واقتداءً بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فهذا الشهر هو شهر الصبر وشهر التقوى وشهر الكرم والجود، وإن ديننا هذا يقوم على أمرين: على الصبر وعلى الشكر، وأساس ذلك اليقين، لهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [الصبر شطر الإيمان، واليقين الإيمان كله].
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل رمضان فتحت أبواب الجنة، وأغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين، ونادى منادٍ من قبل الحق تبارك وتعالى: يا باغي الشر أقصر ويا باغي الخير هلم".
يقول الصحابي عبد الرحمن بن سمرة : إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه بعد صلاة فجر أحد الأيام من بيته ، فوقف على الصفة – بمسجد المدينة – يقول لهم :" إني رأيت البارحة عجباً رأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا ، كلما دنا من حوض منع وطرد ، فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه وأرواه "، وهذا دليل على شدة الموقف يوم القيامة ، وقد تكون أعمال ذلك الرجل ضعيفة ، يضيّع كثيراً من الحقوق ، فلم يؤهله رصيده الأخروي للدنوّ من الحياض إلا بشفاعة أو إذن ، فلما وصله الدعم الإلهي والرحمة الربّانيّة - وقلْ : وصلته بطاقة السماح ، وهي الصيام ،كما قال تعالى : في الحديث القدسي : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " لما للصيام من ثواب كبير وأجر عظيم – جاءه الفرج فروى ظمأه ، نسأل الله تعالى أن يروينا بيد الحبيب المصطفى شربة لا نظمأ بعدها أبداً.
افضل الناس واكيس الناس
عن ابن عمر رضى الله عنة قال: كنت مع رسول الله صلى الله علية وسلم فجاء رجل من الانصار فسلم على النبى صلى الله علية وسلم ثم قال: يا رسول الله أى المؤمنين افضل؟ قال احسنهم خلقا قال فأى المؤمنين اكيس؟ اكثرهم للموت ذكرا واحسنهم لما بعد الموت استعدادا اولئك الاكياس"
ايها الموحدون هذا حديث جامع من جوامع كلم المصطفى صلى الله علية وسلم , فية من ابواب الخير والبر ما ان تمسك بة احد الا فاز ونجا. وقد احسن السائل حيث سلم قبل ان يتكلم وانما اخذ هذا الادب من رسول الله صلى الله علية وسلم حيث صح عنة صلوات ربى وسلامة علية انة قال: " السلام قبل السؤال فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوة", فلما سلم السئل سأل النبى صلى الله علية وسلم أى المؤمنين افضل فقال صلى الله علية وسلم : احسنهم خلقا" وفى حديث أخر يقول صلى الله علية وسلم" أكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا" ولو تتبعنا أقوال النبى صلى الله علية وسلم فى الاخلاق الحميدة لخرجنا بسفر لايعرف مثلة لعظيم من أئمة الاصلاح وحسبنا فى ذلك ان نذكر من هذة الاقوال نيذة يسيرة نتبن منها حرص النبى صلى الله علية وسلم ان تتحلى امتة بمكارم الاخلاق فمن ذلك قولة" ان خياركم احسنكم خلقا" وقولة " البر حسن الخلق" وقولة ان احبكم الى واقربكم منى مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا" وقولة " ما من شىء اثقل فى الميزان من حسن الخلق" وقولة " ان المؤمن ليدرك بحسن خلقة درجة الصائم القائم"
وسئل النبى صلى الله علية وسلم عن خير ما اعطى الانسان فقال " حسن الخلق" ولما سئل عن أكثر شىء يدخل الجنة قال : ط تقوى الله وحسن الخلق" ويغنى عن ذلك كلة قولة" انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق" فكأن هذة الرسالة التى خطت مجراها تاريخ الحياة وبذل صاحبها جهدا كبيرا فى مد شعاعها وجمع الناس حولها لاتنشد اكثر من تدعيم فضائلهم وانارة افاق الكمال امام اعينهم حتى يسعوا اليها على بصيرة.
لكن حسن الخلق لايؤسس فى المجتمع بالتعاليم المرسلة او الاوامر والنواهى المجردة اذ لايكفى لطبع النفوس على الفضائل ان يقول المعلم لغيرة افعل كذا ولا تفعل كذا فالتأديب المثمر يحتاج الى تربية طويلة ويتطلب تعهدا مستمرا , وان تصلح تربية الحسنة فالرجل السىء لايترك فى من حولة اثرا طيبا وانما يتوقع الاثر الطيب ممن تمتد العيون الى شخصة فيردعها ادبة ويسبيها نبلة وتقتبس بالاعجاب الكامل من كلامة وتمشى بالمحبة الخالصة فى اثارة ولذا كان رسول الله صلى الله علية وسلم بين أصحابة مثلا أعلا للخلق الذى يدعوا الية فهو يغرس بين اصحابة هذا الخلق السامى بسيرتة العطرة قبل ان يغرسة بما يقول من حكم ومواعظ.
فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال " ان رسول الله صلى الله علية وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم اخلاقا"
وعن انس بن مالك رضى الله عنة قال " خدمت رسول الله صلى الله علية وسلم فى طيب شمائلة وعريق خلالة فقال سبحانة وتعالى" لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا" (الاحزاب 21). ولقد اخلفت عبارات العلماء فى تفسير حسن الخلق فعن الحن قال حسن الخلق : الكرم والبذل والاحتمال, وقال ابن المبار ك هو بسط الوجة وبذل المعروف وكف الاذى, وقال الامام احمد حسن الخلق الا تغضب ولا تحقد. واذا علمنا ان النبى صلى الله علية وسلم كان المثل الاعلى فى حسن الخلق ولما سئلت ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله علية وسلم قالت " كان خلقة القران" علمنا ان حسن الخلق هو التخلق باخلاق القران والتادب باداب القرات والتحلى بفضائلة ومكارمة اقتدائا فى ذلك برسول الله صلى الله علية وسلم ومن ذلك قولة تعالى " ليس البر ان تولىوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر مكن امن بالله واليوم الاخر والملائكة والنبيين وات المال على حبة ذوى القربى واليتاما والمساكين وابن السبيل و الموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين فى الباساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وألئك هم المتقون" (البقرة 177) وقولة تعالى " وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما, والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما , والذين يقولون ربنا اصرف عناعذاب جهنم ان عذابها كان غراما , انها ساءت مستقرا ومقاما......." (الفرقان 63- ) , وقولة تعالى" والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش واذا ما غضبوا هم يغفرون, والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورا بينهم ومما رزقناهم ينفقون, والذين اذا اصابهم البغى هم ينتصرون, وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح فأجرة على الله انة لايحب الظالمين"
فمن اراد ان يعرف اين هو من حسن الخلق فليعرض نفسة على هذة الايات فوجود جميع هذة الصفات علامة على حسن الخلق وعدم وجودها علامة على سوء الخلق ووجود بعض وعدم وجود البعض فليشتغل بحفظ ما وجد وتحصيل ما فقدة وعلية ان يستعين بالله على تحسين خلقة بان يسأل الله ذلك ويلح فى الدعاء والسؤال " اللهم كما حسنت خلقى حسن خلقى"
ثم سأل السائل " أى المؤمنين أكيس" أى أعقل والكيس العقل فقال صلى الله علية وسلم "أكثرهم للموت ذكرا"
ولقد كان صلى الله علية وسلم يوصى بالاكثار من ذكر الموت فكان صلى الله علية وسلم يقول " أكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت" قال العلماء هذا كلام مختصر وجيز وقد جمع التذكرة وابلغ فى الموعظة فان ذكر الموت حقيقة ينغص على الناس نعيم الدنيا فلا يركن اليها ويزهد فيها , ولقد كان السلف الصالح رضوا الله عليهم أكثر ذكرا للموت من غيرهم فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كثيرا ما يتمثل بهذة الابيات:
لاشىء مما ترى تبقى بشاشتة يبقى الالاة ويفنى المال والولد
لم تغنى عن هرمز يوما خزائنة والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولاسليمان اذ تجرى الريح لة والانس والجن فيما بينهما ترد
اين الملوك التى كانت لعزتها من كل أوب اليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلاكذب فلابد من ورودة يوما كما وردوا
وكان امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضى الله عنة يجمع العلماء فيتذاكرون الموت والقيامة فيبكون وكأن بين أيديهم جنازة. وكان يزيد بن الرقاش يقول لنفسة ويحك يا يزيد من ذا يصلى عنك بعد الموت من ذا يصوم عنك بعد الموت من ذا يرضى ربك عنك بعد الموت ثم يقول أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على انفسكم باقى حياتكم ؟ من الموت طالبة والقبر بيتة والتراب فراشة والدود انيسة وهو مع هذا ينتظر الفزع الاكبر كيف يكون حالة ثم يبكى حتى يخر مغشيا علية.
وكان بعض الصالحين ينادى بليل بسور المدينة الرحيا الرحيل فلما توفى افتقدة أمير المدينة فسأل عنة فقيل انة مات فقال مازال يلهج بالرحيل وذكرة حتى اناخ ببابة الجمال * فأصابة متيقظا متشمرا ذا أهبة لم تلهية الامال
ولق كان رحمة الله بندائة هذا مقتديا برسول الله صلى الله علية وسلم فعن ابى بن كعب رضى الله عنة قال كان رسول الله صلى الله علية وسلم اذا هب ثلث الليل قام فقال " يا ايها الناس اذكروا الله اذكروا الله جائت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فية" زمما يعين على ذكر الموت زيارة القبور فقد قال صلى الله علية وسلم " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الاخرة"
ايها الموحدون هذا حديث جامع من جوامع كلم المصطفى صلى الله علية وسلم , فية من ابواب الخير والبر ما ان تمسك بة احد الا فاز ونجا. وقد احسن السائل حيث سلم قبل ان يتكلم وانما اخذ هذا الادب من رسول الله صلى الله علية وسلم حيث صح عنة صلوات ربى وسلامة علية انة قال: " السلام قبل السؤال فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوة", فلما سلم السئل سأل النبى صلى الله علية وسلم أى المؤمنين افضل فقال صلى الله علية وسلم : احسنهم خلقا" وفى حديث أخر يقول صلى الله علية وسلم" أكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا" ولو تتبعنا أقوال النبى صلى الله علية وسلم فى الاخلاق الحميدة لخرجنا بسفر لايعرف مثلة لعظيم من أئمة الاصلاح وحسبنا فى ذلك ان نذكر من هذة الاقوال نيذة يسيرة نتبن منها حرص النبى صلى الله علية وسلم ان تتحلى امتة بمكارم الاخلاق فمن ذلك قولة" ان خياركم احسنكم خلقا" وقولة " البر حسن الخلق" وقولة ان احبكم الى واقربكم منى مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا" وقولة " ما من شىء اثقل فى الميزان من حسن الخلق" وقولة " ان المؤمن ليدرك بحسن خلقة درجة الصائم القائم"
وسئل النبى صلى الله علية وسلم عن خير ما اعطى الانسان فقال " حسن الخلق" ولما سئل عن أكثر شىء يدخل الجنة قال : ط تقوى الله وحسن الخلق" ويغنى عن ذلك كلة قولة" انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق" فكأن هذة الرسالة التى خطت مجراها تاريخ الحياة وبذل صاحبها جهدا كبيرا فى مد شعاعها وجمع الناس حولها لاتنشد اكثر من تدعيم فضائلهم وانارة افاق الكمال امام اعينهم حتى يسعوا اليها على بصيرة.
لكن حسن الخلق لايؤسس فى المجتمع بالتعاليم المرسلة او الاوامر والنواهى المجردة اذ لايكفى لطبع النفوس على الفضائل ان يقول المعلم لغيرة افعل كذا ولا تفعل كذا فالتأديب المثمر يحتاج الى تربية طويلة ويتطلب تعهدا مستمرا , وان تصلح تربية الحسنة فالرجل السىء لايترك فى من حولة اثرا طيبا وانما يتوقع الاثر الطيب ممن تمتد العيون الى شخصة فيردعها ادبة ويسبيها نبلة وتقتبس بالاعجاب الكامل من كلامة وتمشى بالمحبة الخالصة فى اثارة ولذا كان رسول الله صلى الله علية وسلم بين أصحابة مثلا أعلا للخلق الذى يدعوا الية فهو يغرس بين اصحابة هذا الخلق السامى بسيرتة العطرة قبل ان يغرسة بما يقول من حكم ومواعظ.
فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال " ان رسول الله صلى الله علية وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم اخلاقا"
وعن انس بن مالك رضى الله عنة قال " خدمت رسول الله صلى الله علية وسلم فى طيب شمائلة وعريق خلالة فقال سبحانة وتعالى" لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا" (الاحزاب 21). ولقد اخلفت عبارات العلماء فى تفسير حسن الخلق فعن الحن قال حسن الخلق : الكرم والبذل والاحتمال, وقال ابن المبار ك هو بسط الوجة وبذل المعروف وكف الاذى, وقال الامام احمد حسن الخلق الا تغضب ولا تحقد. واذا علمنا ان النبى صلى الله علية وسلم كان المثل الاعلى فى حسن الخلق ولما سئلت ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله علية وسلم قالت " كان خلقة القران" علمنا ان حسن الخلق هو التخلق باخلاق القران والتادب باداب القرات والتحلى بفضائلة ومكارمة اقتدائا فى ذلك برسول الله صلى الله علية وسلم ومن ذلك قولة تعالى " ليس البر ان تولىوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر مكن امن بالله واليوم الاخر والملائكة والنبيين وات المال على حبة ذوى القربى واليتاما والمساكين وابن السبيل و الموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين فى الباساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وألئك هم المتقون" (البقرة 177) وقولة تعالى " وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما, والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما , والذين يقولون ربنا اصرف عناعذاب جهنم ان عذابها كان غراما , انها ساءت مستقرا ومقاما......." (الفرقان 63- ) , وقولة تعالى" والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش واذا ما غضبوا هم يغفرون, والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورا بينهم ومما رزقناهم ينفقون, والذين اذا اصابهم البغى هم ينتصرون, وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا واصلح فأجرة على الله انة لايحب الظالمين"
فمن اراد ان يعرف اين هو من حسن الخلق فليعرض نفسة على هذة الايات فوجود جميع هذة الصفات علامة على حسن الخلق وعدم وجودها علامة على سوء الخلق ووجود بعض وعدم وجود البعض فليشتغل بحفظ ما وجد وتحصيل ما فقدة وعلية ان يستعين بالله على تحسين خلقة بان يسأل الله ذلك ويلح فى الدعاء والسؤال " اللهم كما حسنت خلقى حسن خلقى"
ثم سأل السائل " أى المؤمنين أكيس" أى أعقل والكيس العقل فقال صلى الله علية وسلم "أكثرهم للموت ذكرا"
ولقد كان صلى الله علية وسلم يوصى بالاكثار من ذكر الموت فكان صلى الله علية وسلم يقول " أكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت" قال العلماء هذا كلام مختصر وجيز وقد جمع التذكرة وابلغ فى الموعظة فان ذكر الموت حقيقة ينغص على الناس نعيم الدنيا فلا يركن اليها ويزهد فيها , ولقد كان السلف الصالح رضوا الله عليهم أكثر ذكرا للموت من غيرهم فكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كثيرا ما يتمثل بهذة الابيات:
لاشىء مما ترى تبقى بشاشتة يبقى الالاة ويفنى المال والولد
لم تغنى عن هرمز يوما خزائنة والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولاسليمان اذ تجرى الريح لة والانس والجن فيما بينهما ترد
اين الملوك التى كانت لعزتها من كل أوب اليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلاكذب فلابد من ورودة يوما كما وردوا
وكان امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضى الله عنة يجمع العلماء فيتذاكرون الموت والقيامة فيبكون وكأن بين أيديهم جنازة. وكان يزيد بن الرقاش يقول لنفسة ويحك يا يزيد من ذا يصلى عنك بعد الموت من ذا يصوم عنك بعد الموت من ذا يرضى ربك عنك بعد الموت ثم يقول أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على انفسكم باقى حياتكم ؟ من الموت طالبة والقبر بيتة والتراب فراشة والدود انيسة وهو مع هذا ينتظر الفزع الاكبر كيف يكون حالة ثم يبكى حتى يخر مغشيا علية.
وكان بعض الصالحين ينادى بليل بسور المدينة الرحيا الرحيل فلما توفى افتقدة أمير المدينة فسأل عنة فقيل انة مات فقال مازال يلهج بالرحيل وذكرة حتى اناخ ببابة الجمال * فأصابة متيقظا متشمرا ذا أهبة لم تلهية الامال
ولق كان رحمة الله بندائة هذا مقتديا برسول الله صلى الله علية وسلم فعن ابى بن كعب رضى الله عنة قال كان رسول الله صلى الله علية وسلم اذا هب ثلث الليل قام فقال " يا ايها الناس اذكروا الله اذكروا الله جائت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فية" زمما يعين على ذكر الموت زيارة القبور فقد قال صلى الله علية وسلم " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الاخرة"
أوضاع الأمة : الأسباب والعلاج
الحمد لله العزيز الغفار، يقلب الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار، أحمد ربي وأشكره على فضله المدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، المصطفى المختار، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأبرار، أما بعد:
فاتقوا الله -أيها المسلمون- حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فتقوى الله صلاحُ دنياكم وأخراكم.
واعملوا -عباد الله- أن لله سننًا في الكون لا تتغير ولا تتبدل، تجري على البشر كلهم، وتمضي على المخلوقات جميعًا، قال الله تعالى: فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر: 43].
وإن من سنة الله وحكمه أن من زرع خيرًا حصـد خيرًا، ومن زرع شرًا حصـد شرًا، قال الله تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].
ومن سنن الله وحكمه أن من أخذ بأسباب النجاح لنيل الدنيا ومتاعها نال ما قسمه الله له، وما قدره الله له من الدنيا، ومن عمل بأسباب النجاح للجنة، وسلك طريقها بلَّغَه الله الجنة وجعله من أهلها، فمن عمل بأسباب النجاح لنيل الدنيا والآخرة، فعمل بطاعة الله، وابتعد عن معصية الله فاز بخيري الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَـٰجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَـٰهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّكَ مَحْظُورًا ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً [الإسراء: 17 - 21]، مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل: 97].
ومن سنن الله تعـالى أن يبتلي البشـر ويختبرهم بالخير والشر، والحسـنات والسـيئات، قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء: 35]، وقال تعالى: وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف: 168].
فأما المؤمن المسلم فإذا أصابه خير ونعمة فيعلم أنها فضل ومنة من الله عليه، فيشكره ويحمده عليه؛ لأنه لا يستحق أحد على الله شيئًا، إن أعطى الرب فبفضله، وإن منع فبعدله، وإن أصاب المسلم شرٌ ومكروه صبر واحتسب وعلم أن ذلك بسبب ذنب فعله، أو أن الله يريد أن يرفع درجته في الآخرة، ويثيبه على هذه المصيبة التي قدرها الله تعالى عليه، قال الله عز وجل: مَّا أَصَـٰبَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَا أَصَـٰبَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ [النساء: 79]، وقال تعالى: وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [الشورى: 30]. فيحاسب المسلم نفسه، ويراجع أعماله، ويحدث لكل ذنب توبة لربه.
وأما الكافر فإذا جاءته نعمة أشر وبطر، وطغى وتجبر، وإذا جاءته مصيبة وشر جزع وتغير، وبقي في كفره يتردد ولم يصبر، جنته دنياه، ومعبوده هواه، فهو كالبعير يعقله أهله، ثم يطلقونه، فلا يدري: لم عقلوه؟ ولم أطلقوه؟
أيها المسلمون: لقد تكاثرت المصائب على المسلمين، وتوالت النكبات والكوارث على العالم الإسلامي في هذا العصر، وتعددت التفسيرات لذلك، فمن الناس من يفسر ذلك بتخطيط أعداء الإسلام، ومنهم من يفسره بالضعف الاقتصادي، ومنهم من يفسره بالتأخر الصناعي والتقني، إلى آخر تلك التفاسير، وكل هذه عَرَض للمرض، وليست هي المرض، السببُ فيما وصل إليه المسلمون من المآسي والأحوال المؤلمة والكوارث النازلة هو التفريط في جانب دينهم من الأفراد والمجتمعات إلا من رحم الله، كما قال تعالى: أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىء قَدِيرٌ [آل عمران: 165]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد: 11].
ولقد مر بأمة الإسلام فترات أشدّ بلاء من بلاء هذا العصر، وتجهّم لها عدو الإسلام، فصهرتها الشدائد والكربات، فرجعت إلى دينها رجعة صدق وإخلاص وعلم وإيمان، في تلك الفترات العصيبة من تاريخ الإسلام، فوجدت الأمن والكرامة، واجتماع الكلمة والخير من خلال دينها وشريعتها السمحة، في كل فترة عصيبة، فضمَّدت جراحها، وأصلحت أحوالها.
وفي هذا العصر اشتد الخطب والكرب على الإسلام وأهله، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولا يعفي المسلمين من المسؤولية أن يُلقوا باللوم على غير المسلمين، فإذا لم يحل المسلمون مشاكلهم بما يتفق مع كتاب الله وسنة رسول الله وبما يتفق مع مصالحهم وبما يتفق مع مصالح أجيالهم، فلا يُمكن أن يحل هذه المشاكل غير المسلمين.
فالحل بيد الله، ثم بيد ولاة أمور المسلمين وعلمائهم، بتعاضدهم وائتلافهم وتعاونهم على كل خير فيه سعادة للبشرية، بتبصير الأمة بكل نافع مفيد، وحثها عليه، وتحذيرها من كل شر في دينها ودنياها، فالواجب عليهم عظيم، والأمل فيهم بعد الله كبير.
فإذا نزلت الشدائد والكربات، وحلت الفتن فأول مخرج من ذلك التوبة النصوح، قال الله تعالى: وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].
التوبة الصادقة من كل ذنب من كل فرد، والذي يقول: وما تغني توبتي من الذنوب؟! وما فائدة توبتي في إصلاح أمة الإسلام؟! يقال له: سبب كل خير في الدنيا والآخرة طاعة الله عز وجل، وسبب كل شر وعقوبة في الدنيا والآخرة معصية الله، وتوبة كل فرد من جميع الذنوب تُكثر الخير وتقلل الشر، وما أهلك الله الأمم الخالية إلا بكثرة عصاتها، وقلة الطائعين فيها، وقد تكون معصية فرد واحد سببًا في هلاك أمة، فقد أهلك الله ثمود بقتل واحد منهم الناقة، وفتك الطاعون ببني إسرائيل بين ظهراني موسى وهارون عليهما السلام لما وقع بعض بني إسرائيل في الزنا، قال الله تعالى عن الأمم الهالكة: فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40].
وفي حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)) وحلق بين الإبهام والسبابة، قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: ((نعم، إذا كثر الخبث)) يعني الفواحش وشرب الخمر.
فلا يُقلَّل من شأن التوبة، فهي المخرج في الشدائد، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة واعتصموا معشر المسلمين بكتاب ربكم وسنة نبيكم، فهما نور لكم في الظلمات، وهداية من الضلالات.
أيها المسلمون: إن الواجب على أمة الإسلام -والفتن تمد أعناقها- أن يكونوا صفًا وحدًا، مجتمعَ الكلمة، أمام رياح التغيير التي تهب على العالم، والتي تتمنى تغيير عقيدة أهل الإسلام، والنيل من شريعته، وقيمهم الدينية وأخلاقهم، وثوابتهم ومناهجهم، فدينكم الإسلامي يوجب الاجتماع والائتلاف، ويحرم عليكم الفرقة والاختلاف، قال الله تعالى: وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [آل عمران: 103]، وقال تعالى: وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ [الأنفال: 46].
وإذا أمر الإسلام باجتماع كلمة المسلمين فلا يريد بذلك أن يظلم غير المسلمين أو يعتدي عليهم أو ينتقص حقوق غير المسلمين، التي خولتهم إياها شريعة الإسلام، ولو فهم غير المسلمين سماحة الإسلام ورحمته وكماله وعدله وجماله فهمًا صحيحًا لسارع الكثير منهم إلى اعتناقه، ولما حمَّلوه السلبيات التي تخالف الإسلام مما يفعله بعض المسلمين، قال الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام: 151].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرحيم الرحمن، ذي الفضل والإحسان، أحمد ربي وأشكره على نعمه التي لا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المجتبى، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأتقياء.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وراقبوه مراقبة من يعلم أن الله يطلع على السر والنجوى، وتقربوا إلى ربكم بالأعمال الصالحات، وهجر السيئات، وقدموا صالح أعمالكم عند ربكم قبل لقائه، واغتنموا العمر قبل فنائه، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
فأعدوا للسؤال جوابًا ينجي من كربات يوم القيامة، وفي الحديث عن النبي : ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟)).
عباد الله، إن الله أمركم بأمر جليل في محكم التنزيل فقال عز وجل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب: 56]، وقد قال : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا)).
فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...
فاتقوا الله -أيها المسلمون- حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فتقوى الله صلاحُ دنياكم وأخراكم.
واعملوا -عباد الله- أن لله سننًا في الكون لا تتغير ولا تتبدل، تجري على البشر كلهم، وتمضي على المخلوقات جميعًا، قال الله تعالى: فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر: 43].
وإن من سنة الله وحكمه أن من زرع خيرًا حصـد خيرًا، ومن زرع شرًا حصـد شرًا، قال الله تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].
ومن سنن الله وحكمه أن من أخذ بأسباب النجاح لنيل الدنيا ومتاعها نال ما قسمه الله له، وما قدره الله له من الدنيا، ومن عمل بأسباب النجاح للجنة، وسلك طريقها بلَّغَه الله الجنة وجعله من أهلها، فمن عمل بأسباب النجاح لنيل الدنيا والآخرة، فعمل بطاعة الله، وابتعد عن معصية الله فاز بخيري الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَـٰجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَـٰهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّكَ مَحْظُورًا ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً [الإسراء: 17 - 21]، مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل: 97].
ومن سنن الله تعـالى أن يبتلي البشـر ويختبرهم بالخير والشر، والحسـنات والسـيئات، قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء: 35]، وقال تعالى: وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف: 168].
فأما المؤمن المسلم فإذا أصابه خير ونعمة فيعلم أنها فضل ومنة من الله عليه، فيشكره ويحمده عليه؛ لأنه لا يستحق أحد على الله شيئًا، إن أعطى الرب فبفضله، وإن منع فبعدله، وإن أصاب المسلم شرٌ ومكروه صبر واحتسب وعلم أن ذلك بسبب ذنب فعله، أو أن الله يريد أن يرفع درجته في الآخرة، ويثيبه على هذه المصيبة التي قدرها الله تعالى عليه، قال الله عز وجل: مَّا أَصَـٰبَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَا أَصَـٰبَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ [النساء: 79]، وقال تعالى: وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [الشورى: 30]. فيحاسب المسلم نفسه، ويراجع أعماله، ويحدث لكل ذنب توبة لربه.
وأما الكافر فإذا جاءته نعمة أشر وبطر، وطغى وتجبر، وإذا جاءته مصيبة وشر جزع وتغير، وبقي في كفره يتردد ولم يصبر، جنته دنياه، ومعبوده هواه، فهو كالبعير يعقله أهله، ثم يطلقونه، فلا يدري: لم عقلوه؟ ولم أطلقوه؟
أيها المسلمون: لقد تكاثرت المصائب على المسلمين، وتوالت النكبات والكوارث على العالم الإسلامي في هذا العصر، وتعددت التفسيرات لذلك، فمن الناس من يفسر ذلك بتخطيط أعداء الإسلام، ومنهم من يفسره بالضعف الاقتصادي، ومنهم من يفسره بالتأخر الصناعي والتقني، إلى آخر تلك التفاسير، وكل هذه عَرَض للمرض، وليست هي المرض، السببُ فيما وصل إليه المسلمون من المآسي والأحوال المؤلمة والكوارث النازلة هو التفريط في جانب دينهم من الأفراد والمجتمعات إلا من رحم الله، كما قال تعالى: أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىء قَدِيرٌ [آل عمران: 165]، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد: 11].
ولقد مر بأمة الإسلام فترات أشدّ بلاء من بلاء هذا العصر، وتجهّم لها عدو الإسلام، فصهرتها الشدائد والكربات، فرجعت إلى دينها رجعة صدق وإخلاص وعلم وإيمان، في تلك الفترات العصيبة من تاريخ الإسلام، فوجدت الأمن والكرامة، واجتماع الكلمة والخير من خلال دينها وشريعتها السمحة، في كل فترة عصيبة، فضمَّدت جراحها، وأصلحت أحوالها.
وفي هذا العصر اشتد الخطب والكرب على الإسلام وأهله، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولا يعفي المسلمين من المسؤولية أن يُلقوا باللوم على غير المسلمين، فإذا لم يحل المسلمون مشاكلهم بما يتفق مع كتاب الله وسنة رسول الله وبما يتفق مع مصالحهم وبما يتفق مع مصالح أجيالهم، فلا يُمكن أن يحل هذه المشاكل غير المسلمين.
فالحل بيد الله، ثم بيد ولاة أمور المسلمين وعلمائهم، بتعاضدهم وائتلافهم وتعاونهم على كل خير فيه سعادة للبشرية، بتبصير الأمة بكل نافع مفيد، وحثها عليه، وتحذيرها من كل شر في دينها ودنياها، فالواجب عليهم عظيم، والأمل فيهم بعد الله كبير.
فإذا نزلت الشدائد والكربات، وحلت الفتن فأول مخرج من ذلك التوبة النصوح، قال الله تعالى: وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31].
التوبة الصادقة من كل ذنب من كل فرد، والذي يقول: وما تغني توبتي من الذنوب؟! وما فائدة توبتي في إصلاح أمة الإسلام؟! يقال له: سبب كل خير في الدنيا والآخرة طاعة الله عز وجل، وسبب كل شر وعقوبة في الدنيا والآخرة معصية الله، وتوبة كل فرد من جميع الذنوب تُكثر الخير وتقلل الشر، وما أهلك الله الأمم الخالية إلا بكثرة عصاتها، وقلة الطائعين فيها، وقد تكون معصية فرد واحد سببًا في هلاك أمة، فقد أهلك الله ثمود بقتل واحد منهم الناقة، وفتك الطاعون ببني إسرائيل بين ظهراني موسى وهارون عليهما السلام لما وقع بعض بني إسرائيل في الزنا، قال الله تعالى عن الأمم الهالكة: فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40].
وفي حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)) وحلق بين الإبهام والسبابة، قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: ((نعم، إذا كثر الخبث)) يعني الفواحش وشرب الخمر.
فلا يُقلَّل من شأن التوبة، فهي المخرج في الشدائد، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة واعتصموا معشر المسلمين بكتاب ربكم وسنة نبيكم، فهما نور لكم في الظلمات، وهداية من الضلالات.
أيها المسلمون: إن الواجب على أمة الإسلام -والفتن تمد أعناقها- أن يكونوا صفًا وحدًا، مجتمعَ الكلمة، أمام رياح التغيير التي تهب على العالم، والتي تتمنى تغيير عقيدة أهل الإسلام، والنيل من شريعته، وقيمهم الدينية وأخلاقهم، وثوابتهم ومناهجهم، فدينكم الإسلامي يوجب الاجتماع والائتلاف، ويحرم عليكم الفرقة والاختلاف، قال الله تعالى: وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ [آل عمران: 103]، وقال تعالى: وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ [الأنفال: 46].
وإذا أمر الإسلام باجتماع كلمة المسلمين فلا يريد بذلك أن يظلم غير المسلمين أو يعتدي عليهم أو ينتقص حقوق غير المسلمين، التي خولتهم إياها شريعة الإسلام، ولو فهم غير المسلمين سماحة الإسلام ورحمته وكماله وعدله وجماله فهمًا صحيحًا لسارع الكثير منهم إلى اعتناقه، ولما حمَّلوه السلبيات التي تخالف الإسلام مما يفعله بعض المسلمين، قال الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـٰدَكُمْ مّنْ إمْلَـٰقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام: 151].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرحيم الرحمن، ذي الفضل والإحسان، أحمد ربي وأشكره على نعمه التي لا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المجتبى، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأتقياء.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وراقبوه مراقبة من يعلم أن الله يطلع على السر والنجوى، وتقربوا إلى ربكم بالأعمال الصالحات، وهجر السيئات، وقدموا صالح أعمالكم عند ربكم قبل لقائه، واغتنموا العمر قبل فنائه، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
فأعدوا للسؤال جوابًا ينجي من كربات يوم القيامة، وفي الحديث عن النبي : ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟)).
عباد الله، إن الله أمركم بأمر جليل في محكم التنزيل فقال عز وجل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب: 56]، وقد قال : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا)).
فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...
حق التشميت
روى البخاري من حديث البراء بن عازب رضى الله عنة قال: قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَرَدِّ السَّلَامِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ عن انية الفضةوعَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالسُّنْدُسِ وَالْمَيَاثِرِ.
أيها الموحدون هذا الحديث الذى بين ايدينا يبين لنا حق المسلم على المسلم وأراد بة النبى صلى الله علية وسلم إرشاد الامة الى ما فية زيادة الاواصر بينها وزيادة الاخوة والمحبة كما أمرنا صلى الله علية وسلم بقولة " وكونوا عباد الله إخوانا"
وتشميت العاطس حق من حقوق المسلم على إخوانة من المسلمين كما قال سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم فى حديث اخر "حق المسلم على المسلم خمس" وفى رواية اخرى ست وذكرها النبى صلى الله علية وسلم وعد منها تشميت العاطس " فمن حق المسلم على المسلم أن يشمته إذا حمد الله ، أما غير المسلم ، ومن لم يحمد الله تعالى ، ومن كان مزكوما يكثر منه العطاس ، ومن يكره التشميت ، ومن كان مستغرقا في الدعاء ، أو في خطبة الجمعة فهؤلاء لا يشمتون. وهو فرض عين على كل من سمعة يحمد الله لقول النبى صلى الله علية وسلم " إن الله يحب العطاس ويكرة التثائب فإن عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل من سمعة أن يقول لة يرحمك الله" فإن لم يحمد الله سقط حقة فى التشميت, فقد روى البخاري من حديث َ أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقيل له (قال الرجل شمت هذا ولم تشمتنى )، فقال: (إن هذا حمد الله، ولم تحمد الله)
رواى الإمام مسلم وغيره أن النبى صلى الله علية وسلم قال: ( إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه) ومعنى شمتوه أي ادعوا الله بأن يرد شوامته أي قوائمه أو سمته على حاله ؛ لأن العطاس يحل مرابط البدن ، ويفصل معاقده، فمعنى رحمك الله أى أعطاك رحمة ترجع بها إلى حالك الأول ، أو يرجع بها كل عضو إلى سمته، والأمر للندب عند الجمهور وقال ابن دقيق العيد: ظاهر الخبر الوجوب، ومال إليه وأيده ابن القيم، وعليه فقيل هو فرض عين ، وقيل فرض كفاية .
أيها الاحباب: أن الله تعالى لا يشرع شيئًا إلا لحكمة ومصلحة . ذلك أن من أسمائه تعالى الحكيم "، وهو اسم تكرر في القرآن الكريم. فهو سبحانه حكيم فيما شرع وأمر، كما أنه حكيم فيما خلق وقدر. فهو لا يشرع شيئًا عبثًا ولا يخلق شيئًا باطلاً، كما قال أولو الألباب: (ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك).يقول الإمام ابن القيم: " والقرآن وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مملوءان من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجود الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان ".و من الحكم ما يخفى وجهها على بعض الناس، على حين يظهر ذلك لآخرين، وأن منها ما يخفى على الجميع لحكمة أيضًا هي الابتلاء والامتحان من الله لعباده، ليظهر من يطيع ربه ممن لا يطيع إلا عقله، ومن يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وحكمة أخرى هي أن يُعمل الناس فكرهم، ويبذلوا جهودهم لمحاولة استجلاء ما خفي عليهم من وجوه الحكم والمصالح، وفي هذا الاجتهاد واستفراغ الوسع في المعرفة مصالح كثيرة كانت تفوت لو أن الله تعالى اختصر عليهم الطريق، ونص على الحكمة والمصلحة من وراء كل ما خلق، وكل ما شرع نصًا مباشرًا دون أي جهد منهم.
والحكمة والمصلحة في ذلك، هي أن اتجاه الإسلام في آدابه عامة تتجه إلى ربط المسلم بالله في كل أحيانه، وعلى كافة أحواله، وينتهز لذلك الفرص الطبيعية والمناسبات العادية التي من شأنها أن تحدث وتتكرر كل يوم مرة أو مرات، ليذكر المسلم بربه، ويصله بحبله، فيذكره تعالى مسبحًا، أو مهللاً، أو مكبرًا، أو حامدًا، أو داعيًا. وهذا سر الأذكار والأدعية المأثورة الواردة عند ابتداء الأكل والشرب، وعند الفراغ منها، وعند النوم واليقظة، وعند الدخول والخروج، وعند ركوب الدابة ولبس الثوب، وعند السفر، والعودة منه . . . وهكذا. فلا غرابة أن يعلم المسلم إذا عطس أن يحمد الله، وأن يقول سامعه: يرحمك الله، وأن يرد عليه: يهديكم الله . . وبهذا تشيع المعاني الربانية في جو المجتمع المسلم، شيوعها في حياة الفرد المسلم.
أما تخصيص العاطس بالحمد، فالحكمة فيه أن العطاس يدفع الأذى من الدماغ، الذي فيه قوة الفكر، ومنه منشأ الأعصاب التي هي معدن الحس، وبسلامته تسلم الأعضاء، فيظهر بهذا أنها نعمة جليلة، فلابد أن تُقابل بالحمد لله، لما فيه من الإقرار لله بالخلق والقدرة " وأما قول السامع " يرحمك الله، فقد أكد القاضي ابن العربي في ذلك: أن العاطس ينحل كل عضو في رأسه وما يتصل به من العنق ونحوه، فكأنه إذا قيل له: يرحكم الله، كان معناه: أعطاك الله رحمة يرجع بها بدنك إلى حاله قبل العطاس، ويقيم على حاله من غير تغيير. وفيه إشارة إلى عظيم فضل الله على عبده فإنه أذهب عنه الضرر بنعمة العطاس . ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه، ثم الدعاء بالخير بعد الدعاء بالخير، وشرع هذه النعم المتواليات في زمن يسير فضلاً منه وإحسانًا
كما تحرص الآداب الإسلامية على ربط المسلم بإخوانه المسلمين. وبعبارة أخرى: على إشاعة معاني الإخاء والمحبة والتواد بين الناس . فهي التي تجعل للحياة طعمًا، وتعين على فعل الخير، وتطرد الكآبة والتعاسة من حياة الجماعة. أما الأنانية والفردية والحسد والبغضاء، فهي - كما سماها الرسول - داء الأمم وحالقة الدين. ولا عجب أن جاء أدب العطاس في هذا الخط، ليقر لونًا من ألوان " المجاملة " الاجتماعية الطيبة، التي تنافي الجفوة والتقاطع والهجران، وتثبت معاني التواصل والمودة والرحمة . قال ابن دقيق العيد: " ومن فوائد التشميت تحصيل المودة، والتآلف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عند الكبر، والحمل على التواضع . . . " وكلها معان إنسانية جميلة.
وللعاطس حق التشميت ثلاث مرات فإن زاد فهو مزكوم ولا حق لة فى التشميت فعن النبى صلى الله علية وسلم قال " إذا عطس احدكمك فليشمتة جليسة فإن زاد عن ثلاث فهو مزكوم ولا تشميت بعد ثلاث"
وقد بين النبى صلى الله علية وسلم صفة التشميت وصفة الرد عليها فقال " إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل لة اخوة او صاحبة يرحمك الله فإذا قال لة يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم" ومن العلوم أنه أثناء العطاس كما في السعال يخرج رذاذ من الفم، قد يكون محملا بالجراثيم الناقلة للأمراض، التي قد تعدي بعض من يتواجد مع العاطس، فيستحب للعاطس أن يغطي فمه وأنفه أثناء العطاس بمنديل أو حتى بثوبه، حتى لا يتسرب الرذاذ إلى الهواء المحيط به والناس من حوله.لذلك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الوقاية من قبل أن يعلم الناس عنها شيئا. فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس وضع يدة أو ثوبة على فية وخفض أو غطى صوتة"
واما بالنسبة لتشميت الكافر : فقد أخرج أبو داود وصححه الحاكم من حديث أبي موسى الأشعري قال كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم قال ابن دقيق العيد: إذا نظرنا إلى قول من قال من أهل اللغة إن التشميت الدعاء بالخير دخل الكفار في عموم الأمر بالتشميت، وإذا نظرنا إلى من خص التشميت بالرحمة لم يدخلوا قال . قلت – القائل : ابن حجر - وهذا البحث أنشأه من حيث اللغة، وأما من حيث الشرع فحديث أبي موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت، لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال وهو الشأن ولا مانع من ذلك، بخلاف تشميت المسلمين فإنهم أهل الدعاء بالرحمة بخلاف الكفار.
وأما من عطس والإمام يخطب لا شك أن المسلم مأمور حالة خطبة الجمعة بالاستماع والإنصات وقطع الحركة فهو مأمور بشيئين : السكون والهدوء وعدم الحركة والعبث .ثانيًا : هو مأمور بالسكوت عن الكلام فيحرم عليه أن يتكلم والإمام يخطب ، ويحرم عليه كذلك أن يستعمل الحركة والعبث أو يمسح الحصى ويخطط في الأرض أو ما أشبه ذلك ، وما ذكرفى الحديث من قولة صلى الله علية وسلم(من مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له) فهوحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى لغا أنه ارتكب خطأ يُسبب إلغاء ثوابه فمعنى لغا ليس معناه أنه تبطل صلاته وأنه يؤمر بالإعادة ، وإنما معناه أنه لا ثواب له في تلك الصلاة .أما بالنسبة لتشميت العاطس ؟ فالجواب : أنه لا يشمت العاطس ولا يجوز للداخل والإمام يخطب أن يسلم ، وإذا سلم فإنه لا يجوز على من سمعه أن يرد عليه ؛ لأن الإنصات للخطبة واجب ، والكلام حال الخطبة يحرم ، ومن عطس فإنه يحمد الله في نفسه ولا يتكلم بذلك ولو تكلم وسمعه من بجانبه فإنه لا يشمته . ذكره ابن دقيق العيد ؛ فإنه يتعارض الأمر بتشميت من سمع العاطس والأمر بالإنصات لمن سمع الخطيب، والراجح الإنصات لإمكان تدارك التشميت بعد فراغ الخطيب ولا سيما إن قيل بتحريم الكلام والإمام يخطب. وعلى هذا فهل يتعين تأخير التشميت حتى يفرغ الخطيب أو يشرع له التشميت بالإشارة؟ فلو كان العاطس الخطيب فحمد واستمر في خطبته فالحكم كذلك وإن حمد فوقف قليلا ليشمت فلا يمتنع أن يشرع تشميته.
أيها الموحدون هذا الحديث الذى بين ايدينا يبين لنا حق المسلم على المسلم وأراد بة النبى صلى الله علية وسلم إرشاد الامة الى ما فية زيادة الاواصر بينها وزيادة الاخوة والمحبة كما أمرنا صلى الله علية وسلم بقولة " وكونوا عباد الله إخوانا"
وتشميت العاطس حق من حقوق المسلم على إخوانة من المسلمين كما قال سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم فى حديث اخر "حق المسلم على المسلم خمس" وفى رواية اخرى ست وذكرها النبى صلى الله علية وسلم وعد منها تشميت العاطس " فمن حق المسلم على المسلم أن يشمته إذا حمد الله ، أما غير المسلم ، ومن لم يحمد الله تعالى ، ومن كان مزكوما يكثر منه العطاس ، ومن يكره التشميت ، ومن كان مستغرقا في الدعاء ، أو في خطبة الجمعة فهؤلاء لا يشمتون. وهو فرض عين على كل من سمعة يحمد الله لقول النبى صلى الله علية وسلم " إن الله يحب العطاس ويكرة التثائب فإن عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل من سمعة أن يقول لة يرحمك الله" فإن لم يحمد الله سقط حقة فى التشميت, فقد روى البخاري من حديث َ أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقيل له (قال الرجل شمت هذا ولم تشمتنى )، فقال: (إن هذا حمد الله، ولم تحمد الله)
رواى الإمام مسلم وغيره أن النبى صلى الله علية وسلم قال: ( إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه) ومعنى شمتوه أي ادعوا الله بأن يرد شوامته أي قوائمه أو سمته على حاله ؛ لأن العطاس يحل مرابط البدن ، ويفصل معاقده، فمعنى رحمك الله أى أعطاك رحمة ترجع بها إلى حالك الأول ، أو يرجع بها كل عضو إلى سمته، والأمر للندب عند الجمهور وقال ابن دقيق العيد: ظاهر الخبر الوجوب، ومال إليه وأيده ابن القيم، وعليه فقيل هو فرض عين ، وقيل فرض كفاية .
أيها الاحباب: أن الله تعالى لا يشرع شيئًا إلا لحكمة ومصلحة . ذلك أن من أسمائه تعالى الحكيم "، وهو اسم تكرر في القرآن الكريم. فهو سبحانه حكيم فيما شرع وأمر، كما أنه حكيم فيما خلق وقدر. فهو لا يشرع شيئًا عبثًا ولا يخلق شيئًا باطلاً، كما قال أولو الألباب: (ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك).يقول الإمام ابن القيم: " والقرآن وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مملوءان من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجود الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان ".و من الحكم ما يخفى وجهها على بعض الناس، على حين يظهر ذلك لآخرين، وأن منها ما يخفى على الجميع لحكمة أيضًا هي الابتلاء والامتحان من الله لعباده، ليظهر من يطيع ربه ممن لا يطيع إلا عقله، ومن يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وحكمة أخرى هي أن يُعمل الناس فكرهم، ويبذلوا جهودهم لمحاولة استجلاء ما خفي عليهم من وجوه الحكم والمصالح، وفي هذا الاجتهاد واستفراغ الوسع في المعرفة مصالح كثيرة كانت تفوت لو أن الله تعالى اختصر عليهم الطريق، ونص على الحكمة والمصلحة من وراء كل ما خلق، وكل ما شرع نصًا مباشرًا دون أي جهد منهم.
والحكمة والمصلحة في ذلك، هي أن اتجاه الإسلام في آدابه عامة تتجه إلى ربط المسلم بالله في كل أحيانه، وعلى كافة أحواله، وينتهز لذلك الفرص الطبيعية والمناسبات العادية التي من شأنها أن تحدث وتتكرر كل يوم مرة أو مرات، ليذكر المسلم بربه، ويصله بحبله، فيذكره تعالى مسبحًا، أو مهللاً، أو مكبرًا، أو حامدًا، أو داعيًا. وهذا سر الأذكار والأدعية المأثورة الواردة عند ابتداء الأكل والشرب، وعند الفراغ منها، وعند النوم واليقظة، وعند الدخول والخروج، وعند ركوب الدابة ولبس الثوب، وعند السفر، والعودة منه . . . وهكذا. فلا غرابة أن يعلم المسلم إذا عطس أن يحمد الله، وأن يقول سامعه: يرحمك الله، وأن يرد عليه: يهديكم الله . . وبهذا تشيع المعاني الربانية في جو المجتمع المسلم، شيوعها في حياة الفرد المسلم.
أما تخصيص العاطس بالحمد، فالحكمة فيه أن العطاس يدفع الأذى من الدماغ، الذي فيه قوة الفكر، ومنه منشأ الأعصاب التي هي معدن الحس، وبسلامته تسلم الأعضاء، فيظهر بهذا أنها نعمة جليلة، فلابد أن تُقابل بالحمد لله، لما فيه من الإقرار لله بالخلق والقدرة " وأما قول السامع " يرحمك الله، فقد أكد القاضي ابن العربي في ذلك: أن العاطس ينحل كل عضو في رأسه وما يتصل به من العنق ونحوه، فكأنه إذا قيل له: يرحكم الله، كان معناه: أعطاك الله رحمة يرجع بها بدنك إلى حاله قبل العطاس، ويقيم على حاله من غير تغيير. وفيه إشارة إلى عظيم فضل الله على عبده فإنه أذهب عنه الضرر بنعمة العطاس . ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه، ثم الدعاء بالخير بعد الدعاء بالخير، وشرع هذه النعم المتواليات في زمن يسير فضلاً منه وإحسانًا
كما تحرص الآداب الإسلامية على ربط المسلم بإخوانه المسلمين. وبعبارة أخرى: على إشاعة معاني الإخاء والمحبة والتواد بين الناس . فهي التي تجعل للحياة طعمًا، وتعين على فعل الخير، وتطرد الكآبة والتعاسة من حياة الجماعة. أما الأنانية والفردية والحسد والبغضاء، فهي - كما سماها الرسول - داء الأمم وحالقة الدين. ولا عجب أن جاء أدب العطاس في هذا الخط، ليقر لونًا من ألوان " المجاملة " الاجتماعية الطيبة، التي تنافي الجفوة والتقاطع والهجران، وتثبت معاني التواصل والمودة والرحمة . قال ابن دقيق العيد: " ومن فوائد التشميت تحصيل المودة، والتآلف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عند الكبر، والحمل على التواضع . . . " وكلها معان إنسانية جميلة.
وللعاطس حق التشميت ثلاث مرات فإن زاد فهو مزكوم ولا حق لة فى التشميت فعن النبى صلى الله علية وسلم قال " إذا عطس احدكمك فليشمتة جليسة فإن زاد عن ثلاث فهو مزكوم ولا تشميت بعد ثلاث"
وقد بين النبى صلى الله علية وسلم صفة التشميت وصفة الرد عليها فقال " إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل لة اخوة او صاحبة يرحمك الله فإذا قال لة يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم" ومن العلوم أنه أثناء العطاس كما في السعال يخرج رذاذ من الفم، قد يكون محملا بالجراثيم الناقلة للأمراض، التي قد تعدي بعض من يتواجد مع العاطس، فيستحب للعاطس أن يغطي فمه وأنفه أثناء العطاس بمنديل أو حتى بثوبه، حتى لا يتسرب الرذاذ إلى الهواء المحيط به والناس من حوله.لذلك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الوقاية من قبل أن يعلم الناس عنها شيئا. فقد روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس وضع يدة أو ثوبة على فية وخفض أو غطى صوتة"
واما بالنسبة لتشميت الكافر : فقد أخرج أبو داود وصححه الحاكم من حديث أبي موسى الأشعري قال كانت اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم قال ابن دقيق العيد: إذا نظرنا إلى قول من قال من أهل اللغة إن التشميت الدعاء بالخير دخل الكفار في عموم الأمر بالتشميت، وإذا نظرنا إلى من خص التشميت بالرحمة لم يدخلوا قال . قلت – القائل : ابن حجر - وهذا البحث أنشأه من حيث اللغة، وأما من حيث الشرع فحديث أبي موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت، لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء لهم بالهداية وإصلاح البال وهو الشأن ولا مانع من ذلك، بخلاف تشميت المسلمين فإنهم أهل الدعاء بالرحمة بخلاف الكفار.
وأما من عطس والإمام يخطب لا شك أن المسلم مأمور حالة خطبة الجمعة بالاستماع والإنصات وقطع الحركة فهو مأمور بشيئين : السكون والهدوء وعدم الحركة والعبث .ثانيًا : هو مأمور بالسكوت عن الكلام فيحرم عليه أن يتكلم والإمام يخطب ، ويحرم عليه كذلك أن يستعمل الحركة والعبث أو يمسح الحصى ويخطط في الأرض أو ما أشبه ذلك ، وما ذكرفى الحديث من قولة صلى الله علية وسلم(من مس الحصى فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له) فهوحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى لغا أنه ارتكب خطأ يُسبب إلغاء ثوابه فمعنى لغا ليس معناه أنه تبطل صلاته وأنه يؤمر بالإعادة ، وإنما معناه أنه لا ثواب له في تلك الصلاة .أما بالنسبة لتشميت العاطس ؟ فالجواب : أنه لا يشمت العاطس ولا يجوز للداخل والإمام يخطب أن يسلم ، وإذا سلم فإنه لا يجوز على من سمعه أن يرد عليه ؛ لأن الإنصات للخطبة واجب ، والكلام حال الخطبة يحرم ، ومن عطس فإنه يحمد الله في نفسه ولا يتكلم بذلك ولو تكلم وسمعه من بجانبه فإنه لا يشمته . ذكره ابن دقيق العيد ؛ فإنه يتعارض الأمر بتشميت من سمع العاطس والأمر بالإنصات لمن سمع الخطيب، والراجح الإنصات لإمكان تدارك التشميت بعد فراغ الخطيب ولا سيما إن قيل بتحريم الكلام والإمام يخطب. وعلى هذا فهل يتعين تأخير التشميت حتى يفرغ الخطيب أو يشرع له التشميت بالإشارة؟ فلو كان العاطس الخطيب فحمد واستمر في خطبته فالحكم كذلك وإن حمد فوقف قليلا ليشمت فلا يمتنع أن يشرع تشميته.
رحمته بالخلق صلى الله عليه وسلم
جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ، وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد ، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق ، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال :
وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
فمن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير ، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، حتى صارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله تعالى ، فالراحمون يرحمهم الرحمن .
وقد تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم في عددٍ من المظاهر والمواقف ، ومن تلك المواقف :
رحمته بالأطفال: كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرقّ لهم ، حتى كان كالوالد لهم ، يقبّلهم ويضمّهم ، ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر ،كما فعل بعبدالله بن الزبير عند ولادته .
وجاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا والتسليم ، والصبر والاحتساب ، ولما مات حفيده صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا؟ " فقال : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
رحمته بالنساء : لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ، والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ، فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّ ، وكان يقول : ( من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) ، بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .رحمته بالضعفاء عموماً
وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم ، الذين هم مظنّة وقوع الظلم عليهم ، والاستيلاء على حقوقهم ، وكان يقول في شأن الخدم : ( هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ، ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ، ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره ودخانه ) رواه ابن ماجة وأصله في مسلم .
ومثل ذلك اليتامى والأرامل ، فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ، وكان يقول : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) .
رحمته بالأعداء حرباً وسلماً : فعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم ، وليس أدلّ على ذلك مما حدث عند خروج رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في غزوة ناحية بلاد نجد من أرض الحجاز، وفى طريق عودته-صلى الله عليه وسلم- من تلك الغزوة مر بوادِ به شجر كثير الشوك، في وقت الظهيرة، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الجيش بالتوقف في هذا المكان لينالوا قسطًا من الراحة، فنام الجيش، ونام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تحت ظل شجرة كثيرة الأوراق وقد علق بها سيفه، وبعد فترة نادى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على المسلمين فتجمعوا حوله – صلى الله عليه وسلم- ، فإذا برجل أعرابي يجلس أمامه فقال رسول الله- صلى عليه وسلم-: إن هذا الرجل أخذ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وسيفي في يده، فقال لي : من يمنعك منى ؟! (أي من يمنعني من قتلك الآن) ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (في ثبات عظيم وثقة وإيمان بالله) : الله، فارتعد الأعرابي بشدة، ووقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، وقال له : من يمنعك منى ؟ فقال الرجل لا أحد، ولم يقابل النبي الكريم إساءة هذا الأعرابي له بمثلها، بل- صلى الله عليه وسلم- عفا عنه فأسلم الرجل، وعاد إلى قومه، وأخبرهم بخلق النبي، وجميل عفوه وصفحه فأسلم معه خلق كثير.
فَكَانَتْ رَحْمتُه صلى الله عليه وسلم رَحْمةً عَامَّةً شَمِلَتِ المؤْمِنَ وَالكَافِرَ، فَهَا هُوَ الطَّفَيْلُ بْن ُ عَمْروٍ الدَّوْسِيُّ ، يَيأْسُ مِن هِدَايةِ قَبِيلَتِه دَوْسٍ، فَيذْهَبُ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهt عليه وسلم وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ دَوْسًا قَد عَصَتْ وَأَبتْ, فَادْعُ اللهَ عَليْها.فَاسْتَقْبَل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم الْقِبلةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَأَيْقَن النَّاسُ بِهَلاكِ دَوْسٍ إِذَا دَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّ نَبِيَّ الرَّحْمَةِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وائتِ بِهمْ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[دَعَا لَهُمْ بِالهِدَايةِ وَالرَّشَادِ، وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِم بِالعَذَابِ وَالِاسْتِئْصَالِ, لأَنَّه لَا يُرِيدُ للنَّاسِ إِلَّا الخيْرَ وَلَا يَرْجُو لَهُمْ إِلَّا الفَوْزَ وَالنَّجَاةَ.وَيَذْهَبُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى الطَّائِفِ لِدَعْوَةِ قَبَائِلِها إِلَى الْإِسْلَام, فَيُقَابِلَهُ أَهْلُهَا بِالجُحُودِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، وَيُغْرُوا بِه سُفَهَاءَهُمْ، فَيَضْرِبُوهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ مِنْ عَقِبَيْهِ صلى الله عليه وسلم.وَتَرْوِي عَائِشةُ رَضِي اللهُ عَنْهَا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَقُولُ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ - وَكَانَ أَشدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُم - يَوْمَ الْعَقَبةِ، إِذْ عَرضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْد يَا لَيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلى مَا أَردْتُ, فَانْطَلقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي, فَنظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْريلُ, فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِك لَك وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ؛ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ. قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد! إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِك لَك، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ, وَقَدْ بَعَثَنِي اللهُ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِك فَما شِئْتَ؟ إِنْ شِئتَ أَنْ أُطْبِق عَلَيْهِم الْأَخْشَبَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا [متفق عليه[إِنَّها الرَّحْمَةُ النَّبَوِيَّةُ الَّتِي جَعلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْسَى جِرَاحَه الَّتِي تَسِيلُ, وَقلْبَه المنْكِسِرَ، وَفُؤادَه المكْلُومَ، وَلَا يَتذكَّر سِوَى إِيصَالِ الخيْرِ لِهؤلاءِ النَّاسِ وَإِخْرَاجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور وَهِدَايتَهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ المسْتَقِيمِ.وَيفْتَحُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَيدْخُلُها فِي عَشْرةِ آلافِ مُقَاتِلٍ, وَيُحكِّمُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ فِي رِقَاب مَنْ آذَوْه وَطَردُوه وَتَآمَرُوا عَلَى قَتْلِه، وَأَخْرَجُوه مِن بَلدِهِ، وَقَتلُوا أَصْحَابَه وَفَتنُوهُمْ فِي دِينِهِمْ.فَيَقُولُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ وَقَدْ تَمَّ هَذَا الفَتْحُ الْأَعْظَمُ اليومَ يَوْمُ الملْحَمَة فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ اليَوْمَ يَومُ المرْحَمَةِ.ثُمَّ يخْرُج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى هَؤُلاءِ المنْهزِمِينَ وَقَدْ شَخِصتْ أَبْصَارُهمْ, وَوجِلَتْ قُلوبُهمْ, وَجَفَّتْ حُلُوقُهمْ، يَنْتَظِرونَ مَاذا سَيفْعَلُ بِهم هَذا القَائِدُ المنتَصِرُ، وَهمُ الّذِينَ اعْتادُوا عَلى الْغَدْرِ وَالانْتِقامِ وَالتَّمثيلِ بِقَتْلى المسْلِمينَ كَمَا فَعلُوا فِي أُحُدٍ وَغَيْرِهَا.فَقَالَ لَهمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا معْشَر قُرَيْشٍ مَا تروْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟.قَالُوا: خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أخٍ كَرِيمٍ.فَقَالَ لَهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ فَانْطلَقوا كَأَنَّهم نُشِروا مِنَ القُبورِ.فَهذَا العَفْو الشَّاملُ نَتيجةُ الرَّحْمةِ الَّتِي فِي قلْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالَّتِي عَظُمَتْ لتَشْمَل أكْثرَ أَعْدَائِهِ إِيذاءً لَه وَلأصْحَابِه, فَلَوْلَا هَذِهِ الرحمةُ لما حَدثَ هَذا الْعَفْوُ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ يَقُول: إِنَّما أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ [رَوَاه الحاكم[
رحمته بالبهائم : ذَكَرْنَا أَنَّ الرحمةَ النَّبويَّةَ اتَّسعَتْ لِتشْملَ الْكَافِرَ فَضْلاً عَنِ المسْلِمِ الموَحِّدِ، وَنَزيدُ هُنَا أَنَّ رحْمةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَجاوَزَتِ الجنْسَ البَشَرِيَّ حَتَّى شَمِلَتِ الـحَيوَانَ والجَمَادَ وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ، فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق ، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ). وَقَدْ ذَكر أَحدُ الْعُلَماءِ أَنَّ بعضَ الغَرْبِيِّين أَسْلَموا لـمّا عَلِمُوا آدابَ الإِسْلامِ فِي الذَّبْح وَهَذَا يَدلُّ عَلى كَمالِ هَذَا الدِّيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَللهِ الحمْدُ وَالـمِنَّةُ.
ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود .
ولقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَد بِئْرًا, فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ, ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَىَ مِنَ الْعَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلَبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ, فَمَلَأ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا: يَا رَسولَ اللهِ! وَإِنَّ لَنَا فِي هَذه البَهائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَال صلى الله عليه وسلم: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ [مُتَّفَقٌ عليه[
بِهذِه الْقَاعِدةِ الْعَامَّةِ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ سَبقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ المنظَّماتِ وَالهيْئَاتِ الَّتِي تُعنَى بِالدِّفَاع عَنْ حُقُوقِ الحَيوَان وَالرِّفْقِ بِهِ، سَبَقها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِئاتِ السِّنينَ يَوْمَ قَال: عُذِّبَتِ امْرَأةٌ فِي هِرَّةٍ, سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ, لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ [متفق عليه[
وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْصِدُ بِهذَا تَعلِيمَ أَصْحَابِهِ الرِّفْقَ بِالحيوَانِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْه، وَيُبيِّنُ لَهمْ أَنَّ قَتلَ الحيوَانَ غَيْرِ المأَذْونِ فِي قتْلِه, أَوْ التَّسبُّبَ فِي قَتْلِه يُمكِنُ أَنْ يَكُونَ سَببًا فِي دُخُولِ النَّارِ وَالعِياذُ بِاللهِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا تَعْرِفُه القَوانِينُ الوَضْعِيَّةُ الَّتِي يحكُمُ بِها النَّاسُ اليَوْمَ.
وَحَذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن قَتْلِ الحَيوَانِ بِلَا هَدفٍ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، إِلَّا سَأَلَهُ اللهُ عَنْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ. قِيل: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا حقُّها؟ قَالَ: حَقُّهَا أَنْ يَذْبَحَهَا فَيَأْكُلَهَا, وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا فَيَرْمِي بِهِ [رواه النَّسائيُّ[
وَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا [متَّفقٌ عليْهِ] أَيْ لَا تتّخذُوا الحيوَانَ الحيَّ هَدفًا تَرمُونَهُ بِسِهامِكُمْ, لَأَنَّ هَذَا مُنَافٍ للرَّحمةِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَى المؤْمنِ أَنْ يتحلَّى بِها.رحمته بالجمادات
ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد .
لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة ، فهو رحمة ، وشريعته رحمة ، وسيرته رحمة ، وسنته رحمة ، وصدق الله إذ يقول : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء : 107 )
وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
فمن سمات الكمال التي تحلّى بها – صلى الله عليه وسلم - خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير ، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين ، فقد وهبه الله قلباً رحيماً ، يرقّ للضعيف ، ويحنّ على المسكين ، ويعطف على الخلق أجمعين ، حتى صارت الرحمة له سجيّة ، فشملت الصغير والكبير ، والقريب والبعيد ، والمؤمن والكافر ، فنال بذلك رحمة الله تعالى ، فالراحمون يرحمهم الرحمن .
وقد تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم في عددٍ من المظاهر والمواقف ، ومن تلك المواقف :
رحمته بالأطفال: كان صلى الله عليه وسلم يعطف على الأطفال ويرقّ لهم ، حتى كان كالوالد لهم ، يقبّلهم ويضمّهم ، ويلاعبهم ويحنّكهم بالتمر ،كما فعل بعبدالله بن الزبير عند ولادته .
وجاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
وكان يحمل الأطفال ، ويصبر على أذاهم ، فعن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: ( أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فأتبعه إياه) رواه البخاري.
وكان يحزن لفقد الأطفال ، ويصيبه ما يصيب البشر ، مع كامل الرضا والتسليم ، والصبر والاحتساب ، ولما مات حفيده صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه ، فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا؟ " فقال : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
رحمته بالنساء : لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل ، كانت العناية بهنّ أعظم ، والرفق بهنّ أكثر ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه ، فحثّ صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهنّ ، وكان يقول : ( من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) ، بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا ؛ فإنهنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) .
وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته ، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها ، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .رحمته بالضعفاء عموماً
وكان صلى الله عليه وسلم يهتمّ بأمر الضعفاء والخدم ، الذين هم مظنّة وقوع الظلم عليهم ، والاستيلاء على حقوقهم ، وكان يقول في شأن الخدم : ( هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم ) ، ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ، ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره ودخانه ) رواه ابن ماجة وأصله في مسلم .
ومثل ذلك اليتامى والأرامل ، فقد حثّ الناس على كفالة اليتيم ، وكان يقول : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) .
رحمته بالأعداء حرباً وسلماً : فعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم ، وليس أدلّ على ذلك مما حدث عند خروج رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في غزوة ناحية بلاد نجد من أرض الحجاز، وفى طريق عودته-صلى الله عليه وسلم- من تلك الغزوة مر بوادِ به شجر كثير الشوك، في وقت الظهيرة، فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الجيش بالتوقف في هذا المكان لينالوا قسطًا من الراحة، فنام الجيش، ونام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تحت ظل شجرة كثيرة الأوراق وقد علق بها سيفه، وبعد فترة نادى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على المسلمين فتجمعوا حوله – صلى الله عليه وسلم- ، فإذا برجل أعرابي يجلس أمامه فقال رسول الله- صلى عليه وسلم-: إن هذا الرجل أخذ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وسيفي في يده، فقال لي : من يمنعك منى ؟! (أي من يمنعني من قتلك الآن) ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- (في ثبات عظيم وثقة وإيمان بالله) : الله، فارتعد الأعرابي بشدة، ووقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، وقال له : من يمنعك منى ؟ فقال الرجل لا أحد، ولم يقابل النبي الكريم إساءة هذا الأعرابي له بمثلها، بل- صلى الله عليه وسلم- عفا عنه فأسلم الرجل، وعاد إلى قومه، وأخبرهم بخلق النبي، وجميل عفوه وصفحه فأسلم معه خلق كثير.
فَكَانَتْ رَحْمتُه صلى الله عليه وسلم رَحْمةً عَامَّةً شَمِلَتِ المؤْمِنَ وَالكَافِرَ، فَهَا هُوَ الطَّفَيْلُ بْن ُ عَمْروٍ الدَّوْسِيُّ ، يَيأْسُ مِن هِدَايةِ قَبِيلَتِه دَوْسٍ، فَيذْهَبُ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهt عليه وسلم وَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ دَوْسًا قَد عَصَتْ وَأَبتْ, فَادْعُ اللهَ عَليْها.فَاسْتَقْبَل الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم الْقِبلةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَأَيْقَن النَّاسُ بِهَلاكِ دَوْسٍ إِذَا دَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّ نَبِيَّ الرَّحْمَةِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وائتِ بِهمْ [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[دَعَا لَهُمْ بِالهِدَايةِ وَالرَّشَادِ، وَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِم بِالعَذَابِ وَالِاسْتِئْصَالِ, لأَنَّه لَا يُرِيدُ للنَّاسِ إِلَّا الخيْرَ وَلَا يَرْجُو لَهُمْ إِلَّا الفَوْزَ وَالنَّجَاةَ.وَيَذْهَبُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى الطَّائِفِ لِدَعْوَةِ قَبَائِلِها إِلَى الْإِسْلَام, فَيُقَابِلَهُ أَهْلُهَا بِالجُحُودِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ، وَيُغْرُوا بِه سُفَهَاءَهُمْ، فَيَضْرِبُوهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ مِنْ عَقِبَيْهِ صلى الله عليه وسلم.وَتَرْوِي عَائِشةُ رَضِي اللهُ عَنْهَا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَقُولُ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَومٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ - وَكَانَ أَشدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُم - يَوْمَ الْعَقَبةِ، إِذْ عَرضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْد يَا لَيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلى مَا أَردْتُ, فَانْطَلقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي, فَنظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْريلُ, فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِك لَك وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ؛ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ. قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد! إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِك لَك، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ, وَقَدْ بَعَثَنِي اللهُ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِك فَما شِئْتَ؟ إِنْ شِئتَ أَنْ أُطْبِق عَلَيْهِم الْأَخْشَبَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا [متفق عليه[إِنَّها الرَّحْمَةُ النَّبَوِيَّةُ الَّتِي جَعلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْسَى جِرَاحَه الَّتِي تَسِيلُ, وَقلْبَه المنْكِسِرَ، وَفُؤادَه المكْلُومَ، وَلَا يَتذكَّر سِوَى إِيصَالِ الخيْرِ لِهؤلاءِ النَّاسِ وَإِخْرَاجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور وَهِدَايتَهُمْ إِلَى الصِّرَاطِ المسْتَقِيمِ.وَيفْتَحُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، وَيدْخُلُها فِي عَشْرةِ آلافِ مُقَاتِلٍ, وَيُحكِّمُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ فِي رِقَاب مَنْ آذَوْه وَطَردُوه وَتَآمَرُوا عَلَى قَتْلِه، وَأَخْرَجُوه مِن بَلدِهِ، وَقَتلُوا أَصْحَابَه وَفَتنُوهُمْ فِي دِينِهِمْ.فَيَقُولُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ وَقَدْ تَمَّ هَذَا الفَتْحُ الْأَعْظَمُ اليومَ يَوْمُ الملْحَمَة فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ اليَوْمَ يَومُ المرْحَمَةِ.ثُمَّ يخْرُج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلى هَؤُلاءِ المنْهزِمِينَ وَقَدْ شَخِصتْ أَبْصَارُهمْ, وَوجِلَتْ قُلوبُهمْ, وَجَفَّتْ حُلُوقُهمْ، يَنْتَظِرونَ مَاذا سَيفْعَلُ بِهم هَذا القَائِدُ المنتَصِرُ، وَهمُ الّذِينَ اعْتادُوا عَلى الْغَدْرِ وَالانْتِقامِ وَالتَّمثيلِ بِقَتْلى المسْلِمينَ كَمَا فَعلُوا فِي أُحُدٍ وَغَيْرِهَا.فَقَالَ لَهمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا معْشَر قُرَيْشٍ مَا تروْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟.قَالُوا: خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أخٍ كَرِيمٍ.فَقَالَ لَهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ فَانْطلَقوا كَأَنَّهم نُشِروا مِنَ القُبورِ.فَهذَا العَفْو الشَّاملُ نَتيجةُ الرَّحْمةِ الَّتِي فِي قلْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالَّتِي عَظُمَتْ لتَشْمَل أكْثرَ أَعْدَائِهِ إِيذاءً لَه وَلأصْحَابِه, فَلَوْلَا هَذِهِ الرحمةُ لما حَدثَ هَذا الْعَفْوُ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ يَقُول: إِنَّما أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ [رَوَاه الحاكم[
رحمته بالبهائم : ذَكَرْنَا أَنَّ الرحمةَ النَّبويَّةَ اتَّسعَتْ لِتشْملَ الْكَافِرَ فَضْلاً عَنِ المسْلِمِ الموَحِّدِ، وَنَزيدُ هُنَا أَنَّ رحْمةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَجاوَزَتِ الجنْسَ البَشَرِيَّ حَتَّى شَمِلَتِ الـحَيوَانَ والجَمَادَ وشملت رحمته صلى الله عليه وسلم البهائم التي لا تعقل ، فكان يحثّ الناس على الرفق بها ، وعدم تحميلها ما لا تطيق ، فقد روى الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، فليرح ذبيحته ). وَقَدْ ذَكر أَحدُ الْعُلَماءِ أَنَّ بعضَ الغَرْبِيِّين أَسْلَموا لـمّا عَلِمُوا آدابَ الإِسْلامِ فِي الذَّبْح وَهَذَا يَدلُّ عَلى كَمالِ هَذَا الدِّيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَللهِ الحمْدُ وَالـمِنَّةُ.
ودخل النبي صلّى الله عليه وسلم ذات مرة بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) رواه أبو داوود .
ولقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَد بِئْرًا, فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ, ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَىَ مِنَ الْعَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلَبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ, فَمَلَأ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا: يَا رَسولَ اللهِ! وَإِنَّ لَنَا فِي هَذه البَهائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَال صلى الله عليه وسلم: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ [مُتَّفَقٌ عليه[
بِهذِه الْقَاعِدةِ الْعَامَّةِ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ سَبقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ المنظَّماتِ وَالهيْئَاتِ الَّتِي تُعنَى بِالدِّفَاع عَنْ حُقُوقِ الحَيوَان وَالرِّفْقِ بِهِ، سَبَقها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِئاتِ السِّنينَ يَوْمَ قَال: عُذِّبَتِ امْرَأةٌ فِي هِرَّةٍ, سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ, لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ [متفق عليه[
وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْصِدُ بِهذَا تَعلِيمَ أَصْحَابِهِ الرِّفْقَ بِالحيوَانِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْه، وَيُبيِّنُ لَهمْ أَنَّ قَتلَ الحيوَانَ غَيْرِ المأَذْونِ فِي قتْلِه, أَوْ التَّسبُّبَ فِي قَتْلِه يُمكِنُ أَنْ يَكُونَ سَببًا فِي دُخُولِ النَّارِ وَالعِياذُ بِاللهِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا تَعْرِفُه القَوانِينُ الوَضْعِيَّةُ الَّتِي يحكُمُ بِها النَّاسُ اليَوْمَ.
وَحَذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن قَتْلِ الحَيوَانِ بِلَا هَدفٍ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، إِلَّا سَأَلَهُ اللهُ عَنْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ. قِيل: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا حقُّها؟ قَالَ: حَقُّهَا أَنْ يَذْبَحَهَا فَيَأْكُلَهَا, وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهَا فَيَرْمِي بِهِ [رواه النَّسائيُّ[
وَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا [متَّفقٌ عليْهِ] أَيْ لَا تتّخذُوا الحيوَانَ الحيَّ هَدفًا تَرمُونَهُ بِسِهامِكُمْ, لَأَنَّ هَذَا مُنَافٍ للرَّحمةِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَى المؤْمنِ أَنْ يتحلَّى بِها.رحمته بالجمادات
ولم تقتصر رحمته صلى الله عليه وسلم على الحيوانات ، بل تعدّت ذلك إلى الرحمة بالجمادات ، وقد روت لنا كتب السير حادثة عجيبة تدل على رحمته وشفقته بالجمادات ، وهي : حادثة حنين الجذع ، فإنه لمّا شقّ على النبي صلى الله عليه وسلم طول القيام ، استند إلى جذعٍ بجانب المنبر ، فكان إذا خطب الناس اتّكأ عليه ، ثم ما لبث أن صُنع له منبر ، فتحول إليه وترك ذلك الجذع ، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة منه صوتاً كصوت البعير ، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن ، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد .
لقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة ، فهو رحمة ، وشريعته رحمة ، وسيرته رحمة ، وسنته رحمة ، وصدق الله إذ يقول : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء : 107 )
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)