بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 مارس 2010

عيادة المريض

عن البراء بن عازب رضى الله عنة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع. أمرنا بعيادة المريض، واتّباع الجنائز، وتشميت العاطس، وردّ السلام، وإبرار المقسم، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم. ونهانا عن آنية الفضّة، وعن خاتم الذهب، والاستبرق، والحرير، والديباج، والميثرة، والقسي).
أيها الموحدون هذا الحديث الذى بين ايدينا يبين لنا حق المسلم على المسلم وأراد بة النبى صلى الله علية وسلم إرشاد الامة الى ما فية زيادة الاواصر بينها وزيادة الاخوة والمحبة كما أمرنا صلى الله علية وسلم بقولة " وكونوا عباد الله إخوانا"
فالوصية الاولى قولة: أمرنا بعادة المريض" قعيادة المريض حق من حقوق المسلم على إخوانة من المسلمين كما قال سيدنا رسول الله صلى الله علية وسلم فى حديث اخر "حق المسل على المسلم خمس" وفى رواية اخرى ست وذكرها النبى صلى الله علية وسلم وعد منها " ان يعودة اذا مرض" والله تبارك وتعالى يقول "يا أيّها الناس إنّا خلقناكُم مِنْ ذَكَر وأُنثى وجَعَلناكُم شُعوباً وقبائلَ لِتعارَفوا إنّ أكرمَكُم عِندَ الله اتقاكُم). (الحجرات/13)أيها الاحباب إن تنظيم الاسلام للمجتمع الانساني يدلّنا على الاسس والروابط المتينة التي بنى الاسلام عليها العلاقات الاجتماعية والقيم الانسانية الرفيعة. وإنّ الاخلاق والقانون والمفاهيم العقيدية كلّها تصبّ في بناء الهيكل الاجتماعي وتنظيمه على أساس الحبّ والتعاون واحترام مشاعر الانسان، وتركز على مفهوم المشاركة الوجدانية والعاطفية، وتوظيف مشاعر الرحمة. واهتمام الاسلام بالانفتاح والتفاعل الاجتماعي، وحثّه على استمرار هذا السلوك يعكس لنا قيمة الحياة الاجتماعية وعنايته بالمجتمع وآدابه. ولقد أثبتت التجارب التاريخية والحضارية أنّ الاسس والروابط المادّية وحدها لاتبني مجتمعاً متماسكاً، ولا تشيّد بنية إنسانية متينة. ولعلّ دراسة وتحليل المجتمع المادّي المعاصر تكشف لنا عمق المأساة النفسية والاجتماعة، والجفاف الروحي، وغياب الروح الانساني من العلاقات والروابط وإحساس الانسان بالقلق والسأم والملل واللامعنى والغربة والوحشة. ومن هنا حث الاسلام على العلاقات الانسانية والاجتماعية, فزيارة المريض تزرع في نفسه الاحساس بالحبّ للاخرين، وتخفف الالام عن نفسه وتشعره برعاية إخوانه وذويه وأصدقائه ومجتمعه له. وكثيراً مايبدأ المريض الذي يصاب بمرض مؤلم، أو طويل أو مرض يشعره بالخطر على حياته، كثيراً ما يبدأ بعد الشفاء سلوكاً جديداً وعلاقات إنسانية أكثر إيجابية وصواباً، لاسيّما إذا وجد من يعينه على العلاج والشفاء، وتخفيف الالام مادّياً ومعنوياً.لذا نجد القرآن الكريم يؤكد على التعارف والتعاون والمواساة بين أفراد المجتمع.
وعيادة المريض لها فوائد كثير منها ما يعود على المريض وأهلة ومنها ما يعود على الزائر نفسة. فمما يعود على المريض إدخال السرور على قلب المريض واهلة وهذا من أحب الاعمال الى الله كما قال النبى صلى الله علية وسلم " أحب الاعمال الى الله سرور تدخلى على مسلم" , ومنها ايضا إشعار المريض بالاحساس بة والتألم لالمة فيتحقق بذلك قول النبى صلى الله علية وسلم " مثل المؤمنيين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منة عضو تداعا لة سائر الجسد بالسهر والحمى"
وأما ما يعود على الزائر نفسة فهو تجحصيل الاجر والثواب فقد قال صلى الله علية وسلم " إن المسلم اذا عاد أخاة لم يزل فى خرفة من الجنة حتى يرجع" أي جناها . شبه ما يحوزه العائد من ثواب بما يحوزه الذي يجتني الثمر, وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ : أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا) حسنه الألباني في صحيح الترمذي. وروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ , فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا ) صححه الألباني. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي . والخريف هو البستانوروي عنه (صلى الله عليه وسلم أيضاً: (مامن رجل يعود مريضاً فيجلس عنده إلاّ تغشّته الرحمة من كلّ جانب ما جلس عنده، فإذا خرج من عنده كتب له أجر صيام يوم). فعلينا ايها الاحباب ان نحرص على عيادة المريض وزيارتو طمعا فى هذا الاجر والثواب وهربا من معاتبة الرب سبحانة وتعالى فإن الله تعالى يعاتب عبدة يوم القيامة على عدم زيارتة للمريض كما قال النبى صلى الله علية وسلم يقول الله تعالى يوم القيامة " يا ابن ادم مرضت فلم تعدنى فيقول العبد يا رب كيف اعودك وانت رب العالمين قال مرض عبدى فلان فلم تعدة اما انك لو عدتة ولجدتنى عندة"ومن الاهتمامات النفسية التي اعتنى بها الادب الاجتماعي الاسلامي هو إسماع المريض الكلمات الطيّبة، والدعاء له بالشفاء، وحثّه على الصبر، ممّا يشيع في نفسه عواطف المحبّة والاحساس باهتمام الاخرين به، فترتفع معنويّته لمقاومة المرض وإيجاد الامل والرجاء أو تقويتهما في نفسه.إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) يوجّهنا إلى هذا التعامل مع المريض فيقول: (إنّ من تمام عيادة أحدكم أخاه أن يضع يده عليه، فيسأله كيف أصبح وكيف أمسى).زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصحابي الجليل سلمان (رضي الله عنه) فقال: (يا سلمان شفى الله سقمك، وغفر ذنبك، وعافاك في دينك وجسدك إلى مدّة أجلك).
ولهذة الزيار اداب لابد أ نعمل بها منها أن نختار الوقت المناسب كما قال الله تعالى " يا أيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على اهلها" أى تستأذنوا فى وقت يحصل بكم فية الانس والسر ور والسعادة ومنها ان يستأذن ثلاثا فإن أذن لة وإلا رجع كما قال النبى صلى الله علية وسلم " الاستأذان ثلاث فإن أذن وإلا فارجع" ومنها أن يجلس فى مكان لايكشف فية عورة البيت وليحذر كل الحذر من استرق البصر فإن الله يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور" ومنها ان يطيب خاطرة بالدعاء ومن الادعية المأثورة عن النبى صلى الله علية وسلم " اللهم رب الناس أذهب البأس إشف انت الشافى لا شفاء الا شفاؤك شفاءا لايغادر سقما" " أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك" سبع مرات
ومنها أن يذكرة بفضل المرض وثوابة: ومن ذلك قول النبى صلى الله علية وسلم " من يرد الله بة خيرا يصب منة" ومنها قولة صلى الله علية وسلم " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب عبدا إبتلاة فإن رضى فلة الاجر وإن سخط فلة السخط" وقولة " ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر لة بة من خطاياة"
وإن رأى منة تحسرا على عمل صالح فاتة بالمرض بشرة بأنة قد وقع أجرة على الله كما قال النبى صلى الله علة وسلم " إذا مرض العبد او سافر كتب لة من الاجر مثلما كان يعمل صحيحا مقيما" ومنها أيضا أن يفسح لة فى الاجل وأن يذكرة بأن ما بة من مرض لاشىء بالنسبى الى ما كات إصيب بة فلان وفلان وقد عافاهم الله وسيعافيك كما عافاهم ونحو ذلك مما يشرح صدرة ويطيب خاطرة. ومنها أيضا أن يوصية بالصلاة وأن يذكرة بما يجوز لة من التيمم إذا عجز عن الوضوء ومن الصلا قاعدا أو على جنب إذا عجز عن الصلاة قائما والاسلام في كلّ قيمه وادابه وأصول علاقاته يتسم بسموّ الذوق، ومراعاة أرقى آداب اللياقة الاجتماعية، واحترام الجانب النفسي في الانسان لذا دعا إلى تخفيف زيارة المريض، وعدم إطالة الجلوس عنده، للحرص على راحته الجسمية والنفسية وسلامة الزائر الصحية. فانّ بعض الزوّار يؤذي المريض بطول الزيارة والجلوس وكثرة الكلام، لذا ورد في الارشاد النبوي الكريم: "خير العيادة أخفّها". وورد عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً: "العيادة فواق ناقة". بل يشتدّ الحثّ على تخفيف الزيارة والرغبة في قصر المكوث عند المريض ما لم يحبّ البقاء عنده في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنّ أعظم العيادة أجراً أخفّها". وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ من أعظم العوّاد أجراً عند الله لمن إذا عاد أخاه خفّف الجلوس، إلاّ أن يكون المريض يحبّ ذلك ويريد، ويسأله ذلك".وهكذا تتكامل قواعد وأصول الادب الاجتماعي في زيارة المريض متفاعلة مع أبعاد الحالة النفسية والعقيدية ومعطية أفضل النتائج الاجتماعية بما تزرعه من حبّ وتعارف وإشعار بروح الاخوّة والمواساة. واما عيادة المرأة الأجنبية : فلا حرج في عيادة الرجل المرأة الأجنبية ، أو المرأة الرجل الأجنبي عنها ، إذا توفرت شروط : التستر ، وأمن الفتنة ، وعدم الخلوة . قال الإمام البخاري : " فى باب عيادة النساء الرجال , وعادت أم الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار " . ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أنها عادت أبا بكر وبلالاً رضي الله عنهما لما مرضا في أول مقدمهم المدينة. وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ رضي الله عنهم بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( انْطَلِقْ بِنَا إلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا , وَذَهَبَا إلَيْهَا ). قال ابن الجوزي : " وَالأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لا يُخَافُ مِنْهَا فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ " . واما عيادة الكافر : فلا حرج في عيادة المشرك إذا ترتب على ذلك مصلحة , فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم غلاماً يهودياً ودعاه إلى الإسلام فأسلم . رواه البخاري . وحضر النبي صلى الله عليه وسلم موت عمه أبي طالب فدعاه إلى الإسلام فأبى. متفق عليه . والمصلحة في ذلك قد تكون دعوته إلى الإسلام , أو كف شره أو تأليف أهله ونحو ذلك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق