بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 مارس 2010

يا قدس صبرًا إن مع العسر يسرًا

المسجد الأقصى المبارك هو أول قبلة للمسلمين في صلاتهم، كما يعتبر ثالث المساجد بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومن خصائص هذا المسجد المقدس أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة عما سواه من المساجد وهو احد المساجد التى لا تشد الرحال الا اليها فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" اللهم ارزقنا صلاةً فيه .وقد وردت عدة أحاديث نبوية في فضل المسجد الأقصى؛ منها:ما أخرجه الإمام أحمد أَنَّ مَيْمُونَةَ مَوْلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: "أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ؟ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ". وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: "المسجد الحرام" قلت: ثم أي قال: "المسجد الأقصى" (رواه البخاري ومسلم والنسائي) وعن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" أو "وجبت له الجنة"، ثم قال أبو داود بعد الحديث: يرحم الله وكيعًا أحرم من بيت المقدس، يعني إلى مكة") رواه أبو داود(, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، إِلا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ (ضيق المعيشة)؛ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِس".
واما تاريخ المسجد الأقصى فهو تاريخ الأنبياء من لدُن آدم عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي عرج به إلى السماء من ذلك المكان المبارك. وأرض فلسطين أرض مباركة بنص القرآن الكريم ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )الإسراء: من الآية 1)، وقال تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾)الأنبياء: من الآية 71)، ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ (الأنبياء: من الآية 81). قال ابن كثير: بلاد الشام، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً﴾ (سبأ: من الآية 18). قال ابن عباس: القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدس، (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم). وكان أول عهد القدس بالفتح الإسلامي في عهد الفاروق رضي الله عنه، ورفض أهلها إلا أن يسلِّموا مفتاح المدينة لعمر بن الخطاب شخصيًّا، فلما جاءه الخبر ركب إليهم، ولم يبدل من مظهره ولا من مركبه؛ لأن عزة الإسلام كانت تملأ قلبه، فتنعكس على محياه هيبةً وإجلالاً، فَقَدِمَ عليهم بثوبه المرقع أخذًا بلجام دابته التي يركب عليها مولاه، وهو يخوض في الطين رضي الله عنه، فتسلم المفتاح وكتب لأهلها العهد المشهور، ودخل دخول الفاتحين، ولما دخل بيت المقدس وجد على الصخرة زبالة عظيمة؛ لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها، مقابلة لليهود الذين يصلون إليها، فأمر بإزالة النجاسة عنها. وكان أول سقوط للقدس في أيدي الصليبيين في عام 492هـ؛ حيث سلم القائد الفاطمي افتخار الدولةأخزاه الله- القدس، ودفع أيضًا مبلغًا من المال للقائد الصليبي ريموند مقابل الإبقاء على حياته وحرسه الخاص، وترك الصليبيين يذبحون أهل القدس؛ حيث قتلوا بالمسجد وحده ما يزيد على سبعين ألفًا وغيّر المجرمون من معالم المسجد، فجعلوا جزءًا منه كنيسةً وجزءًا سكنًا لفرسانهم، وبنوا بجواره مستودعًا لأسلحتهم، أما مسجد الصخرة؛ فحولوه إلى كنيسة، ونصبوا فوق القبة صليبًا كبيرًا. فانظروا إلى الفرق بين اليوم الذي تمكَّن فيه المسلمون؛ حيث كان يوم أمن وأمان، ويوم أن تمكن الصليبيون كيف جعلوه يوم موت ودماء. و لقد قيض الله للمسجد الأقصى المبارك القائد المؤمن صلاح الدين الأيوبي، وكانت عودة المسجد الأقصى إلى مكانها الطبيعي في حيازة المسلمين يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب عام خمسمائة وثلاثة وثمانين للهجرة، واستمر في عز المسلمين حتى كانت المؤامرة الدولية على الأرض المباركة وتسليمها لليهود. أيها الموحدون إن تربية الأولاد من بنين وبنات على أن يعيشوا هموم أمتهم، وأن يشعروا بأن المسلمين جسد واحد فيه عز هذه الأمة، فلا شك أن هناك فرقًا كما بين السماء والأرض بين من نشأ لا يهتم إلا بشهواته ورغباته، وبين من نشأ وقلبه يعتصر ألمًا على أحوال أمته فيسعى للصلاح، فلنجعل قضية القدس حاضرة في قلوب أبنائنا، ولنربي في كل واحد منهم أنه صلاح الدين المنتظر، أعلموهم أنه لن يتحقق ذلك فيهم بالتمني وإنما بطاعة الله والاستقامة على دينه؛ ولعل في النماذج التي يقدِّمها إخواننا في فلسطين وغيرها خير مثال على ذلك.
فواجبنا تجاهالأقصى؟:استحضار نية الجهاد، والاستعداد للشهادة، والتضحية في سبيل حرية الأرض وتطهيرها من نجاسة اليهود، فقد جاء في السنة النبوية "من سأل الله الشهادة بصدق؛ بلغه منازل الشهداء، وإن مات على فراشه، ومن مات ولم يغز ولم يحدِّث نفسه بغزو مات على شعبه من النفاق".. وفي رواية أخرى.. "مات ميتة الجاهلية". فلنمدُّ يد العون بكل ما نستطيع لإخواننا المرابطين المجاهدين في سبيل الله الصابرين الصامدين، ففي الحديث الصحيح: "من جهَّز غازيًا وخلفه في أهله بخير فقد غزا". وايضا الدعاء، وهو السلاح الذي لا يستطيع أحد أن يسلبه من المؤمنين، فعلى المسلم ألا يغفل الدعاء لإخوانه المجاهدين بظهر الغيب، وأن يجأر إلى الله تعالى بأن يرد المسجد الأقصى وفلسطين إلى أمة الإسلام، وأن يخلصها من أيدي اليهود الغاصبين. وايضا مقاطعة اليهود الغاصبين ومن يعاونهم على امتلاك أرضنا واستباحة دمائنا وأموالنا وأعراضنا، فتلك المقاطعة تؤدي بنا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي؛ حتى لا يكون اقتصادنا وغذاؤنا ودواؤنا وسلاحنا في أيدي أعدائنا. ثم الأمل في نصر الله، وعدم اليأس أو التأثر بافتراءات المغرضين والمثبطين. وإعداد الجيل المسلم، وعدم التسليم أو التفريط في الحقوق، والعمل على إبقاء القضية حية في نفوس الشباب والنشء وكل أبناء الأمة. واخيرا البعد عن المعاصي والذنوب والرجوع إلى الله، وليعلم كل منا أن ذنبه قد يكون سببًا لتأخير النصر، ولنضع نصب أعيننا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ )الرعد: من الآية11)
ومن المبشرات في القرآن الكريم والسنة المطهرة: قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾(9الصف) ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون﴾ (8الصف). ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ )التوبة) قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ )لأنفال: من الآية 36) . رواى مسلم في صحيحه، وأبو داود، والترمذي ، وابن ماجه، وأحمد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله زوى لي الأرض- أي جمعها وضمها- فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها" (رواه مسلم وأبو داود والترمذي( وروى ابن حبان في صحيحه: "ليبلغن هذا الأمر- يعني الإسلام- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلاًّ يذل الله به الكفر) "ذكره الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان( وروى أحمد، والدارمي، وابن أبي شيبة، والحاكم ووافقه الذهبي، عن أبي قبيل قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص، وسُئل: أي المدينتين تُفتح أولاً: القسطنطينية أو روميَّة؟ فدعا عبد الله بصندوق له حَلَق قال: فأخرج منه كتابًا، قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تُفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مدينة هرقل تفتح أولاً" يعني: قسطنطينية (رواه أحمد(. وما رواه أحمد والبزار- الطبراني ببعضه- عن النعمان بن بشير عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا) الملك العاض أو العضوض: هو الذي يصيب الرعية فيه عسف وتجاوز، كأنما له أسنان تعضهم عضًّا(، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريةً )ملك الجبرية: هو الذي يقوم على التجبر والطغيان(، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة"، ثم سكت. ومن الواقع: ظهور الصحوة الإسلامية، التي أعادت للأمة الثقة بالإسلام، والرجاء في غد، وقد أقلقت أعداء الإسلام في الداخل والخارج، وهي جديرة أن تقود الأمة إلى مواطن النصر. فإن النصر قريب، وإن الفرج لآتٍ، وإن مع العسر يسرًا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200 آل عمر)، وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ (غافر: من الآية 51). اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل- اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب؛ اهزم النصارى واليهود المحاربين للإسلام والمسلمين، اللهم اهزمهم وزلزلهم, اللهم اقذف الرعب في قلوبهم, اللهم فرِّق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم خالف بين آرائهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، يا قوي يا قادر، اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين، اللهم أرسل عليهم الرياح العاتية, والأعاصير الفتاكة, والقوارع المدمرة، والأمراض المتنوعة, اللهم أشغلهم بأنفسهم عن المؤمنين، شل أركانهم، واعْمِ أبصارهم، وأنزل عليهم البلاء والوباء، واجعل تدبيرهم تدميرًا لهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، واجعلهم عبرة لمن لا يعتبر، وعجِّل بهزيمتهم، واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، "اللَّهُمَّ إنَّا نَجعَلُكَ في نُحُورِهِم، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق